jeudi 23 mai 2024

كلنا أنانيون وغير الأناني فينا نتهكم منه ونحبِطه

 

 

قال تعالى: " وَنَفْسٍ وَمَا سَوَّاهَا*فَأَلْهَمَهَا فُجُورَهَا وَتَقْوَاهَا". حسب تأويلي الحر: الفجور هو الأنانية، والتقوى هي الاستقامة ونكران الذات إيثارا للآخر، الآخر المختلف عنا جنسا أو لونا أو عرقا أو دينا أو فكرا أو ثقافة أو إيديولوجيا أو تاريخا أو جغرافيا. قدرُنا أن نحب هذا الآخر، ولو لم نحبه فكيف سنهديه أفضل ما عندنا: كنوز تراثنا المتمثلة في ديننا وفكرنا ومنطقنا وقِيمنا وتراثنا وتاريخنا وكرمنا وتقوانا. وهل تُقدم الهدايا لغير الأحبة ؟ ألم يقل رسول الله صلى الله عليه وسلم: "لا يؤمن أحدكم حتى يحب لأخيه ما يحب لنفسه". أخوه في الإنسانية، ملحدا كان أو لاأدريا أو يهوديا أو نصرانيا أو بهائيا أو بوذيا أو هندوسيا.

         أما نحن اليوم معشر التونسيين، فعِوض أن ننهي عن المنكر، ترانا نحارب المعروف بنصائحنا العجيبة المتداولة بأمثال هجينة من اللغة الدارجة التالية وكل إناء بما فيه يرشح:

-         "ابعِد عَالشَّرْ وغَنِّيلُو"

-         "أخْطَأ رأسي واضربْ"

-         "سَيّبْ عْلِيكْ"، "آشْ إهِمِّكْ"، "آشْ لَزِّكْ"، "آشْ دَخِّلِكْ"، "تِلْهَى بَحْوايْجَكْ"

-         "الكَفْ مايْعانِدْ المِخْيِطْ"

-         "لا تدخّل يدّك للغار، لا تلدغك العڤارب"

-         "قِيمْ الفرضْ وانڤب لَرْضْ"

-         "خلّي أهل البْلِي في بْلاهم"

-         "اللِّخافْ اسلِمْ"

-         "باتْ مغلوب ولا اتباتْ غالب"

-         "رِزْڤ البِيلِيكْ"

-         "ما بِالإمكانْ أحسن مما كانْ"

-         "اعْملْ كِيما جاركْ وَلَّ حوِّل باب داركْ"

-         "عامِلْ فيها مُصلح اجتماعي"

إيه يا سيدي "عامِلْ فيها مُصلح اجتماعي" ! ألم يأمرنا القرآن الكريم: "كُنتُمْ خَيْرَ أُمَّةٍ أُخْرِجَتْ لِلنَّاسِ تَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَتَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنكَرِ وَتُؤْمِنُونَ بِاللّهِ". والله لا توجد أمة في التاريخ تصلي خمس مرات في اليوم وتذكر وتتذكر كلام الله أكثر من أمة المسلمين ! ووالله لا توجد أمة في التاريخ لا تخاف ربها أكثر من أمة المسلمين !

أمة لم تبدع ولم تنجح إلا في محاربة النجاح رغم قلة تواجده فيها منذ عشرة قرون. تحارب أصحابه على ندرتهم وتتهكم من نجاحاتهم وتقلل من شأنها. وفي المقابل تتستر على الفاسد وتحميه تحت غطاء القبلية والعروشية.

أمة لا تحاول أبد تغيير ما اعتراها من وهن بل تقعد عن العمل وتمجد الكسل وتنتظر تغييرا قد يأتي وقد لا يأتي من السماء ناسية أو متناسية قوله تعالى: "لا يغير الله ما بقوم حتى يغيروا ما بأنفسهم". غيّر الألمان ما بأنفسهم بعد الحرب العالمية الثانية وكذلك فعل اليابانيون فغيّر الله ما بهم ورفعهم إلى أفضل الشعوب والدول دون أن يطلقوا رصاصة واحدة ضد أعدائهم بعد الهزيمة أما نحن فما زلنا في مكاننا قابعون وللرصاص ضد أنفسنا مُطلقون وللقدر دون عملٍ مستسلمون. الله يستر العاقبة...

 

Aucun commentaire:

Enregistrer un commentaire