قال تعالى: "يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا أَطِيعُوا اللَّهَ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ وَأُوْلِي الْأَمْرِ مِنْكُمْ فَإِنْ تَنَازَعْتُمْ فِي شَيْءٍ فَرُدُّوهُ إِلَى اللَّهِ وَالرَّسُولِ إِنْ كُنتُمْ تُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ ذَلِكَ خَيْرٌ وَأَحْسَنُ تَأْوِيلًا (59﴾".
تأويل القرآن: يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا أَطِيعُوا
اللَّهَ (أَطِيعُوه بذكاء في قرآنه الكريم) وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ (أَطِيعُوه لكونه
مبلِّغ الرسالة الإلهية، أَطِيعُوه بذكاء في سُنّته الكريمة) وَأُوْلِي الْأَمْرِ
مِنْكُمْ (أَطِيعُوهم بذكاء في
الدستور الوضعي والقوانين البشرية) فَإِنْ تَنَازَعْتُمْ فِي شَيْءٍ فَرُدُّوهُ
إِلَى اللَّهِ (عبارة "فَرُدُّوهُ إِلَى اللَّهِ وَالرَّسُولِ" تعني
أرضُوا بما كتب الله لكم حتى وإن ظلمكم القاضي في حدود اجتهاده وإخلاصه وقولوا
"حسبِيَ الله ونِعْمَ الوكيل" ولا تعني البتة فكرة الحاكمية لله كما
تدعي بعض الحركات الإسلامية النصّية المتشددة وكل واحدة منها تنسب الحاكمية لنفسها
فقط طمعا في مغنم دنيوي سياسي أناني) إِنْ كُنتُمْ تُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ
وَالْيَوْمِ الْآخِرِ ذَلِكَ خَيْرٌ وَأَحْسَنُ تَأْوِيلًا.
قال رَسُوله صلى الله
عَلَيْهِ وَسلم: "وإذا
حاصرتم أهل حصن أَو مَدِينَة فأرادوكم على أَن تنزلوهم على حكم الله تَعَالَى
فَلَا تنزلوهم فأنكم لَا تَدْرُونَ مَا حكم الله تَعَالَى وَلَكِن أنزلوهم على
حكمكم ثمَّ احكموا فيهم بِمَا رَأَيْتُمْ وإذا حاصرتم أهل حصن أَو مَدِينَة
فأرادوكم على أَن تعطوهم ذمَّة الله تَعَالَى وَذمَّة رَسُوله صلى الله عَلَيْهِ
وَسلم فَلَا تعطوهم ذمَّة الله تَعَالَى وَلَا ذمَّة رَسُوله وَلَكِن أعطوهم ذممكم
وذمم أبائكم فإنكم إِن تخفروا ذممكم وذمم أبائكم أَهْون من أَن تخفروا ذمَّة الله
وَذمَّة رَسُوله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم".
تأويل الحديث:
وإذا حاصرتم أهل حصن أَو مَدِينَة فأرادوكم على أَن تنزلوهم على حكم الله تَعَالَى
فَلَا تنزلوهم فأنكم لَا تَدْرُونَ مَا حكم الله تَعَالَى (التأكيد من الرسول واضح
فلا أحد من المسلمين يدري حكم الله ولا حاكميته: قال تعالى: " وما يعلم تأويله إلا الله والراسخون في العلم
يقولون آمنا به كل من عند ربنا"، تفسير الطبري: كان من
رسوخهم في العلم أن آمنوا بمُحْكَمِهِ ومُتشابَهِهِ، ولم يعلموا تأويله.) وَلَكِن أنزلوهم على حكمكم (أي الدستور الوضعي
والقوانين البشرية) ثمَّ احكموا فيهم بِمَا رَأَيْتُمْ وإذا حاصرتم أهل حصن أَو
مَدِينَة فأرادوكم على أَن تعطوهم ذمَّة الله تَعَالَى وَذمَّة رَسُوله صلى الله
عَلَيْهِ وَسلم فَلَا تعطوهم ذمَّة الله تَعَالَى وَلَا ذمَّة رَسُوله (البشر
الحاكم ليس ظل الله في الأرض وليس رسوله ولا يحق له أن ينتحل صفة من صفات الله أو
رسوله أو يعطي ذممهم المقدسة لتحقيق هدف سياسي لا علاقة له بالله أو برسوله) وَلَكِن
أعطوهم ذممكم وذمم أبائكم (هذا أقصى ما في وسعكم وهذا ما تقدرون على فعله دون
افتراء على الله ورسوله) فإنكم إِن تخفروا ذممكم وذمم أبائكم أَهْون من أَن تخفروا
ذمَّة الله وَذمَّة رَسُوله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم (ذمَّة الله وَذمَّة رَسُوله أقدس من تُخفَر -أي قد ينقضها من لا يعرف حقها- من قِبل بشر ضعيف جهول خطّاء مهما أوتِيَ من
علم).
Aucun commentaire:
Enregistrer un commentaire