vendredi 13 décembre 2013

فكرة قرأتها في كتاب: هل أصبح التديّن الإسلامي العربي المعاصر المحنّط أفيونا للشعوب العربية؟ نقل و تعليق مواطن العالَم د. محمد كشكار

فكرة قرأتها في كتاب: هل أصبح التديّن الإسلامي العربي المعاصر المحنّط أفيونا للشعوب العربية؟ نقل و تعليق مواطن العالَم د. محمد كشكار

تاريخ أول نشر أو إعادة نشر على مدونتي و صفحتي الفيسبوكية: حمام الشط في 30 أوت 2012.

المصدر:
كتاب "دين ضد الدين"، تأليف علي شريعتي (الشهيد الدكتور علي شريعتي، إيراني قروي، تخرج من جامعة السوربون و اختصاصه علم الاجتماع الديني)، ترجمة حيدر مجيد، مؤسسة العطار الثقافية،  دار الفكر الجديد، العراق، النجف الأشرف، الطبعة الأولى 2007، 225 صفحة.

تنبيه ضروري:
ما أنشره في هذه السلسلة من نقل و تعليق، تحت العنوان المشترك "فكرة قرأتها في كتاب"، لا يمثل بالضرورة موقفي الفكري بل هو عبارة عن مذكّرة خاصة، أعتمدها شخصيا عند الرجوع إلى الكتاب الأصلي. لا تغني هذه المذكرة عن قراءة الكتاب كاملا. يجب إذن توخّي الحذر الشديد في التعامل مع ما ورد فيها لأن لا تصل إليكم فكرة الكاتب ناقصة أو مشوّهة. أنشر هذه السلسلة مساهمة مني في رد الاعتبار لفن ثامن في طريق الانقراض، اسمه "مطالعة الكتب" و فكرة الكتاب تلزم الكاتب و لا تلزم الناقل دون أن نتغافل عن كون الأفكار هي وقائع فكرية تستقل عن قائلها.

نص علي شريعتي:
أبدأ بملاحظة منهجية تتمثل في تعريف مصطلح "دين الشرك" حسب علي شريعتي، "المصطلح - المفهوم" الذي يستعمله الكاتب كثيرا في كتابه:

صفحة 76:إذن عندما أتحدث عن الشرك فإني لا أتحدث عن الدين الذي كان سائدا في الماضي و الذي يتجلى في عبادة بعض الحيوانات أو الأشجار أو الأصنام بل إن المقصود من دين الشرك في كلامي هو: الشعور الديني لدى الناس و الذي كان لعبة في يد الملأ - هم القادة الفكريون، القادة السياسيون، القادة الاجتماعيون، حاشية و أقارب السلطان - و المترفين الذين حكموا المجتمعات عبر التاريخ الطويل.

صفحة 49: و لكن أي دين هذا؟ إنه الدين الذي هيمن دائما على التاريخ- سوى حقب زمنية قصيرة لمعت كالبرق ثم انطفأت - إنه دين الشرك مهما كانت أسماؤه و مسمياته، حتى و لو سمي بدين التوحيد أو دين موسى أو دين عيسى أو ما اصطلح عليه بخلافة النبي أو خلافة بني العباس أو خلافة أهل البيت أو غير ذلك من الأسماء و المسميات. إنه دين شرك و دعاة هذا الدين مشركون جاؤوا بلباس الدين و باسم الدين و الجهاد و القرآن. ألم يرفع أتباع هذا الدين القرآن على رؤوس الرماح؟ إن الذين رفعوا القرآن على الرماح هم القريشيون أنفسهم الذين جابهوا نبي الإسلام للبقاء على عبادة اللات و العزى. إلا أنهم لم يقدروا على حفظ ذلك الوضع فتسللوا بين صفوف المسلمين ليرفعوا القرآن على الرماح و يضربوا عليا تلك الضربة القاضية، تلك الضربة التي ضربوا بها الله و الرسول.
لقد حكم دين الشرك باسم الإسلام و باسم خلافة الرسول و آله و باسم القرآن كما حكم في القرون الوسطى باسم عيسى و موسى الذين أرسيا دعائم دين التوحيد في التاريخ.

ملاحظة م. ع. د. م. ك: أعبّر عن تحفظي حول استعمال الكاتب علي شريعتي لمصطلح "دين الشرك" في كتابه "دين ضد الدين":
بطبيعة الحال أنا لا أزايد على الفيلسوف الإسلامي المختص في علم اجتماع الدين في اختيار مصطلحاته و مفاهيمه، لكن لو كان النص من إنتاجي - و هذا مستحيل لأنني لست فيلسوفا مثله - لخيّرت استعمال مصطلح "التدين المزيّف لدى بعض المسلمين" عوض مصطلح "دين الشرك" لأن شرك المخلوق لا يعلمه إلا الخالق، مع العلم أنني لا أشك أن الكاتب قد  تحرّى و احترم منهج البحث العلمي الحديث و عرّف مصطلحه بما فيه الكفاية و بما لا يدع مجالا لسوء الفهم أو غموض التأويل لدى القارئ.

صفحة 46: "الدين أفيون الشعوب"
العوامل الأساسية لدين الشرك - كما يعددها الإلحاديون بحق - هي الجهل و الخوف و المالكية و التمييز الطبقي. إن هذه الأمور التي يذكرها الإلحاديون هي حقائق لا يمكن إنكارها و إن قولهم: "الدين أفيون الشعوب جاء ليخضع الناس للذل و الهوان و الجهل و التخلف و المصير المجهول" هو قول صحيح لا يمكن إنكاره و النيل منه.

صفحة 49: إذن فالكلام الذي أطلق في القرن التاسع عشر بأن الدين هو أفيون الشعوب (إضافة م. ع. د. م. ك: و هذه هي نفسها قولة ماركس على ما أذكر) و أنه جاء ليروض الناس على الحرمان و الشقاء في هذه الدنيا باسم الاعتقاد بما بعد الموت و يقنعهم بأن كل شيء يحدث هو من عند الله و بمشيئته و إن كل محاولة لتغيير هذا الوضع هي مخالفة لإرادة الرب و مشيئته و عصيانا لأمره، هو كلام صحيح بحد ذاته. و كذلك قول علماء القرن الثامن عشر و التاسع عشر بأن الدين هو وليد جهل الناس و عدم اطلاعهم على الحقائق و العلوم أو قولهم: "إن الدين هو وليد مخاوف الناس" أو قولهم: "إن الدين وليد التمييز و الحرمان في عهد الإقطاع".

صفحة 50: إن الدين التبريري و الدين التخديري و الدين الرجعي و الدين الذي لا يهتم بأمور الناس هو الذي حكم المجتمعات البشرية عبر التاريخ. إذن لا بد أن تصدق الذين قالوا أن الدين هو وليد المخاوف و الإقطاع و أنه تخديري و رجعي لأنهم استنبطوا ذلك من التاريخ، غير أنهم لم يعرفوا الدين حق معرفته لأنهم لم يكونوا متخصصين بمعرفة الدين بل كان حقل تخصصهم التاريخ و كل من يراجع التاريخ يرى هذه الحقيقة متجلية في الأديان جميعا، سواء تلك التي حكمت باسم دين التوحيد أو تلك التي حكمت بصراحة باسم دين الشرك.

صفحة 51: رأيت أن هذا الدين - أي دين الشرك - هو حقا وليد خوف الناس و جهلهم. لماذا؟ لأن أتباع هذا الدين (أي أولئك الذين يروجون دين الشرك) يخشون دائما يقظة الناس و وعيهم. إنهم يريدون أن تكون العلوم و المعارف مقتصرة على الأشياء الثابتة و الدائمة و يكون هذا أيضا خاص بهم و لا يبيحوا بسره لغيرهم. و ذلك أن دين الشرك سيتلاشى بتطور العلم و اتساع رقعته لأنه يقوم على أساس الجهل و الأمية. فإذا وعى الناس و نشطت روح الانتقاد فيهم و طالبوا بالعدالة و القسط و انبعث الأمل في نفوسهم ستتزلزل أركان هذا الدين. هذا الدين كان على مر التاريخ محافظا على الوضع الموجود، و كانت هذه مهمته قبل عهد الإقطاع و بعده، في شرق العالم و غربه.

صفحة 66: و علينا أن نعطي الحق لمفكري القرنين السابع عشر و الثامن عشر و كذلك القرن التاسع عشر حيث قالوا: "إن الدين كان أفيونا للشعوب على مر التاريخ" لأن هؤلاء وضعوا الدين الذي كان مهيمنا على التاريخ و علينا أن نؤيد مزاعم من قالوا: "إن الدين هو عامل لتبرير السلطة الاقتصادية و الاجتماعية التي تتمتع بها القلية ضد الأغلبية في التاريخ" إنهم على حق لأن الدين كان يبرر الوضع الموجود في عهد الإقطاع. و نرى هذه الحالة في كل المجتمعات و في كل المراحل التاريخية التي نجد فيها شكلا من أشكال الحكومة و الاقتصاد، فلقد كانت مهمة الدين تبرير الوضع الموجود عبر استغلال العقائد الدينية الراسخة في فطرة الناس.
و ما أكثر النماذج التي تؤيد هذا الكلام. فما عليكم إلا أن تختاروا حقبة من التاريخ لتلاحظوا الطريقة التي كان ينتهجها الدين في تلك الحقبة التاريخية. و لندرس هذه الحالة في إيران مثلا:

الدين في إيران:
حكم الدين على المجتمع الإيراني في العهد الساساني بشكل مباشر، فقد كان الملوك و الأمراء في هذا العهد يخضعون بشكل كامل لعلماء الدين و المعابد و كان النظام الطبقي سائدا في هذا المجتمع على النحو الذي لا يستطيع فيه أي شخص من الطبقة السفلى الارتقاء إلى طبقة أعلى بأي حيلة أو معجزة.

تعليق م. ع. د. م. ك. على فقرة "الدين في إيران في العهد الساساني" (يرجع تسمية الساسانيين إلى الكاهن الزرادشتي ساسان الذي كان جد أول ملوك الساسانيين أردشير الأول. الإمبراطورية الساسانية الاسمُ استعملَ للإمبراطورية الفارسية الثانية، (226 -651):
الدين في إيران المعاصرة: حَكَمَ التدين الإسلامي الشيعي المزيّف (أو دين الشرك حسب مصطلح علي شريعتي) على المجتمع الإيراني في العهد الحالي بشكل مباشر، رئيس الدولة المنتخب أحمدي نجاد و نواب الشعب المنتخبون ديمقراطيا و شعبيا و الوزراء المعينون في هذه الجمهورية الإسلامية الإيرانية، كلهم يخضعون بشكل كامل و أعمى و غير ديمقراطي و غير حداثي للمرشد الديني العام غير المنتخب ديمقراطيا و شعبيا و لآيات الله (دكاترة علوم الدين مثل آية الله الإمام الخميني قائد الثورة الإيرانية في 1979). آيات الله الذين يتخرجون من المدارس و الجامعات الدينية  في الحوزة العلمية في مدينة قُم الإيرانية أو في مدينة النجف الأشرف العراقية و لا زال النظام الطبقي سائدا في هذا المجتمع لكن على النحو الحديث، بروليتاريا و بورجوازية و الذي تغير فقط مقارنة مع العهد الساساني هو أن  أي شخص من الطبقة السفلى يستطيع الارتقاء إلى طبقة أعلى دون حيلة أو معجزة بل عن طريق الانتخاب الديمقراطي مثل ما صعد نجم أحمدي نجاد، رئيس الجمهورية الإسلامية الإيرانية الحالي أو ظهور الأغنياء الإيرانيين الجدد عن طريق الليبرالية الاقتصادية الإسلامية التي تبيح الاستغلال و تشرّع و تحلّل سرقة الرأسمالي للقيمة العمّالية المضافة، هذه القيمة التي يضيفها العامل يوميا من عرقه لكي يحوّل المادة الخام إلى مادة مصنّعة، يبيعها الرأسمالي في السوق و يدفع منها إلى العامل أجرة بسيطة لا تكفيه سد رمقه و إعادة إنتاج نفسه، مما ينتج عن هذا الظلم الاقتصادي المتمثل في تكديس رأس المال من فائض عمل و شقاء العامل و ليس بواسطة إشراف صاحب المصنع. المال لا يصنع المال أما العامل فهو الصانع الوحيد لكل الثروات المادية المنتجة أو المحولة المتواجدة في الأسواق و المنازل و الجامعات و الطرقات و البواخر و الطائرات. رجال الدين في إيران يرغبون في تأبيد الطبقية الاجتماعية التي نراها - بعض المسلمين المزيفين - قدرا محتوما كما يراها دعاة دين الشرك حسب تعبير علي شريعتي. و ما زالت الحوزة العلمية في النجف الأشرف تحوي كنوزا من الذهب، جُمعت من أموال الفقراء، جمعها آيات الله "المسلمون المزيفون" أو "المشركون" حسب مصطلح علي شريعتي مقابل تطمينات تُعطى للفقراء بدخول الجنة مثل ما فعل زملاؤهم المزيفون أيضا، رهبان المسيحية، الذين باعوا صكوك الغفران في القرون الوسطى إلى الفقراء مقابل ضمان مكان لهؤلاء الأخيرين في الجنة الموعودة بعد الموت البيولوجي و الفناء المادي.

استنتاجات الكاتب علي شريعتي:
صفحة 77: خطأ المفكرين
الخطأ الذي ارتكبه المفكرون يكمن في أنهم كانوا ينسبون إلى الدين كل شيء يرونه في التاريخ كالمعابد و الجهاد و الحروب المقدسة و الحروب الصليبية و الجهاد الإسلامي و ... و إننا - نحن المتدينين - كنا و ما زلنا نعاني من نفس الخطأ.
ذكرت آنفا أن للإسلام رأيا ثوريا في هذا المجال و أنه لا يقبل أيّا من هذه الآراء بل يعتقد أن دين الحق سيتحقق في نهاية المطاف و أن الأديان التي حكمت عبر التاريخ في شرق العالم و غربه كانت جميعا من أديان الشرك حتى لو كانت تحكم باسم دين التوحيد، و أن الأنبياء إنما بُعثوا لمحاربة هذه الأديان و أن دينهم الحق يمنح الإنسان المفكر الحر شعورا بالمسؤولية هو استمرار للمسؤولية التي كان يشعر بها الأنبياء أنفسهم. يقول النبي (ص): "علماء أمتي أفضل من أنبياء بني إسرائيلّ و يقصد بذلك أن المسؤولية التي كانت على عاتق الأنبياء ستقع على عاتق العلماء (أي المفكرين) بعد نبوة خاتم الرسل (ص)".

صفحة 80: أريد أن أقول: إن الرسالة التي حملها المفكرون و الأحرار في أوروبا في صراعهم مع دين القرون الوسطى و التي أنقذوا من خلالها أوروبا من التخلف و الرجعية هي الرسالة نفسها التي أخذها أنبياؤنا على عاتقهم عبر التاريخ.

صفحة 76: و نستنتج أن المفكرين في القرن السابع عشر و الثامن عشر و العصر الحاضر الذين قالوا أن الدين كان عاملا رئيسيا في شتات الناس و شقائهم و تثبيت القيد و الذلة و الضعف و الهوان كانوا محقين في الإدلاء بهذا الرأي لأنهم كانوا يرون الدين عائقا عن التطور و الرقي و الحرية و المساواة بين البشر.
و قد أثبتت التطورات المذهلة التي حققها البشر بع إقصاء الدين عن ميدان الحياة صحة هذه الآراء و التصورات بشكل علمي.

خلاصة: ما فهمته أنا - م. ع. د. م. ك. - من تحليل علي شريعتي:
لو لم يكن تحليل علي شريعتي صحيحا نسبيا فكيف نفسّر سلوكات و تصرفات بعض المسلمين في رمضان، شهر التقوى و الإيمان و الإحساس بفقراء المواطن و الأوطان، حيث تلتهب الأسعار و يكثر الاحتكار و يتغيب الموظف على المكتب و الدار و يسب الجار الجارَ  و لا يحترم الصغار الكبار!
أهذه هي مكارم الأخلاق الذي جاء ليتمّمها علينا رسولنا الأكرم، محمد - صلى الله علية و سلم - و أمرنا بتنفيذها حرفيا و أوصانا بعدم الابتعاد عن مقاصدها قيد أنملة؟
أليس ما يمارسه بعض المسلمين في رمضان في أسواقهم و في أعمالهم و في شوارعهم من غش و كسل و كلام بذيء، أليس هذا هو التدين المزيّف بعينه؟ و لن أقول - كما قال علي شريعتي - دين شرك لأن شرك المخلوق لا يعلمه إلا خالقه!

ماذا قال  الفيلسوف الوجودي الفرنسي جان بول سارتر في الفيلسوف الإسلامي الإيراني علي شريعتي:
قال: "أنا لا دين لي لكن لو خُيّرت، سوف أختار دين علي شريعتي".
تعليق م. ع. د. م. ك: بكل لطف أدعو القارئ أن يتمهل و يطّلع جيدا على دين علي شريعتي، دين الإسلام الحق و ليس دين الشرك، قبل أن يظلم الفيلسوفين في آن و يحكم خطأ علَى سارتر بالتنازل الفكري و التخلي عن الوجودية الملحدة بالله لفائدة دين مزيّف و محرّف سائد لدى بعض المسلمين في العالَم الإسلامي الماضي و الوسيط و المعاصر، و يحكم في الوقت نفسه على علي شريعتي بالكفر و الإلحاد أو التقية.

إمضاء م. ع. د. م. ك:
على كل مقال سيء، نرد بمقال جيد، لا بالعنف اللفظي أو المادي أو الرمزي.



Aucun commentaire:

Enregistrer un commentaire