في بعض الأحيان، أحمد
الله على تخلّفنا التكنلوجي
!
مازالت الأم عندنا تسهر على حَمَّى ابنها دون
مساعدة الرفيق "ڤوڤل" !
مقياس حرارة متصل (connecté) بشرج الرضيع طيلة الليل، يراقب صحّته ويوقظ الأم النائمة عند
الخطر. أسرّة ذكية تراقب حياتنا عند النوم، تقيس إيقاع القلب وحركات التنفس،
وتسجّل كل الأصوات المنبعثة من القرين أو الحيوان الأليف، كلب أو قط.
في النهار، أجهزة منزلية
متصلة (connecté) غبية: فرشاة أسنان "ذكية"، غسّالة
"جنية"، سيجارة "جاسوسة"، مربعات جليز "سحرية"، دون
أن ننسى الصحون والملاعق "الذكية"، قالوا أنها صُمِّمت لتحسين عملية
الهضم في أمعائنا.
أبونا "ڤوڤل"
يخاف على صحتنا: سيأتي يومٌ، يُقفِل الثلاجة في وجوهنا حفاظًا على رشاقتنا، أو
يُطفِئ التلفاز ليجبرنا على النوم باكرًا، أو يوقِف محرّك سيارتنا لو تجاوزنا
السرعة القانونية حرصًا على سلامتنا (La télématique).
خاتمة: المفارقة الكبرى أن في "التقدّم
التكنلوجي" تكمن بعض المصائب، وفي "التخلّف التكنلوجي" تكمن بعض
الفوائد. العِبرة بالنيات والنتائج، ونية الجاسوس "ڤوڤل" الرأسمالي الشمولي الناعم الرطب السائل
(surveillance
totalitaire, douce, lisse et liquide)، نية فاسدة وجل استعمالاته لغاية
في نفس يعقوب وما نحن إلا عبيدُه المستَلَبون.
لا يستهويني البتة "التقدّم
التكنلوجي" البارز في
الإمارات وقطر ورواندا وأثيوبيا وكينيا، تقدّمٌ يعيش بالمنشطات المستوردة من شركات
رأسمالية أجنبية مثل شركة "ڤوڤل"
وغيرها.
أنهِي هذا المقال الطويل النقدي السوداوي
(دراسة أستاذ بجامعة هارفارد، ترجمتُها ونشرتُها في ثلاثة أجزاء)، أنهِيه بفسحة من
الأمل في المسقبل: لقد استفاد المحتجون في تونس والقاهرة وباريس من حرية الدعاية
والتجميع والتحريض والنشر والتعبير التي وفّرتها لهم الأنترنات وخاصة الفيسبوك.
المصدر:
Le Monde diplomatique, janvier 2019, Extrait de l`article «Votre brosse
à dents vous espionne. Un capitalisme de surveillance», par Shoshana Zuboff,
Professeure émérite à la Harvard School , pp. 1, 10 et 11
Aucun commentaire:
Enregistrer un commentaire