mercredi 11 décembre 2013

لو لم تختلف الذوات و العقول و الآراء، لانعدمت الدلالة و مات المعنى و لَسيطر الخواء و الاستبداد. نقل دون تعليق مواطن العالم د. محمد كشكار

لو لم تختلف الذوات و العقول و الآراء، لانعدمت الدلالة و مات المعنى و لَسيطر الخواء و الاستبداد. نقل دون تعليق مواطن العالم د. محمد كشكار

تاريخ أول نشر على النت: حمام الشط في 7 ماي 2012.

كتاب "خطاب الهوية. سيرة فكرية"، علي حرب، الطبعة الأولى 1996، دار الكنوز الأدبية، بيروت لبنان، 176 صفحة.

نص علي حرب:
صفحة 43:
فاتضح له أن لا تستقيم هوية للأنا من دون الآخر، و أن الوعي بالذات يمر بالضرورة عبر الغير، و أيقن أن الآخر حاضر في الذات بقدر ما هو غائب، و قريب بقدر ما هو بعيد. إذ الغير هو الوجه الباطن لنا و هو ما كنّاه أو ما يمكن أن نكونه. و استقر عنده أن لا تشابه بإطلاق و لا تباين بإطلاق.

و عند ذلك تبدلت نظرته للمغايرة و الاختلاف و أدرك أن الاختلاف هو الأصل في يقظة الوعي و تجدد الفكر و تطور الحياة. و تأيد ذلك عنده بما نطقت به الآية في صدد الاختلاف: "إن في اختلاف ألسنتكم و ألوانكم لآيات للعالمين"، و غيرها من الآيات التي تتحدث عن اختلاف الشعوب و القبائل، و اختلاف الذكر و الأنثى، و اختلاف الليل و النهار. فتفكر في معاني تلك الآيات و حاول قراءتها من جديد. فانكشف له أن الاختلاف يولد المعنى و يخلق الدلالة. فلو لم تتميز الأشياء بعضها عن بعض، لما كان ثمة إمكان لمعرفة شيء. و لو لم تتبدل الأشياء و تتغاير لما كان ثمة تجدد و تطور. و ما لم يختلف الناس بعضهم عن بعضهم في أجناسهم و ألوانهم و ألسنتهم، لما كان ثمة إمكان للتعارف. و لو لم تختلف الذكورة و الأنوثة لانتفت الغرابة و الدهشة و لحلّت التفاهة و البلادة. و لو لم تختلف الذوات و العقول و الآراء، لانعدمت الدلالة و مات المعنى و لَسيطر الخواء و الاستبداد. فأيقن عندئذ أن الاختلاف آية من آيات الخلق و سبيل إلى التجدد و التطور و أداة للتعارف، و أن به تتولد الدلالة و ينبجس المعنى. و هو نعمة و رحمة.

الإمضاء
على كل سلوك غير حضاري نرد بسلوك حضاري، و على كل مقال سيء نرد بمقال جيد، لا بالعنف اللفظي أو المادي.

أكتب و أنقل و أنشر للمتعة الفكرية و للمتعة الفكرية فقط، لا أكثر و لا أقل، و لكن يسرّني جدا أن تحصل متعة القراءة أيضا لدى قرّائي الكرام و السلام. 

Aucun commentaire:

Enregistrer un commentaire