فكرة قرأتها في كتاب: هل
يتطابق أو يتناقض السلفيون المعاصرون مع السلف الصالح؟ حلقة عدد 2 من سلسلة علي
حرب. نقل دون تعليق مواطن العالَم د. محمد كشكار
تاريخ أول إعادة نشر على النت:
حمام الشط في 5
سبتمبر 2012.
كتاب "ثورات القوة
الناعمة في العالم العربي. من المنظومة إلى الشبكة."، علي حرب، الدار العربية
للعلوم و النشر، الطبعة الثانية 2012، 240 صفحة.
نص علي حرب
صفحة 204: من حيث العلاقة مع السلف. فالإسلاميون يدّعون بأنه لا
صلاح و لا نهوض إلا بالرجوع إلى السلف و التماهي مع الأصل، أكان آية أم حديثا أم
سيرة. و لكن هناك فارق كبير بينهم و بين القدامى. نعم هم يشبهونهم من حيث الرمز و
الطقس أو الحرف و الشكل. و لكن ما أبعدهم عنهم من حيث القدرة و المبادرة و الحيوية
و الفاعلية. إذ الأُوَل كانوا فاتحين، خلاّقين، مؤسسين، عالِمين، ليبراليين، فيما
الخَلَف هم الآن مقلّدون، جاهلون، محافظون، مُدّعون، عاجزون.
هذا وجه للاختلاف، و الوجه
الأهم هو أن الإسلام نفسه قد خضع، في عصور ازدهاره، لسلسلة من التحولات، تفسيرا و
تأويلا، أو تبديلا و نسخا، بحيث لم يبق على ما هو عليه، و لم يثبت على حال، بل كان
يتغير و يتبدل من عصر إلى عصر و من مكان إلى آخر.
يشهد على ذلك الفارق بين
إسلام الصحابة و إسلام العلماء في القرون اللاحقة، إذ تقف بينهم طفرات و تحولات أو
قطائع صنعتها مجريات الوقائع و صروف الزمن، فضلا عن المصادر و الروافد الآتية من
الحضارات السابقة، و التي نهل منها الفكر الإسلامي و استثمرها في منظوماته
الكلامية و أنساقه الفقهية، من منطق أرسطو إلى الإشراق الفارسي، و من الروحانية
المسيحية إلى مقولة الفناء البوذية.
من هنا فالدعوى الأصولية،
دعوى المماهاة و التطابق أو الاستعادة و التطبيق، هي دعوى نسيجها الوهم و الخداع،
و مآلها انتهاك الأصول و الثوابت باسم الدفاع عنها. طبعا هناك ثوابت، على الأقل
على صعيد النص و الحرف و الرمز، و لكن العلاقة مع الثوابت هي دوما ملتبسة و متحركة،
مفتوحة، سلبا أو إيجابا، قد تُترجم تخلفا أو تقدما، فقرا أو غنى، دمارا أو بناء...
صفحة 209: و اليوم، إذ يعود الإسلاميون إلى السلف، كلٌّ إلى فقهه
و عقائده، لصناعة الحياة و بناء الدول، فإنها ستكون عودة مرعبة تُستعاد فيها
الصراعات و الفتن، بسبب الذاكرات المشحونة و الموتورة، على نحو أشرس، عنفا و
إرهابا، أو تمزّقا و تفكّكا. و لا غرابة، فهذا هو مآل كل عقل أصولي و منطق
اصطفائي: احتكار الحقيقة، و العمل على استئصال المختلِف و المعارِض رمزيا و
سياسيا، أو جسديا و ماديا. هذا ما تعطيه الهوية عندما تُمارس كقوقعة، أو محكمة، أو
نزعة نرجسية، أو محمية عنصرية. إنها تتحول إلى داء و عُصاب، أو إلى فخ و مأزق.
إمضاء م. ع. د. م. ك.
بكل شفافية، أعتبر نفسي ذاتا حرة مستقلّة مفكرة و بالأساس مُنتقِدة، أمارس قناعاتي الفكرية
بصورة مركبة، مرنة، منفتحة، متسامحة، عابرة لحواجز الحضارات و الدين و العرق و
الجنس و الجنسية و الوطنية و القومية و
الحدود الجغرافية أو الأحزاب و الأيديولوجيات.
على كل مقال سيء، نرد بمقال
جيد، لا بالعنف المادي أو اللفظي أو الرمزي.
Aucun commentaire:
Enregistrer un commentaire