يبدو لي أن حزب حركة النهضة
التونسي الحاكم عجز عن تطهير القضاء من القضاة و المحامين المشاركين في الفساد
النوفمبري، فجمّل عجزه و سمّاه عدالة انتقالية! نقل دون تعليق مواطن العالَم د.
محمد كشكار
المصدر:
كتاب "برج الرومي: أبواب
الموت"، سمير ساسي (سجين نهضاوي)، منشورات كارم الشريف، المغاربية للطباعة و
إشهار الكتاب، الطبعة الأولى، 2011، تونس، 175 صفحة.
نص الكاتب صفحة 69:
تأملونا جميعا ثم أجلسونا و
أفردني سيدهم القاضي بالوقوف ليسرد على مسمعي ما كتب على ورقة أمامه قال إنني
أمضيت عليها بمحض إرادتي عند رئيس الشرطة أقر فيها أنا فخر الدين بن يوسف بأنني في
يوم من أيام الشتاء الفارط أجمعت و ثلة من الشباب معي أمرنا على حين غفلة من عسس
المدينة فأحرقنا وكسرنا و أفسدنا كل ما اعترض سبيلنا ثم إنه لما دعاني رئيس الشرطة
لم أنكر فعلتي هذه و افتخرت بها لكوني أول من خرج على الوالي لظلمه و تعديه حسب
زعمي و على هذا أقفل محضر الشرطة في ساعته و تاريخه. ثم سألني القاضي و قد كنت
لحظتها أبحث عن إرادتي في قسم الشرطة التي حدث القاضي أنني أمضيت بمحضها على ما
كان يتلوه. و تذكرت يومها كيف طلبت مني عصا الجلاد بعد أيام من المداعبة أن أدع
إرادتي لدى حافظ الأثاث في القسم حتى لا تتلوث بأوساخ الزنزانة فلما فعلت مكرها
جيء لي بهذه الورقة فانتبهت و القاضي يكرر سؤاله:
-
ما قولك فيما سمعت؟
-
يا سيدي القاضي أنا..
-
نعم... قاطعني القاضي.
-
أنت من خططت و دبرت و فعلت فعلتك التي فعلت ثم أقررت و
ليس لك اليوم من محيص.
فعجبت له يسألني و يجيب نفسه
و همست إلى نفسي: ألم يقل كبير العسس أن القاضي سوف ينظر في أمركم دون ضغط و لا تأثير
فما باله يقر تهمتي دون أن يسمعني أو يتثبت و قلت له:
-
ليس الأمر كما تظن يا سيدي القاضي.
-
أنا لا أظن بل أعتقد و أحكم باليقين بعد أن أتبين. و قد
فعلت و بدا لي أنك مخطئ. و قد تقرر بعد النظر و الاستماع إلى المتهم و إلى لسان
الدفاع الذي حضر و أدلى بما رآه صالحا، تقرر رفع الجلسة للمفاوضة و التصريح
بالحكم.
رفعت الجلسة و رفع معها أمل
كاذب ألقته في روعي طيبة كامنة في فؤادي من زمن والدي راودتني كثيرا عن نفسي:
-
لا تحقد و لو سربلت في كفن.
-
كيف لا أحقد و هذه أعمالهم و أحوالنا، مظلمة كل زوايا
مدينتنا لا أرى بصيص نور. حتى القاضي أدانني قبل أن يسمعني، كبير العسس كان أرحم
منه لأنه منسجم مع مهمته، جلاد لا يعرف إلا السوط و العصا و قد تعجب إذا رأيت بين
يديه كتابا. و لكن القاضي ما شأنه استبدل الذي هو أدنى بالذي هو خير؟
تاريخ أول نشر على مدونتي و
صفحتيّ الفيسبوكيتين: حمام
الشط، الخميس 5 ديسمبر 2013.
Aucun commentaire:
Enregistrer un commentaire