jeudi 9 mai 2024

الفسادُ في القطاعِ العام في تونس أقوى وأخطر من فسادِ القطاعِ الخاص !

 

 

La corruption dans le secteur public tunisien se réduit à une multitude de mafias légalisées.

L`idée principale de cet article est inspirée de Michel Serres, Hominescence, Ed. Le Pommier, 2001

الفيروس، عدوٌّ للجسمِ، خطيرٌ وغير مرئيٍّ، يضرِبُ أهمَّ جهازٍ في الجسم، وهو جهازُ المناعة. يندسُّ في (ADN) خلايا الجسم ويُجبرها على أن تنتِجَ بنفسِها عدوَّها وبِملايين النسخ. لا تنفع معه المضادات الحيوية الطبيعية (Les anticorps) ولا المصنعة في الأدوية (Les antibiotiques).

القطاعِ العام يغِشُّ المواطِنِين، يغْدِرُ بهم ويرشيهم ويُفسِدُهم ويُعَذِّبُهم ويُرْعِبُهم وفي النهايةِ يُوهِمُهم بِأنه يخْدِمُهم وهكذا تتعفنُ أجهزتُه وتتحولُ إلى مافيات مقنّنةٍ.

فساد القطاعِ العام مستشرِي في أروقةِ الوزاراتِ وفي مكاتِبِ المؤسساتِ: قطاعٌ هو بمثابةِ الجسمِ للخلايا وهو الملاذُ الوحيدُ للفقراءِ. هو عبارةٌ عن مجموعةِ مافيات صغيرة مستقلة ومنفردة لكنها كالذئابِ خطيرةٌ ومفترسةٌ.  فُسَّادُه يمْلِكُون مفاتيحَ جميع الدوائر الحكوميةِ، لذلك يسهلُ عليهم ضَرْبَ أعز ما نملك في هذه البلاد، أعني بذلك القطاعات العمومية الحياتية الأساسية في الدولة، وهي التعليم والصحة والنقل. وكالفيروسات يندسُّ هؤلاء في مسامِّ الدولةِ وفي أجهزتها التنفيذية. هُم موظفون كبار "نْظافْ شفافينْ" (Ministres, conseillers, PDG, inspecteurs, directeurs, etc.) يُدمّرون قصدًا المؤسسات العمومية (Écoles, Hopitaux, SNCFT, Tunis Air, Sociétés publiques du Pétrole et du Phosphate, port de Radès, etc.)، ويُوهِمُونَنَا بأن التفويتَ في هذه الشركات وخوصصتها يخدم المصلحة العامة، وفي نفس الوقت يَعِدُونَنَا بإنجاز مشاريع كبرى خيالية (كليات طب في ڤابس وجندوبة، معامل في سيدي بوزيد، ديوان تمور في ڤبلي، قنطرة في جربة، سكة حديدية تصل إلى بنڤردان ودوز، إلخ.).

يُوهِمُونَنَا.. يَعِدُونَنَا.. يكذبون.. نصدّقهم وننتخبهم.. يعودون ويُوهِمُونَنَا مجددًا.. يَعِدُونَنَا مجددًا.. يكذبون مجددًا.. وللأسف نصدّقهم مجددًا وننتخبهم مجددًا.

أغلبهم انتهازيون، طماعون، مرتشون، فاسدون ولمصالحهم الخاصة يعملون، وعلى امتيازاتهم يحافظون لا بل يحسِّنون، يشرِّعون ويقنِّنون (ألف دينار مِنحة حضور جلسة واحدة لكل عضو مجلس إدارة في البنك المركزي).

أما الفساد في القطاع الخاص فهو على الأقل مرئيٌّ وواضحٌ، ولا يدّعي إلا نادرًا خدمة الصالح العام، وهو قطاعٌ غير مموَّلٍ من دافِعِي الضرائب، إلا بعض رجال أعمال المافيات الموازية الراشين المستفيدين من تواطئهم مع رجال المافيات المقننة، أصحاب القرار، المسؤولون الحكوميون المرتشون، وهم كُثْرُ، الصنفان.

الاتحاد العام التونسي للشغل، كان مضادًّا حيويًّا لهذه المافيات المقننة، دواءٌ لا يقتل الفيروس بل يحاربُ الأمراضَ الانتهازيةَ (إيهام العامل بتحسين مستواه الاجتماعي بزيادةٍ طفيفةٍ في الشهرية، زيادةٌ لا تُغني من جوع ولا تؤمن من خوف). كان مُسكِّنًا ولم ولن يكون علاجًا. العاملُ يولد فقيرًا ويموتُ فقيرًا، ليس مكتوبًا ولكنه قَدَرُه إلى أن يأتي هو نفسه بما يخالِفُ ذلك.

ألا يوجدُ علاجٌ ناجعٌ لهذا الداء ؟

علاجٌ ناجعٌ عاجلٌ. لا. حربٌ على الفسادِ ؟ قال الصدّيق فصدِّقوه ! حربُ ماذا أيها الأبله ؟ هل رأيتَ في حياتِكَ يا وَلَدِي "فَسادٌ يُحاربُ فَسادًا" ؟

حاليًّا لا أثق في أي مسؤولٍ عالٍ في الحكومة، ولا في البرلمان، ولا في الإدارة، ولا في القضاء، ولا في المكتب التنفيذي للاتحاد العام التونسي للشغل، ولا في الشرطة، ولا في الجيش، ولا في الديوانة، إلخ. إلا مَن رَحِمَ ربي.

علاجٌ ناجعٌ آجلٌ. ممكنٌ ومحتملٌ.

عندي ثقةٌ كبيرةٌ في العصرِ العالمي المستقبلي لا في الجيل التونسي المستقبلي.

إمضائي

"المثقفُ هو هدّامُ القناعاتِ والبداهاتِ العمومية" فوكو

"لا أقصد فرض رأيي عليكم بالأمثلة والبراهين بل أدعوكم بكل تواضع إلى تجريب وجهة نظر أخرى" مواطن العالَم

حمام الشط، الثلاثاء 24 أكتوبر 2017.

 

Aucun commentaire:

Enregistrer un commentaire