mercredi 11 décembre 2013

إن بعض الظن إثم (قرآن كريم)، صدق الله العظيم. نقل دون تعليق (دون تعليق) مواطن العالَم د. محمد كشكار

"إن بعض الظن إثم" (قرآن كريم)، صدق الله العظيم. نقل دون تعليق (دون تعليق) مواطن العالَم د. محمد كشكار

المصدر:
مسرحية "ملحمة السراب"، سعد الله ونّوس (مسرحي سوري)، دار الآداب للنشر و التوزيع، بيروت، الطبعة الثانية عام 2002، 160 صفحة.

نص الكاتب:
الفصل الثاني (بيع الأراضي يثير في القرية هيجانات و صدامات... و قابيل يقتل أخاه هابيل)، مشهد 6 (ركن نصف معتم تتراقص فيه ألسنة من ظلال داكنة الزرقة، يبدو عبود الغاوي وخادمه الأحدب مثل شبحين. و ثمة تغيير طارئ و غريب قد ألمّ بهما و لا سيما الخادم)

صفحة 62:
الخادم الأحدب: حين سمعتك تتحدث مع الشيخ عباس، تذكرت تلك الليلة الثلجية، التي كنت تسهر فيها على جثمان أخيك.
عبّود الغاوي: و من أعماق روحي كنت أناديك.
الخادم: لبيت النداء. و عقدنا ميثاقا ممهورا بالدم. أليس بيننا ميثاق؟
عبود: نعم.. بيننا ميثاق، لم أشعر يوما بالخوف أو الندم على توقيعه.
الخادم: و هذا ما يجعلني أتفانى في خدمتك، وفّرت لك ما تحتاجه من الثراء و القوة.
عبود: و بالمقابل أهديتك روحي اللطيفة.
الخادم: هدية ثمينة أخشى أن تنزلق من بين يدي في لحظة غفلة.
عبود: دع التلميح، و أفصح. ما الذي يضايقك؟
الخادم: لا أعلم أن خطتنا تتضمن بناء الجوامع.
عبّود: ا.. الجامع! معك حق. هذا إلهام جاءني هنا. و لكن ليس هناك ما تخشاه.
الخادم: هل تسخر مني؟ تريد أن تبني جامعا، و تقول لي ليس هناك ما تخشاه!
عبود: أتظن أنه سيكون مكانا للتقوى، ومعاكسة مشاريعنا!
الخادم: وماذا يكون إذا؟
عبود: هذا السؤال لا يليق بخبرتك و نباهتك. ألا تلاحظ ما يحدث حولنا؟ لن يدخل الجامع إلا رجال يبتغون الدنيا لا الآخرة. تقواهم رياء، و صلاتهم زلفى. رجال أفسدت إيمانهم الأطماع و الشهوات، و لا يذكرون الله إلا لمنفعة من ثروة أو سلطة.. و بعد بضع سنوات أو أقل، سيكون هذا الجامع حاضنة تفرّخ القتل و التعصب و الظلام. نعم.. في هذا الجامع سيكون للشيطان نصيب أوفى من نصيب الله.
الخادم: أكنت تدرك هذه الحقائق كلها، حين اقترحت بناء الجامع؟
عبود: و كنت أدرك أيضا أن اقتراحي سيضاعف مصداقيتنا، و أن بناءه سيوفر لنا موقعا مهما لإدارة الأعمال و ضمان نجاحها.
الخادم: لست نادما لأني اصطفيتك، و لبيت نداءك. قل لي.. هل تشعر أنك تتحسن؟
عبود: لا أدري بعد.. على كل، إني أتسلى. هذه أول مرة أخالط فيها الناس، و أبادلها الأحاديث و النظرات.
الخادم: يسعدني أنك تتسلى. و لكن مخالطة الناس لا تخلو من خطر.
عبود: و ما هو هذا الخطر؟
الخادم: أن تنزلق تحت وطأة النظرات و الأحاديث إلى التعاطف.
عبود: لا تخف، ما يجذبني، و يسلّيني هو الطرافة لا أكثر.
الخادم: إذن. تسلّ.. كما تشاء. و أعدك أن تكون التسلية الكبرى من إعدادي و تحضيري (يخرج مرآة يمسحها، و يهزها بطريقة معينة، حتى تصفو، و تتجلى فيها صورة رباب.) تأمّل هذا الوجه، الذي يتفجر سحرا و جمالا.
عبود: (تبرق عيناه) حقا! إنها آية ساحرة.
الخادم: هل أعجبتك؟
عبود: (و هو يجاهد كي ينتزع عينيه من المرآة) لا.. لم نأت كي نبحث عن اللذات، بل كي نتجدد.
الخادم: ليكن.. حين تتجدد دماءك، ستكون تسليتي في انتظارك.
عبود: بدّد هذه الظلال. و أخرجني إلى الضوء.
(تتراقص الظلال و الأضواء الشاحبة ثم تنطفئ الإضاءة)
انتهى المشهد 6

الإمضاء
"لا أحد مُجبر على التماهي مع مجتمعه. لكن إذا ما قرّر أن يفعل، في أي ظرف كان، فعليه إذن أن يتكلم بلسانه (المجتمع)، أن ينطق بمنطقه، أن يخضع لقانونه"، عبد الله العروي.
"المثقف لا يجيد فعل شيء على الإطلاق، اللهم، إلا الإنتاج الرمزي، وإنتاج الأفكار و الكلمات. غبر أن هذه الأفكار تحتاج لما يجسدها لكي تصبح موجودة، لكي تصبح قادرة على تغيير الواقع، أي أنها تحتاج لحركات اجتماعية"، جان زيغلر.
"يخون المثقف وظيفته، إذا كانت هذه الأخيرة تتقوّم بالرغبة في التأثير على النفوس"، ريجيس دوبريه.
"ما أسهل أن نرتدي عباءة أجدادنا  و ما أصعب أن تكون لنا رؤوسهم"، مطاع الصفدي.

م. ع. د. م. ك.:
يطلب الداعية السياسي أو الفكري من قرائه أن يصدقوه و يثقوا في خطابه أما أنا - اقتداءً بالمنهج العلمي - أرجو من قرائي الشك في كل ما أطرح و أنقل و أنشر من إشكاليات و أنتظر منهم النقد رغم أن الشكر يفرحني كأي بشر، لذلك لا يضيرني إن قرأني واحد أو ألف لكن يبقى الكاتب منعزلا إذا لم يكن له قارئ ناقد.
لا أقصد فرض رأيي عليكم بالأمثلة و البراهين بل أدعوكم بكل تواضع إلى تجريب وجهة نظر أخرى، و على كل مقال سيء نرد بمقال جيد، لا بالعنف المادي أو اللفظي أو الرمزي.

تاريخ أول إعادة نشر على مدونتي و صفحتيّ الفيسبوكيتين: حما الشط، الأربعاء 11 ديسمبر 2013.


1 commentaire:

  1. غادرنا سعد الله ونوس سنة 1997، و في جملته التالية و كأنه يتنبأ بما يقع الآن في سوريا حيث: "الجامع حاضنة تفرّخ القتل و التعصب و الظلام. نعم.. في هذا الجامع سيكون للشيطان نصيب أوفى من نصيب الله".

    RépondreSupprimer