كتاب "ثورات القوة الناعمة في
العالم العربي. من المنظومة إلى الشبكة."، علي حرب، الدار العربية للعلوم
والنشر، الطبعة الثانية 2012، 240 صفحة.
نص علي حرب:
صفحة 202: فالمسلم هو الذي يتعاطى
مع ثقافته الدينية كمرجعية للمعنى، كمشروع خلاص فردي، كنسق رمزي من القيم والمثل
يمكن استلهامه في حياته ومهنته وعمله العام، أو في برنامجه السياسي إذا كان حاكما،
كما فعل قادة كـ"مهاتير محمد" و"رجب أردوغان" و"راشد آل
مكتوم"، وسواهم من الحكام الذين لم يقدّموا أنفسهم كدعاة إسلاميين، ولكن
نجاحهم في إدارة بلدانهم وتنمية مجتمعاتهم يُحسب لمصلحة هويتهم الوطنية أو
الدينية، من غير ادّعاء أو تنظير.
وعلى هذا النحو يتعامل المسيحي مع
ثقافته الدينية وتراثه اللاهوتي، سيما وأن "المسيحية" مرّت بمصفاة
العَلمنة، بعد الثورة الفرنسية، ولم تعد وصية على الدول والأوطان، ولا على العقول
والأفكار، وأعتقد أن هذه هي حال فكرة "الاشتراكية"، بعد فشل مشاريعها
وتحوّلها إلى أصوليات عَلمانية أو معسكرات فكرية أو أنظمة ديكتاتورية. لقد أصبحت
مجرّد مرجع ملهم أو مبدأ موجّه للفكر والعمل لا أكثر.
صفحة 211: المسلم العادي، هو
المسلم الذي لا ينتمي إلى تيار سلفي أو تنظيم أصولي، وهو المسلم الذي تفاجئه
وتصدمه انتهاكات الدعوات السلفية والتيارات الأصولية وأعمالها البربرية.
صفحة 203: أما الإسلامي فهو، على
خلاف المسلم، يتعامل مع ثقافته الدينية كمشروع خلاص جمعي لإصلاح الأمة ونهوض
المجتمعات. ومنهم مَن يدّعي إنقاذ البشرية جمعاء، كما هي دعوى بعض الجماعات
والأحزاب والمنظمات الإسلامية.
وهذا ما تشهد به شعارات الحاكمية
والخلافة الإسلامية وولاية الفقيه، وهذا ما يؤكده إصرار الإسلاميين على أن الشريعة
الإسلامية هي "المصدر الرئيسي" للتشريع. بذلك يصبح الدين بمثابة هوية أو
دولة أو نظام سياسي أو نسق حقوقي أو برنامج اقتصادي أو نموذج تنموي... وهذا هو
مفاد شعارهم: الإسلام هو الحل والبديل: أسلمة شاملة للحياة بمختلف جوانبها و
وجوهها.
Aucun commentaire:
Enregistrer un commentaire