jeudi 23 mai 2024

ليس الغرب في مادّيته وإباحيّته وجها مناقضا لسلوكيات المسلمين عبر التاريخ بقدر ما هو وجههم الخفي الذي يحاولون طمسه أو نفيه. نقل مع إضافة بين قوسين لمواطن العالَم

 

 

المصدر

كتاب "نقد النص"، علي حرب، المركز الثقافي العربي، الطبعة الثانية، 1995، الدار البيضاء، 285 صفحة. استعرته من المكتبة العمومية بحمام الشط.

نص علي حرب صفحة 53 و54:

من هنا يبدو الخِداع في كلام حسن حنفي على "دهريّة الغرب وإباحيته ودنيويته". فنحن دهريون كالغرب وربما أكثر منه (الدهريّة هو اعتقاد فكري ظهر في فترة ما قبل الإسلام أو الجاهلية، ويُشتقّ المصطلح من الدهر لاعتبارها الزمان أو الدهر السبب الأول للوجود وأنّه غير مخلوق ولا نهائي، وتعتبر الدهريّة أن المادّة لا فناء لها، ويعدّ هذا الاعتقاد قريبًا من اعتقاد اللادينيّة والإلحاد والمادّيّة. وذكر في القرآن عنهم:  "وَقَالُوا مَا هِيَ إِلَّا حَيَاتُنَا الدُّنْيَا نَمُوتُ وَنَحْيَا وَمَا يُهْلِكُنَا إِلَّا الدَّهْرُ". ويكيبيديا). ذلك أننا نتنافس على الحطام ونعيش الحياة بقضّها وقضيضها. يُعرف ذلك من علاقتنا بالمال ومن ممارستنا للجنس والسلطة. فبالنسبة إلى هذه الأخيرة نحن أبعد ما يكون على التعالي. فشهوتنا إلى السلطة ومحافظتنا عليها بأي ثمن وولاءاتنا العصبية جعلتنا نقتتل ماضيا وتجعلنا نقتتل حاضرا أيما اقتتال، ولو اقتضى الأمر الاستنجاد بالغير على الأنا. أليس هذا ما حصل منذ الملك الضليل (امرؤ القيس) حتى حرب الخليج (بين العراق وإيران)، ومنذ حادثة السقيفة حتى آخر نسخة من حروبنا الأهلية، مرورا بالطبع بالحرب الأهلية "النموذجية" بين الأميرين أبي عبد الله بن محمد وعمه وسميه في آن قبل خروج العرب من الأندلس ؟ بالنسبة للمال كان الرشيد في عصره يقول للغَيْمَة: اذهبي حيث شئت فإن خراجك عائد إليّ، أي كان أشبه ما يكون برئيس الولايات المتحدة اليوم، زعيما لأكبر إمبراطورية مالية. أما الجنس فحدّث ولا حرج. فقد أباحت لنا الشريعة أن نستمتع بهن بعد أن ندفع لهن أجورهن، وأن نقتني منهن ما ملكت الأعيان، ولو كن بالعشرات بل المئات، وكان بإمكان الواحد أن يذهب إلى سوق الرقيق الأبيض لكي يبتاع جارية كما يبتاع أي شيء من الأشياء. هكذا كانت لنا فيما مضى خلافة أقمناها هي عبارة عن إمبراطورية للمال من جهة وإمبراطورية للجواري والإماء من جهة أخرى. ولا ضير في ذلك. ولكن لا نقولن أن الغرب مادي إباحي في حين أننا محافظون وروحانيون. فنحن سخّرنا المجال القدسي في خدمة دهريتنا ودنيويتنا. وهذا هو شأن المجال الدنيوي، لا يكف عن إنتاج أبعاده الرمزية وأشكاله القدسية. إذن ليس الغرب مغايَرَتنا المطلقة بقدر ما هو وجهنا الخفي الذي نحاول طمسه أو نفيه.

Aucun commentaire:

Enregistrer un commentaire