قال الفيلسوف الألماني العظيم هيـﭬل:
"كانت الثورة الفرنسية، الحدث الذي اتخذ الرؤية المسيحية للمجتمع الحر القائم
على المساواة، ونقلها من السماء إلى الأرض".
وعلى خطاه أقول: "لم تقع
الثورة العقلانية العربية بعدُ، الثورة
التي سوف تتخذ الرؤية الإسلامية للمجتمع الحر القائم على المساواة، وتنقلها من
السماء إلى الأرض".
بقي قرآننا مؤجّلَ، وحديث محمد صلى
الله عليه وسلم معلق، وأقوال صحابته ومجتهدينا ومفكرينا ومصلحينا حبرًا على ورقٍ:
-
يقول تعالى: "لا إكراه في الدين". ومسلمو
اليوم يعدمون المجتهدين (مثل الشهيد
السوداني محمود محمد طه في عهد حسن الترابي)، أو يغتالونهم (مثل الشهيد المصري فرج
فودة وقد برر اغتياله بعد وقوعه الشيخ المصري محمد الغزالي)، أو يكفِّرونهم (مثل
التونسي الطاهر الحداد وفي مصر علي عبد الرازق ونصر حامد أبو زيد وجمال البنا).
ونحن نُعدِم مفكرينا أيضًا (مثل الشهيد الحلاج و ابن المقفع)، أو نغتالهم (مثل
الشهيدين اللبنانيين حسين مروه ومهدي عامل
أو محاولة الاغتيال الفاشلة التي وقعت للمبدع المصري والعربي الوحيد الحاصل
على جائزة نوبل للآداب الروائي الرائع نجيب محفوظ)، أو يكفِّرونهم (مثل المفكر الفرنسي-الجزائري محمد أركون والتونسيون ألفة يوسف وعبد المجيد
الشرفي ومحمد الشرفي ومحمد الطالبي والمصرية نوال السعداوي).
-
قرآن: "كُنْتُمْ خَيْرَ أُمَّةٍ أُخْرِجَتْ
لِلنَّاسِ تَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَتَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنكَرِ". وهل
نحن اليوم كذلك ؟ يبدو لي أننا لسنا كذلك !
-
حديث: "الناس
سواسية كأسنان المشط الواحد لا فضل لعربي على أعجمي إلا بالتقوى". و هل كنا
يومًا كذلك ؟ يبدو
لي أننا ومنذ 14 قرنا لم نكن يومًا كذلك !
-
حديث: "لا يؤمن أحدكم حتى يحب لأخيه ما يحب لنفسه". وهل يحب
السلفيون الجهاديون لإخوانهم في سوريا
وليبيا والعراق ما يحبون لأنفسهم ؟ وزبانية السيسي والمالكي والبشير وبشار
وبوتفليقة والسادس: هل يحبون لإخوانهم ما يحبون لأنفسهم ؟
-
وقال عمر بن الخطاب، رضي الله عنه: "لو
عثرت بغلة في العراق فأنا المسؤول عنها لأنني لم أمهّد لها الطريق". أنبِئك
يا فاروق أن الدول العربية تتمتع اليوم بأكبر نسبة في العالم في حوادث الطرقات لأن
مسؤولينا لم يمهدوا الطريق لبغالنا، عفوًا لسياراتنا الحاملة لفلذات أكبادِنا.
-
"النظافة من الإيمان والوسخ من الشيطان". يكفي أن
تتجول في العواصم العربية لتعرف هل نحن مؤمنون أم شياطين !
-
"أمة اقرأ" هي اليوم أقل أمة تقرأ !
-
رمضان: الشهر الفضيل، الشهر
الكريم، الشهر العظيم، شهر التقوى، شهر الصبر، شهر التكافل الاجتماعي، شهر
الإحساس بالفقر والتعاطف مع الفقير، كلها شعارات إنسانية جميلة لكنها شعارات وهمية
محفوظة في القلوب أو في الكتب السماوية على رفوف المكتبات وللأسف لم ننقلها بعدُ
إلى الأرض وبقيت معلقة في السماء. أما الواقع المر السائد اليوم داخل الدول
العربية الإسلامية، فهو مغاير تماما لما دعا له الإسلام ونبي الإسلام، فشهر رمضان،
هو شهر يزداد فيه التبذير وتكثر فيه الأنانية وتطغى فيه الفوارق الاجتماعية
وتُحتكَر فيه السلع الأساسية الضرورية وتَرتفع الأسعار وتتفشّى فيه كل أنواع
الرذيلة الاجتماعية مثل الغش والكسل والكذب واالنميمة والنفاق والغضب لأتفه
الأسباب. أنتظر عهدًا يجيء يومًا نصبح فيه قادرين على وصفِ أنفسنا بما هو فينا،
وليس بما هو موجود في القرآن وكتب الفقه، يومها فقط نستطيع القول أننا وضعنا
إصبعنا على الداء وشرعنا في وصف الدواء.
ملخص الحديث وخاتمته: "إن الله لا يغير ما بقوم حتى يغيروا ما بأنفسهم"، آية رائعة قالها
الله تعالى مخاطبا الناس. طبقها نسبيا بعض المسلمين المقيمين في الدول غير
العربية، وطبقتها حرفيا مخلوقات الله من غير المسلمين المقيمين في الدول الغربية
وبعض الدول الآسيوية غير المسيحية، ولم يأخذ بحكمتها تماما المسلمون المقيمون في الدول العربية. لله في خلقه شؤون ! هؤلاء لم يفقهوا معنى الإسلام حتى اليوم فبقوا
متخلفين عن واجباتهم منذ حوالي عشرة قرون (منذ حرق كتب ابن رشد نهية القرن 12م) وبقوا
ينتظرون قاعدين رزقًا أو عدلاً أو نصرًا يأتي من السماء. لو لم يمنعني العلم
واتقاء جهل الجاهلين، والله أكاد أجزم أن الرزقَ والعدلَ والنصرَ لن يأتوا إلا
بالعلمِ والعملِ والصدقِ والإخلاصِ. وقد سبق وقيل في الأثر "إن السماء لا
تمطر ذهبًا ولا فضة".
Aucun commentaire:
Enregistrer un commentaire