mardi 14 mai 2024

حضرتُ اليوم مؤتمر المثقفين التونسيين ضد الإرهاب

 

 

المكان: قصر المؤتمرات بالعاصمة.

الزمان: الأربعاء 12 أوت 2015 من الساعة 18 إلى الساعة 20.

الحضور: من 500 إلى ألف، نصفهم داخل القاعة والنصف الآخر خارجها، كهول وكهلات (رأيت محجبة واحدة داخل قاعة المؤتمرات مع الإشارة أنني لستُ من دعاة ارتداء الحجاب وفي الوقت نفسه لستُ من الداعين لمنعه بالقانون). لم أجد لي في  الجمع الكبير إلا خمسة أصدقاء.

منشطة المؤتمر: مريم بالقاضي، نجمة قناة نسمة لباعثها نبيل القروي.

لن أتوسع في الكتابة عن هذا المؤتمر لأن منظميه اليساريين (جلهم -حسب الظاهر- أصيلي المدن من ذوي الفكر اليساري والعيشة البورجوازية والتجارة بالعلم كالتجارة بالدين وكلاهما رأسمال رمزي ومادي لا ينمو إلا باستغلال الإنسان العارِف لأخيه الإنسان غير العارِف). يساريون لا يعترفون بيسارية أمثالي (الوافدين من الريف إلى العاصمة من ذوي الفكر اليساري غير الماركسي وعيشة أقل من عيشة عمال السكك الحديدية). خَطَبوا فينا، أساتذة جامعيون، تونسيون وأجانب، رجالا ونساء. يبدو لي أن جلهم من سجناء براديڤم (نسق تفكير) "الثقافة اليسارية المتكلسة والسائدة في العالم العربي"، أي برجوازيون صغار الذيين قال فيهم ماركس ما لم يقله مالك في تارِك الصلاة. مثقفون جهابذة في إقصاء واحتقار المختلف عنهم حتى لو كان يساريا مثلي وليس مثلهم فما بالك لو كان جمهوريا أو مرزوقيا أو نهضاويا ! أنا أظن أنهم قادرون ماديا ومعنويا على الانفصال وعدم التماهي مع مجتمعهم المسلم، أما أنا فقد قرّرت أن أفعل في مجتمعي المسلم، فلزام عليَّ إذن أن أتكلم بلسانه (المجتمع)، أن أنطق بمنطقه، أن أخضع لقانونه.

 

بكل محبة وصدق ولطف، أعيب على رفاقي الماركسيين ميلهم المفرط لتوجيه الخطاب النقدي الصدامي (Discours Frontal) المباشر الجارح لخصومهم في الفكر والسياسة وفي الوقت نفسه يهملون القيام بواجبهم الماركسي المتمثل في النقد الذاتي لتاريخ الإيديولوجية الماركسية والتجربة الاشتراكية الفاشلة في الاتحاد السوفياتي وكمبوديا وألبانيا وكوريا الشمالية.

الإرهابيون الإسلاميون العرب ورثوا الفكر الإسلامي المتطرف المتكلس عن الفقهاء من أجدادهم وغذوه في السبعينات بالسلاح الغربي والبترودولار الخليجي بهدف القضاء على فكرة العدالة الاجتماعية اليسارية خدمة للرأسمالية العالمية المتوحشة، أما الماركسيون العرب فقد استوردوا الفكر الماركسي المتطرف المتكلس واكتسبوه دون أن يطوّروه ويكيّفوه ويؤقلموه مع تراثهم العربي الإسلامي.

لا أشك لحضة في دموية الإرهابيين العرب الداعشيين الإسلاميين ولن أقارنها بالعنف الثوري الذي يؤمن به اليساريون العرب ويبدو لي أنه لم ولن تتسنى لهم فرصة ممارسته، لا لأنهم ملائكة بل لأنهم لم ولن يصلوا يوما إلى السلطة في العالم العربي الإسلامي، على الأقل على المدى القصير والمتوسط. وقد تملكني هذا الإحباط المُعدي بعد قراءة مقالين في جريدة "لومند ديبلوماتيك"، عدد أوت 2015، حول وأد التجربة اليسارية اليونانية في المهد من قِبل الرأسمالية العالمية.

خلاصة القول:

ما جالستُ يومًا في حياتي غير الماركسية ماركسيا تونسيا إلا ونَبَزَنِي وتبادلنا الاحتقار الصامت، ولم تشفع لي عندهم يساريتي المختلفة عن يساريتهم ولا عَلمانيتي المختلفة أيضا عن عَلمانيتهم.

حمام الشط، الأربعاء 12 أوت 2015.

Haut du formulaire

 

Aucun commentaire:

Enregistrer un commentaire