كتاب "خطاب الهوية. سيرة
فكرية"، علي حرب، الطبعة الأولى 1996، دار الكنوز الأدبية، بيروت لبنان، 176
صفحة.
نص علي حرب:
صفحة 25: وأما في قضية تعليق
الرسوم، رسوم الرؤساء، فإن مما كان يزيد في عجبه من هذا الأمر، أنه يرى أن من يفعل
ذلك إنما يفعله باسم الشريعة ومن أجل نصرتها. وهو يعلم حق العلم أن هذه الشريعة،
ويقصد بها شريعته، إنما أتت لترذل عقائد الجاهلية وتنقض أوثانها وتحطم أصنامها
وطوطماتها باسم الإله الواحد الأحد المفارق الغائب. ولذا، فإنها نهت الإنسان أو
استكرهت له إقامة التماثيل وتصوير الأشخاص أو تعليقها، لأن في ذلك شركا وضربا من
الوثنية مآله عبادة الشخصية.
وتفكر في الأمر، فوجد أن ذلك حق.
لأن مَن يُرى رسمه ويظهر اسمه في كل مكان ويجري ذكره على كل لسان، يصبح كلّي
الحضور، فيكتسي صفة الألوهية ويصير مقارنا لله أو ندا له. ولما عرف ذلك حاول أن
يشرح حقيقة الأمر للناس، وأن ينبههم إلى الخطأ فيما يفعلونه، فينهاهم عن تعليق
الصور أو حملها. غير أنه استدرك وفطن إلى ما نبّه عليه الحكماء بخصوص الجمهور.
وخشي أن يِؤوّل رأيه على غير ما قصد هو من ورائه وأن يُحمل على غير محمله. وتذكّر
أقوال القوم في هذا الشأن مثل: ليس كل ما يُعلم يقال، أو لا ينبغي التصريح بكل
الحقائق أمام الناس، وغير ذلك من الأقوال التي تنصح بمخاطبة الجمهور على قدر
عقولهم.
Aucun commentaire:
Enregistrer un commentaire