mercredi 30 mars 2022

أمّة بين هُوَّتَيْن

 

حفرَ الغربُ هُوَّةً بين مستقبل العربِ وحاضرهم وحفر العربُ بأيديهم هُوَّةً أخرى بين حاضرهم وماضيهم المجيد جزئيًّا ونسبيًّا، فأصبحوا أمة بين هُوَّتَيْن أو هاوِتَيْن !

المصدر:

Les identités meurtrières, Amin Maalouf, Ed Grasset & Fasquelle, Paris, 1998, 211 pages.

نبذة عن أمين معلوف:

أمين معلوف، كاتب باللغة الفرنسية (Prix Goncourt 1993 pour « Le Rocher de Tanios »)، مزدوج الجنسية، من عائلة وتنشِئة مسيحية-عربية، لبناني-فرنسي، متعدد الهويات، لا ينكر انتماءه إلى أي واحدة منها وفي الوقت نفسه لا يضخّم من شأن واحدة على حساب الأخرى.

نصوص مختارة من أمين معلوف:

صفحة 76: "الشيء الذي أناضل اليوم ضده وسأناضل دومًا ضده، هو هذه الفكرة الثنائية الخاطئة القائلة بوجود دينٌ -مسيحي- يهدف إلى نشر التقدم والحرية والتسامح والديمقراطية، ومن جهة أخرى دينٌ -إسلامي- مهيأ منذ البداية للاستبداد والظلامية".

"أعرِّف المؤمن كالآتي: هو مَن يؤمن بـبعض القيم التي ألخّصها في واحدة:  كرامة الكائن البشري. أما الباقي فلا يعدو أن يكون إلا أساطير وآمال".

"لا تخلو ديانة من التعصب والتشدد والتطرف، لكن إذا قمنا بجردِ ما أنجزته الديانتان المتنافستان عبر التاريخ، لَلَاحظنا أن الإسلامَ لا يخجل من ماضيه.  لو كان أجدادي مسلمين في بلدٍ محتل من قِبل الجيوش المسيحية عوض أن يكونوا مسيحيين في بلدٍ محتل من قِبل الجيوش الإسلامية، لا أعتقد أنهم كانوا قادرين على مواصلة العيش والمحافظة على إسلامهم مثلما حافظنا نحن على مسيحيتنا طيلة 14 قرنًا. ماذا حصل في المقابل لمسلمي إسبانيا وسيسيليا ؟ انقرضوا عن بكرة أبيهم، مقتولين أو مُكرَهين على الهجرة أو مُمَسَّحِين بالقوة. منذ فجره، يزخَر التاريخ الإسلامي بقدرة عجيبة على التعايش مع الآخر. في أواخر القرن XIX، كانت إسطنبول، عاصمة أكبر قوة إسلامية في ذلك العصر، تعدّ في سكّانها أغلبية غير مسلمة، أساسيًّا يونانيين وأرمينيين ويهود. لـنتخيّلْ في نفس العصر أن نصف سكان باريس أو لندن أو فيانّا أو برلين يتكون من مسلمين ويهود ؟ لا يزال بعض المواطنين الأوروبيين إلى اليوم يمتعضون من سماع الأذان في مدنهم".

"يجب أن نقارن ما يصلح للمقارنة. أسّسَ الإسلام "اتفاقية تسامح" 

(un “protocole de tolérance”

في عهدٍ كانت فيه المجتمعات المسيحية لا تتحمل الآخر".

"بعد ما كان العالَم الإسلامي وعلى مدى قرون، رافعًا راية التسامح، أصبح اليوم في مؤخرة الأمم" (المؤلّف محمد كشكار: "من المفارقات أن العالَم الإسلامي اليوم يُنعتُ بالتشدد والتطرف والتعصب والرجعية والظلامية ومعاداة المرأة والفن وحقوق الإنسان".)

"ولكن بالنسبة إليَّ، فقد بيّنَ التاريخ بوضوح أن الإسلامَ يحمل في داخلِه استعدادات وإمكانيات كبيرة للتعايش والتفاعل الخصب مع الثقافات الأخرى، لكن التاريخ الحديث بيّن أيضا أن رِدّة قد تحدث وقد تبقى هذه الإمكانيات الكامنة فيه متواصلة على مر العصور. (...) ولو طبّقنا التاريخ المقارَن على العالَم المسيحي والعالَم الإسلامي، سنكتشف من جهة، دينًا متعصبًا حاملاً لنزعة الاستبداد، لكنه تغيّر شيئا فشيئا إلى دين تفتح على الآخر، ومن الجهة الأخرى، دينًا حاملاً لرسالة تفتّح، لكنه انحرف شيئا فشيئا إلى سلوكيات متطرفة واستبدادية".

صفحة 85: "المجتمع الغربي صَنَعَ الكنيسة والدين اللذَين كان هو في حاجة إليهما". ... كل المجتمع شارَك، بمؤمنيه وملحديه" (المؤلّف محمد كشكار: هذه الجملة الأخيرة لأمين معلوف، تقابلها جملة قالتها جاكلين الشابي، عالمة أنتروبولوجيا: "الدين يخلق مجتمعًا وهذا المجتمع يخلق دينَه").

 

 

 

 

 

 


Aucun commentaire:

Enregistrer un commentaire