كتاب "آفاق النهضة العربية
ومستقبل الإنسان في مهب العولمة"، أبو يعرب المرزوقي، الطبعة الثانية 2004،
دار الطليعة للطباعة والنشر، بيروت، 216 صفحة.
صفحة 30 هامشة 1: فهذا الأمر حصل
في ماضينا الذي يعتبره البعض منحطًّا. ألم تصبح الخلافة مجرّد سلطة رمزية والسلطنة
مجرّد سلطنة تنفيذية، فبقي سلطان القيم المعرفية والدينية والخلقية والجمالية
مجالا حرا بحيث يمكن أن تجد في الدولة نفسها وبصرف النظر عن مذهب المشرفين عليها
كل المذاهب الفكرية ؟ أليس العهدان البويهي والسلجوقي مثلا من الخلافة العباسية قد
اعتمدا على مثل هذه الآلية ؟ ففي العهد البويهي يمكن لك أن تجد ذروة الفكر
الاعتزالي (عبد الجبار) وذروة الفكر الأشعري (الباقلاني)، وقبلهما تجد مؤسس
الأشعرية ومؤسس البهشمية وتجد ذروة الفكر المشائي العربي (الفارابي) والفكر الصوفي
العربي (الشبلي) والفكر العلمي العربي (ابن قرة الحفيد). وفي العهد السلجوقي تجد
ابن سينا والغزالي وابن الهيثم والخيامي إلخ.. وكلهم يعملون دون أن يتدخل السلطان
في شأنهم لكون الدولة كانت قد فهمت أن سرّ قوتها هو هذا التنوّع الحيّ في مجالات
القيم التي عليها أن ترعاها بصرف النظر عن اختلاف أصحابها المذهبي. إنها قد فهمت
أن الاختلاف المذهبي هو سرّ الحياة في الإبداع القِيمي.
Aucun commentaire:
Enregistrer un commentaire