dimanche 29 mars 2020

الواقعُ المَعِيشُ بين صورتِه الحقيقية وصورتِه المثالية في النصوصِ المقدّسةِ دينيًّا أو إيديولوجيًّا! مواطن العالَم



ما الضرَرُ مِن النظرِ في الواقعِ المَعِيشِ فقط من خلال صورتِه المثالية في النصوصِ المقدّسةِ دينيًّا أو إيديولوجيًّا؟
هل يجوزُ إنكار الصورة الحقيقية للواقع المَعِيش وتصديق الصورة التي تنقلها عنه النصوصِ المقدّسةِ دينيًّا أو إيديولوجيًّا؟
-         النص القرآني كرّمَ المرأة. لا أشك في ذلك، خاصة بالمقارنة مع الأديان والحضارات التي سبقته. ولكن هل أغلبيةُ مسلِمِي اليوم يُكرّمون نساءهم؟ أشك في ذلك!
-         النص الماركسي ألّهَ العاملَ اليدوي، صانِعُ الثروةِ. لا أنفِي ذلك. ولكن هل الأنظمة الشيوعية المنقرضة والحالية احترمت إلَهَهَا الذي اصطفته إراديًّا لنفسها؟ قَطعيًّا أنفِي ذلك!
-         النص القرآني يؤكد "إن الصلاة تنهى عن الفحشاء والمنكر".ولكن هل نهت الصلاةُ أغلبية مصَلِّي اليوم عن كل الفحشاءِ وكل المنكرِ؟ لستُ متأكدًا من ذلك!
-         الرسول محمد - صلى الله عليه - وسلم يعرّف المسلم كالآتي: "المسلم مَنْ سَلِمَ النَّاسُ مِنْ يَدِهِ ولِسَانِهِ". مَن وجدَ منكم مسلمًا واحدًا بهذه الصفات في الحركات الإسلامية المسلحة، فليدلني عليه وخاصة عند أشقائنا في ليبيا وسوريا والعراق؟ لِنَكُنْ متفائلين: يبدو لي أن أغلبية المسلمين المقِيمِين في الدول الإسلامية والدول العَلمانية هم على مكارم الأخلاق سائرون. والحمد لله أن هؤلاء الثانين يمثلون نسبة حوالي 40%  من الأمة الإسلامية في عالم اليوم.
-         النص الماركسي حرّر الإنسان من الاستلابِ والإيمانِ بالأوهامِ. نصٌّ رائعٌ. ولكن هل الأنظمة الشيوعية المنقرضة والحالية حرّرتِ الإنسان؟ على العكس استحدَثت لاستعبادِه أجهزةً حديثةً كالحزبِ الشيوعي الأوحدِ والزعيمِ الأوحدِ؟
-         النص الماركسي يقول: "مِن كُلٍّ حسب جَهْدِهِ، ولِكُلٍّ حسب حاجَتِهِ". قِمّةٌ في نكران الذات والتضحية الإرادية مِن أجل خدمة المجموعة الوطنية، وهذا ما فعله عمال واحة ستيل بجمنة دون أن يقرؤوا حَرفًا واحدًا من مؤلفات ماركس. لكن في الأنظمة الشيوعية المنقرضة والحالية، نحن رأينا ولا زلنا نرى أن العامل قدّمَ كلَّ جهده ولم يدّخر منه شيئًا، لكنه أخذ أقل من حاجته بكثيرٍ، أما أعضاءُ الحزب الشيوعي الحاكم 
(Nomenklatura en Ex-URSS, en Chine, en Corée du Nord, au Vietnam et à Cuba
فلم يُقدموا للعمالِ شيئًا وأخذوا في المقابل كل شيءٍ. وحال العمال في الدول الرأسمالية ليس أفضلَ بكثيرٍ حيث المستغِلُّ الأوحدَ أيضًا، اسمه طبقة الأغنياء التي تمثل نسبتها 1%  من سكان العالم تتنعم دون وجهِ حقٍّ بما تنتجه طبقة الفقراء  التي تمثل نسبتها 99%  من سكان العالم، باستثناء عمال الدول الأسكندنافية الاشتراكية الديمقراطية حيث قُلِّمَتْ مخالبُ الرأسمالي قليلاً وحيث تُراعَى حقوقُ العمال بصفة أفضل من باقي دول العالم الشيوعي والرأسمالي.
-         الحديث يقول: "لا يؤمن أحدكم حتى يحب لأخيه ما يحب لنفسه". أكاد أجزم أنه لم يبقَ للمسلمِ أخًا واحدًا من غير المسلمين يرغبُ في أخوته أو يتشرّفُ بها في العالم، وذلك مِن شر أفعال قلة من قليلة المسلمين!
-         النص القرآني يقول في صريح الآية أحادية الدلالة: " مَن قَتَلَ نَفْسًا بِغَيْرِ نَفْسٍ أَوْ فَسَادٍ فِي الْأَرْضِ فَكَأَنَّمَا قَتَلَ النَّاسَ جَمِيعًا وَمَنْ أَحْيَاهَا فَكَأَنَّمَا أَحْيَا النَّاسَ جَمِيعًا". واليوم -ويا للهولِ- نحن نرى بأعيننا على الفضائيات كيف يتفنن جلادو الحركات الإسلامية الإرهابية في قتلِ الناسِ جميعًا بضميرٍ مرتاحٍ وكأنهم يذبحون خروفَ العيد.

خاتمة: وإذا بدا للبعضِ منكم بعضُ الاختلافِ الظاهرِ بين حقيقة النص القرآني وحقيقة الواقع المعيش. فما الحل وما العمل؟ المؤمن المسلم سيجيب دون ترددٍ: "وكفى بالله شهيدًا". هو طبعًا على صوابٍ ولا يحق لأحدٍ لومه على امتثاله لأوامر الله دون جدلٍ أو نقاشٍ، وهو حسب رأيي غير الفقهي ليس في حاجة لأي دليلٍ مادي حتى يؤمن أو لا يؤمن، هو مؤمنٌ، بالعلم أو بدونه، مؤمنٌ، سانده العلمُ أو لم يسانده، "الإيمان نورٌ قذفه الله في القلب" كما قال حجة الإسلام الإمام أبو حامد الغزالي، قذفه قبل اكتسابِ الإنسانِ للعلم أو معه أو بعده.

إمضائي
"وإذا كانت كلماتي لا تبلغ فهمك فدعها إلى فجر آخر" (جبران)

تاريخ أول نشر على النت: حمام الشط، الأحد 4 ديسمبر 2016.



Aucun commentaire:

Enregistrer un commentaire