mercredi 22 mai 2024

"وَلِكُلِّ أُمَّةٍ أَجَلٌ": دعاءٌ صباحيٌّ صادرٌ عن يساريٍّ مسلمٍ عَلمانيٍّ، متشبثٍ بعلمانيتِه وهو نفسه لا يعرفُ لماذا !

 

 

مقدمة:

"وَلِكُلِّ أُمَّةٍ أَجَلٌ ۖ فَإِذَا جَاءَ أَجَلُهُمْ لَا يَسْتَأْخِرُونَ سَاعَةً ۖ وَلَا يَسْتَقْدِمُونَ" (سورة الأعراف، آية 34).

Michel Onfray (philosophe français athée-chrétien) a dit en substance: Les civilisations, comme les individus, naissent et meurent. Exemples de civilisations mortes : la pharaonique, la babylonienne, la sumérienne, la grecque,  l’araméenne, la roumaine, la byzantine, l’inca, etc. La civilisation judéo-chrétienne, aujourd’hui elle est en décadence et elle est en voie de disparition et vous, les occidentaux,  vous ne pouvez rien faire pour aller contre et éviter son naufrage comme vous n’avez pas pu éviter en 1912 celui du Titanic. La civilisation musulmane est une civilisation encore jeune car elle a encore des adeptes qui sont prêts à se sacrifier pour la sauver (eh bien, c’est M. O. qui a dit ça et non Mohamed Kochkar, vous pouvez vérifier  à votre guise).

Amin Maalouf (un libanais-français, penseur libre, excellent romancier et membre de l’académie française depuis 2011) a écrit récemment, avril 2019, un livre intitulé : Le naufrage des civilisations. 

الدعاء:

يا رب.. أهدنا وامهلنا، نحن أمة العرب، ولا تآخذنا بما فعل السياسيون الفاسدون منا، "وَلَا تَزِرُ وَازِرَةٌ وِزْرَ أُخْرَىٰ"، وامنحنا فرصة أخيرة حتى نغيّر بأيدينا ما بأنفسنا، وإذا لم نكن في المستوى، فاحصدنا حصادًا لا يتلوه زرعٌ.

للأسف الشديد، إنها حقيقة وَاقعِنا المرّ، لقد بدأ نجمُنا بالأفول (حَصَلَ منذ عشرةِ قرونٍ)، ابتعدنا عن جوهر ديننا (الجوهر عندي أنا، هو "الاستقامة الأخلاقية على المستوى الفردي"، وليس الصوم والصلاة المفرغَين من التقوى)، تمسّكنا بالقشور (التدين المزيف: أقِمْ الصلاة في مِيقاتِها وغِش في البيع، احتكر السلع، طفّف في الميزان، قرّي ليتيد بِـجَشَعٍ، رفّع في الأسعار، إلخ.)، دَبّ الخلاف بيننا، حرّفْنا كلماتك، شوّهْنا رسالتك، فأخذَنا التمزقُ والشتاتُ شرّ مأخذٍ، وفي قلوبنا تضاءلتِ التقوى وإلى عقر دارنا تسلّلَ الفجور، كرهْنا بعضنا بعضًا، كرهْنا أنفسنا، وباسمك كبّرْنا وبسلاح أعدائنا  قتلْنا بعضنا بعضًا. "قتلتْنا الردة.. قتلتْنا الردة.. قتلتْنا إن الواحدَ منا يحمل في الداخل، ضدّه !" (مظفّر النوّاب).

يا رب.. أغِثْ أهل الخير منا وادْحَرْ أهلَ الشر عنا ثم أقِمْ للفضيلة عرشًا في بلدانِنا كما أقمته في البلدان الأسكندنافية واهدِمْ عرشَ الفسادِ عندنا كما هدمتَه عندهم.

خاتمة:

إنه التلميحُ والتلويحُ وهو، لَعَمْرِي، عند أولِي الألباب أبلغُ من البَوحِ والتصريحِ!

 

المصدر:

مقالٌ من تأليفي لكن فكرته  مستوحاة من كتاب "آفاق في فهم الهداية الإلهية"، بقلم عبد الحسين فكري، الطبعة الأولى، ديسمبر 2016.

دينُنا الإسلام يدعو إلى أكبر قدر من التجريد والتعقيد ونحن لا نؤمن إلا بالبسيط المحسوس.

الله تعالى متعالٍ مجرّدٌ لا تُدركه الحواس الخمس وجَنته أيضا مجرّدةٌ لا وجود فيها لجنس الدنيا ولا خمرها ويوم حِسابه غير معلوم. قرآنه غني بالصور المجازية. يعلم الغيب وحده. الإيمان بوجوده في كل مكان (إن لم تكن تراه فهو يراك) ووحدانيته وقدرته اللامتناهية، كلها معاني مجرّدةٌ أيضا. هو وحده القادر على قياس التقوى والإيمان و هو وحده أيضا القادر على تقييمهما ونحن البشر لا نعرف ميزانَه يوم القيامة (قال رسوله صلى الله عليه وسلم في الصحيحين: "دخلتْ امرأة النار في هِرّة حبستها فلم تطعمها ولم تدعها تأكل من خَشاشْ الأرض"، خَشاشْ الأرض هو هوامها وحشراتها).

لو دخل مسلمٌ سكرانًا متمايلا مسجدا طوعا تائبا إلى ربه مستغفرا طالبا العفو واللجوء لمن لا ملجأ له غير رب العالمين، لَفضحَتْه أنوف المصلين ونهشته الأعين ولَعنته الألسن قبل أن تطرده الأيدي من بيت الله. أفِقْ أيها المسلم غير التقيِّ فالمسجد ليس بيت المسلمين ولا بيت أحد، حرٌّ أنت في بيتك تطرد منه مَن تشاء ولم يُنصِّبك الله حاجبا على بيته فالرحمان الرحيم الغفور الكريم يترك بيته مفتوحا لا يُغلق أبدَا، يرحِّب فيه بكل البشر دون تمييز عقائدي بين عباده أجمعين، يستقبل فيه النفوس الحائرة أو التائهة قبل النفوس المطمئنة العامرة بالإيمان التي تعتبر كل أديم الأرض دون حيطان بيوتا لربها. ولنا في رسولنا أسوة حسنة عندما استقبل في المسجد الأول أول بِعثةً مسيحية دبلوماسية خارجية. ولو كان المسلمون مسلمين لَسلِم السكران من ألسنتهم وأيديهم ولأخذوا بيده وأجلسوه في الصف الأول وأوصوا جيرانه في الصلاة أن يساعدوه على أداء واجبه الديني لعل الله يهديه ويقلِع عن الإدمان المضرّ بالصحة والعائلة وقصة الأعرابي الذي دخل المسجد وبال فيه واستغرب من ذلك الصحابة لكن الرسول صلى الله عليه وسلّم منعهم من إمكانية إيذائه وقال: "دعوه ولا تزرموه "، وحينما انتهى وضّح له النبي الكريم أن هذا مسجد ولا يحسن به أن يفعل فيه ما فعل، فمن فرط فرحه بأخلاق الرسول ورِفعتِها وصبره عليه قال: "اللهم ارحمني وارحم محمدا ولا ترحم أحدا غيرنا" فأجابه مصحِّحا: "يا هذا قد ضيّقت واسعا، فإن الله قال ورحمتي وسعت كل شيء"، تأمل جيدا قال الله كل شيء حتى الجمادات.

لا يدري المُصلِّي المتسرّع المعتدِي على المسلم السكران أو لا يريد أن يدري أن نفس المسجد قد يستقبل يوميا العديد من المسلمين غير التائبين المتسترين بالتقوى الطقوسية الشكلية من ذوي الراوئح النتنة غير المفضوحة وقد يكون من بينهم الحاكم المعروف بظلمه وجبروته والقاضي المعروف بالارتشاء والانحياز والمدرِّس المعروف بتقاعسه في العمل واستغلاله التلاميذ في الدروس الخصوصية مُشطَّة الثمن وهذا أسمّيه أنا "البغاء السرِّي التربوي" وهو أبشع استغلال للأطفال في الوجود.

لو سرق جائع عُلبة جُبن من تاجر على الرصيف، تاجرٍ مهرِّبٍ ومتهرّبٍ من الضرائب لَمَسَكه المارّة وأشبعوه سبّا وضربا وهم لا يدرون أن السارق الجائع سرق قوته من سارق محترف كان أولى أن لا يشتروا منه ويدعوا الشرطة أن تقبض عليه وتسلِّمه للعدالة كي تقتص منه حق السارق الجائع وحق المواطنين التونسيين المظلومين المسالمين المسلمين وغير المسلمين. نَجري يوميا وراء مُرتكبي اللَّمَمِ مثل المعاصي المحسوسة كالسرقة الحياتية والإفطار في المطاعم والمقاهي المغلقة على المُفطرين لأسباب لا نعلمها ولا يحق لنا أن نعلمها وحتى لو علمناه فالله وحده حسيبهم يوم القيامة، نتمسك بالقشرة ولا ننفذ للبّ ونترك مرتكبي الكبائر في رمضان مثل المعاصي غير المرئية كاحتكار السلع والزيادة في الأسعار والتقاعس في العمل بحجة الصيام. "أعجب لمسلم يبيت جائعا ولا يشهر على المسلمين من الغد سيفه"، قالها أبو ذر الغفاري. وأنا أعجب من الدولة وقضائها الفاسد أغلبه وشرطتها المرتشية أكثرها والناس عموما كيف يأخذون اللقمة بعنفٍ من فمِ المحتاج ويضعونها بلطفِ في فم المُتخم من الكسب الحرام. يأخذونها جَهرا نُصرة للحق على حد بصيرتهم القاصرة والقصيرة وهم في الواقع للظلم مسانِدون وللقهر مؤبِّدون. يا ليتهم أخذوا الحقَّ المسلوبَ بالقانون الظالم من قِبل الأغنياء المافيا وردّوه لأصحابه العمال الفقراء. الأغنياء المافيا يسرقون وللتمويه يؤسِّسون علومَ سوقهم ويقدِّمونها لنا في ثوب من الموضوعية المزيفة فيستلِبون كياننا ويشوِهون ثقافتنا ويطمِسون تراثنا ويستثمِرون بأموالنا (قروض الدولة) ويصدِّرون ربحهم وهم عن أعمالهم لا يُسألون وفي تونس بالآلاف يُعدُّون ومن كل أنحاء العالم قادِمون ولعرَقنا مُمتصون ولثرواتنا الطبيعية والبشرية ناهبون ولعمالنا بأبخس المرتبات مُشغِّلون مستغِلّون وللحروب الأهلية في أوطاننا العربية مُشعِلون ولمئات الآلاف مِنَّا بأيدي إخواننا قاتِلون.

مِن أفضل ما سمعت من آيات التجريد في القصص الديني المسيحي والإسلامي: كان سيدنا إبراهيم الخليل لا يأكل حتى يمر عابر سبيل يشاركه طعامه. قدِم عابر سبيل، أكل و شرب ثم طلب من إبراهيم أن يوقد له نارا ففعل. قام الضيف يصلي للنار فنهره النبي وطرده قائلا: أتعبد النار في بيت الخليل ؟ كلّمه الله عاتبًا له ومربّيا: يا إبراهيم كم عُمر هذا الضيف ؟ قال: ستون سنة. قال: تحمّلته أنا ستون سنة ولم أقبض روحه ولم تستطع أنتَ أن تتحمله ليلة واحدة ! ما أروع هذه الحكمة الإلهية لو أخذ بها وطبقها حُماة الدين الجدد في الوطن العربي المَنكوبِ منهم وبِهم.

باب الرحمة عند ربي واسع لا يُغلق أبدا. رحمته وسِعت المسلمين والكفّار. هذه الكلمة الأخيرة يعتبرها المسلمون سَبّة وإذا اعتبروها كذلك فنحن نعرف أنه لا يجوز للمسلم أن يسبّ غيره مهما كانت عقيدته. المسلم يرى الإسلام هدية من الله فكيف يمكن أن نهدي لآخر هدية ونحن نكرهه. كفَرَ تعني غطى الشيئ مثل ما يغطي الفلاح البذور الزراعية بالتراب حتى تنبت وتنمو. قال القرضاوي: المسيحي يكفر بالإسلام والمسلم يكفر بالمسيحية ويقول أن كتابهم محرّف أي كل واحد يكفر بدين الآخر ولا يعترف بالاختلاف رغم أن الاثنين موحِّدان. أما "العلماء المسلمون" والدعاة التلفزيون -الله يهديهم إلى إبستمولجيا الدين- لم يدركوا كنه الاختلاف المركّب حتى داخل الإسلام نفسه وما وجود تعدّدُ المذاهب الإسلامية لدى السنّة والشيعة إلا خير دليل على هذا التعقيد (la complexité). حاول "العلماء المسلمون" تبسيط الدين لتحقيق أغراض سياسية عن طريق الدين فشوهوه وضيقوا في رحمة الله وللأسف وصلوا في النهاية إلى إقصاء جل إخوانهم المسلمين. فتح الرحمان بابه للفيلسوف الفرنسي روجي ڤارودي فأسلم ولم يأبه الله بـ69 عاما التي قضاها قارودي قبل إسلامه في عقيدة الإلحاد. أما عامة المسلمين الذي لم يقرؤوا القرآن بعمق معرفي ولو يتبصروا في آياته وأسباب نزولها التأريخية فما أفقرهم وما أغناه والله العظيم أشفِق على الصنفين من مسلمي اليوم.

إذا انطلقنا من التعريف التالي للعلم الغربي الحديث منذ تأسيسه في بداية النهضة الأوروبية في القرن الثاني عشر ميلادي المتزامنة مع أفول الحضارة العربية الإسلامية وبداية عصور الانحطاط العربي الإسلامي بعد حادثة حرق كتب ابن رشد في الأندلس: "العلم الغربي الحديث هو دراسة واشتغال على واقع الكائنات الحية بما فيها البشر والظواهر الطبيعية غير الحية وهو مبنِي على الخطأ والصواب والشك فيه طريق إلى يقين غير ثابت قد يدعونا إلى مزيد من الشك". علماء الغرب ينتجون معرفة جديدة و "العلماء المسلمون" لا ينتجون معرفة جديدة بل يفسرون ويؤولون معرفة قديمة، معرفة تشتغل على الغيب والإيمان بالمكتوب والقضاء والقدر، معرفة تنبني على اليقين ولا مجال للشك في مسلّماتها فهي يقين من أولها إلى آخرها ولا مجال أيضا للخطأ فيها فهي صواب إلهي لا يأتيه الخطأ لا من ورائه ولا من أمامه مع الإشارة أن هذا الفصل بينهما لا ينقص من قيمة العلم ولا من قيمة الإيمان. هما مجالان متوازيان لا يلتقيان لكنهما لا يتناقضان وهذا لا ولن يمنع أن يكون العالِم الحديث مؤمنا لكن عليه أن ينزع جبة الإيمان قبل الدخول إلى المخبر كما فعل العالم العبقري الفرنسي المؤمن لويس باستور الذي عرّفنا على العالم غير المرئي للجراثيم.


 

Aucun commentaire:

Enregistrer un commentaire