dimanche 6 mars 2022

حول قولة عمر بن الخطاب: "متى استعبدتم الناس وقد ولدتهم أمهاتهم أحرارا ؟"

 

"الحرية ليست شيئا قائما في ذاته نبحث عنه لكي نقبض عليه، بل هي شيء نمارسه ونصنعه أو ننتجه ! الحرية لا تنزل من السماء وهي  ليست موجودة على الأرض لكي نقترب منها، بل هي نتاج يُنتج و صناعة تُصنع في المعيش اليومي" (علي حرب).

قالها عمر بن الخطاب، رضي الله عنه، منذ خمسة عشر قرنا: "متى استعبدتم الناس وقد ولدتهم أمهاتهم أحرارا ؟". ومع ذلك ظل المسلم يستعبد أخاه المسلم أربعة عشر قرنا بعد تاريخ القولة (أُلغيت العبودية في موريتانيا في القرن الماضي فقط). نداء الفاروق، رضي الله عنه، لم يشمل جميع البشر في ذلك العصر وذلك لوجود العبيد رسميًّا في عهده. ولم يتم تحريم العبودية في الإسلام بل اكتفى الإسلام فقط بتشجيع تحرير العبيد ولو امتثلنا لنصائح القرآن وطبقناها فعليًّا لكنَّا سبقنا عصرنا وكل الأمم. ومَن يطالب بتحرير العبيد جملة وتفصيلا في ذلك الزمن كمَن يطالب بالمستحيل التفكير فيه في ذلك العهد. صيحة عمر، هي صرخة إنسانية تكرّم الإنسان لا شك في ذلك، وقد سبقه بأحد عشر قرنًا الأسياد اليونانيون في مساواة الأحرار بين بعضهم البعض.

وما وقع في الحضارة الإسلامية من ممارسات عبودية، وقع بنفس الدرجة أو أكثر في الحضارة المسيحية فلا يحق إذن لهذه الحضارة أن تزايد على غيرها في مجال حقوق الإنسان: ملايين من الأفارقة هُجِّروا قسرا إلى الولايات المتحدة الأمريكية، نصفهم مات في البواخر ونصفهم الآخر بَنَى أمريكا. خاض الغرب المسيحي حروبا مذهبية بين الكاثوليك والبروتستانت، حروبا تفوق دموية بكثير حروب السنّة والشيعة عندنا. لا تعترف المسيحية بمحمد نبيا ورسولا في حين أننا نحن نمجّد عيسى ونذكره في كل صلاة هو وأمه مريم العذراء. قَمَعَ الغرب الأقلية اليهودية قمعا وحشيا في ألمانيا "المحرقة" بغض النظر عن كون العدد صحيح أو مبالغ فيه، بينما عاشت هذه الأقلية بسلام نسبي في الإمبراطورية الإسلامية على مدى قرون. خَلَقَتْ أمريكا والسعودية إرهابَ القاعدة "بن لادن" ضد الاتحاد السوفياتي، فرجع السحر على الساحر واكتوتا بنار الإرهاب بعد خروج الشيوعيين من أفغانستان.

ثار العبيد عدة مرات وفي أماكن مختلفة وأزمنة مختلفة، لكنهم لم ينجحوا في تحرير أنفسهم قبل الأوان ولم ينفعهم أو يعجل بتحريرهم أي دين. حررهم تقدم البشرية وتطور وسائل الإنتاج وليس صدفة أن يبدأ تحريرهم في أكثر الدول تقدما، الولايات المتحدة الأمريكية. حررهم العقل البشري وساهمت في عتقهم من أغلالهم مَكْنَنَة وسائل الإنتاج. أصبحوا عبئا على صاحب الأرض فقال لهم غصبا عنه أو عن طواعية في بعض الحالات: "اذهبوا فأنتم الطلقاء". خرجوا من سجنهم الضيق إلى السجن الكبير. خرجوا من سجن أحادي اللون إلى سجن ملوّن، فيه الأسود والأبيض والأصفر والأحمر. كانوا يبادلون العمل بالقوت اليومي فأصبحوا يبادلونه بأجر زهيد لا يكفيهم قوت يومهم. كانوا وحدهم في العبودية فأصبح لهم إخوة كثر، عمالا وفلاحين أجراء وزادهم أخ جديد، سماه صاحب الأرض والمالك الجديد، "عاطلا عن العمل".

 


Aucun commentaire:

Enregistrer un commentaire