lundi 27 mai 2024

ڤوڤل 1: هذا الغول القادم من كاليفورنيا ! ماذا فعلَ بمعلوماتنا الشخصية التي جاءته على طبقٍ من ذهبٍ ؟ لوموند ديبلوماتيك، تأثيث وترجمة بقليلٍ من التصرّف مواطن العالَم

 

 

الصناعة الرقمية وسوقُها (L`industrie numérique) ازدهرتْ بفضل فكرة طفولية بسيطة: تستقبلُ جميع المعلومات الشخصية المجانية لكل مستعملي الأنترنات، تَستخرجُها، تُجمِّعُها، تُبوِّبُها، تُصنِّفُها، تُسلعِنها، ثم تبيعُها بأسوامٍ  خيالية باهظة الثمن للدولة والخواص.

ما هي المعلومات الشخصية التي يستغلُّها "ڤوڤل" ؟

(Google, le moteur de recherche numérique supposé le plus utilisé, le plus efficace et le plus rapide)

هي: صورُنا، عناوينُنا، تواريخُ ولاداتِنا، نوعيةُ أصدقائِنا، وجهاتُ أسفارِنا، أبطالِنا ورموزِنا وميولاتنا ومعتقداتنا في الدين والفكر والسياسة والفن، أذواقنا في الغذاء والموضة والموسيقى،  هواياتنا في الرياضة والثقافة والأدب والعلم والتعليم، إلخ.

معلومات تبدو في نظرنا تافهة وبلا قيمة اقتصادية، وهي على المستوى الفردي فعلاً كذلك. لكن لو أحصيتها وصنفتها فستصبح كنزًا يُقدَّر بمليارات الدولارات.

لِمَن يبيع الحاج "ڤوڤل" معلوماتنا الشخصية بعد سلعنتها ؟

الحريف الأول: غسّالة الأدمغة من شركات الإشهار التجاري الكاذب (Publicité) وشركات التسويق والغش والتزويق (Marketing) حتى يطوّروا أساليبهم وحيلهم القذرة ويجوّدوا فخاخهم لمزيد اصطياد فرائسهم من المستهلكين المكرَهين المضطَرّين.

الحريف الثاني: غسّالة الأدمغة من مرتزقة السياسة محترفي صناعة الرأي العام من أجل التأثير على الناخبين والتحكم في توجهاتهم قبل الذهاب إلى صناديق الاقتراع "الديمقراطية" في الانتخابات الرئاسية والتشريعية والاستفتاءات الوطنية.

الحريف الثالث: "ڤوڤل" يبيع إلى مجموعة شركات تدفع لتكسب أكثر بكثير ودون سقف، شركات أنشَأت لهذا الغرض بالذات أسواقًا جديدةً، اسمها أسواق السلوكات البشرية حاضرًا ومستقبلاً.

ماذا يبيع العطّار "ڤوڤل" ؟

يبيع معلومات استشرافية حول السلوكات الفردية المستقبلية لمستعمليه، أي عبيده. سلعة افتراضية، سلعة  دون كتلة ولا وزن، سلعة  تباع أغلى من الذهبِ.

صاحبنا خلق إمكانات جديدة لاستخراج واستنتاج أفكار الأفراد والمجموعات وعواطفهم وانفعالاتهم ونواياهم ومصالحهم بواسطة آليات متطورة تشتغل كمرآة دون طِلاء (miroir sans tain). آليات تتجاهل وعيَ المستعملين ولا تنتظر موافقتهم المسبقة. مَجازُ المرآة دون طِلاء يرمز إلى العلاقات الاجتماعية الرقابية الخاصة المرتكزة على عدم تناسق ممتاز في المعرفة وفي السلطة بين "ڤوڤل" ومستعمليه.

منذ سنوات شرع "ڤوڤل" في توسيع هيمنته خارج حدود محرّكه لتشمل كل مجالات الأنترنات (مايل، فيسبوك، مسّانجر، سكايب، فايبر، تويتر، أنستاغرام، يوتوب، إلخ.) وتحتلها ثم تحوّلها إلى مستوطنات ترتع فيها إعلاناته الإشهارية الموجهة إلى جمهور مستهدف محدَّد بحِرفية تجارية عالية. وبهذه الطريقة يستطيع أن يستخرج ويحلل محتويات أصغر صفحة تُنشَر على الأنترنات ويرصد أقل حركة لكل مستعمل للأنترنات بواسطة علم تحليل النصوص (La sémantique) والذكاء الاصطناعي مع احتمال استخراج المعنى: هذا الفرع من شركة "ڤوڤل" حقق يوميًّا أرباحًا بقيمة مليون دولار، رقمٌ تضاعف 25 مرة سنة 2010.

هل نحن، مستعملو "ڤوڤل"، فاعلون في إنتاج القيمة المضافة ؟ (Les sujets de la réalisation de la valeur)

طبعًا الجواب بالنفي. لسنا أيضًا، عكس ما يعتقد الكثيرون، السلعة التي يبيعها "ڤوڤل". مَن نحن إذن ؟ نحن منجم افتراضي يَستخرج منه "ڤوڤل" معدنًا، يستحوذ على ملكية هذا المعدن، ثم يصهره في أتُونه، يصقله في مخابر  مصانعه، فيصبح ذهبًا خالصًا يبيعه لحرفاء حقيقيين.

 

هل وقف عَمّو "ڤوڤل" عند هذا الحد ؟

لا، عَمّو اللقيط المستِر "ڤوڤل"، عَمٌّ لا يستحي ويفعل ما يشاء. الحلّوف يبقى حلّوف ولو حمّمته في بانو ورد !

شنَّ علينا، نحن فقراء العالَم الأول والثاني والثالث،  شنّ علينا حربًا استباقية والشيء من مأتاه لا يُستغرَبُ. أليست جنسيته أمريكية ؟ وأمريكا شنّت 200 حرب استبقاقية على دول العالم القوية والمستضعفة منذ تأسيسها المشؤوم على البشر كلهم بما فيهم الأمريكان الفقراء أنفسهم وعددهم يفوق الـ50 مليون نسمة.

فيما تتمثل هذه الحرب الاستباقية ؟

عوض أن يكتفي بجمع وتصنيف ما توفّر له مجانًا من معلومات شخصية، شرع في قراءة أفكارنا ونوايانا وتحليلها من أجل استلابنا استلابًا كاملاً. استلابٌ يجعلنا ننطق بمنطقه، نتكلم بلسانه، نعبّر عن شهواته ونتبناها وكأنها شهواتنا. فعل فينا ما يفعله فيروس السيدا في خلايا الكريات البيضاء: اندمج في آدِآنها (ADN) فأصبحت الخلية تُصَنِّعُ عدوَّها بنفسها وبالملايين.

"ڤوڤل" سلبنا إرادتنا، استوطن أمخاخنا وعقولنا، استلبنا حتى النخاع، جعلنا نتماهى مكرَهين مع مصالحه الرأسمالية الأنانية الربحية المشِطّة الجشعة جدًّا حتى خِلناها مصالحنا نحن، وذهب في ظننا أن أفكارَه هي من بَنات أفكارنا وأن اختيارَه هو اختيارنا النابع من إرادتنا لا إرادته.

Aucun commentaire:

Enregistrer un commentaire