mardi 15 mars 2022

هل يختلفُ المواطن التونسي المتحزب اليساري عن الإسلامي أو القومي أو الدستوري في سلوكياته وقِيمه ؟

 

(Comportements et Valeurs

 

للأمانة العلمية أقول لكم:

لا تنزعجوا أيها المنتمون للأحزاب التونسية، فملاحظاتي التالية ليست ناتجة عن بحثٍ أو دراسة لأحوالكم المتردية والواضحة للعيان ولا تحتاج إلى بيان، بل هي مجرد انطباعات صادرة عن مُسِنٍّ (70 عامًا) فَقَدَ ثقته فيكم جميعًا ولا يرى خلاصًا للبشريةِ في الأنظمةِ القوميةِ ولا اليساريةِ ولا الليبراليةِ ولا الإسلاميةِ، يراهُ فقط في الاستقامةِ الأخلاقيةِ على المستوى الفردِيِّ وكُنْ ما شِئتَ (La spiritualité à l`échelle individuelle).

يبدو لي أن الجواب على سؤال العنوان سوف يكون حتمًا بِـ"لا" وهو في ظني أقربُ للصواب والدلائل كثيرة ولكم منها بعض مما أعرف:

-         بعض المدرّسين والمدرّسات (يساريين وإسلاميين وقومييين ودستوريين) يساهمون في تخريب المدرسة العمومية التونسية وذلك عن طريق الكسب المشط من بيع الدروس الخصوصية غير القانونية (القانون يقول: لكل مدرّسٍ الحق في تنظيم دروس خصوصية خارج المدرسة لغير تلامذته في القسم على شرط أن لا يفوق العدد الجملي اثنَي عشر تلميذًا، يقسّمهم إلى ثلاث مجموعات منفصلة وبمقابل غير مشط). وإذا سكن وزارة التربية مُخرِّبٌ للمدرسة العمومية أو مُخَرِّبانٍ فمدارسنا يسكنها عديد المدرّسين المخرّبين والمصيبة أن هؤلاء غير واعين أنهم للتعليم العمومي مخرّبون، إما عن جهلٍ بماهية التخريب أو عن نقصٍ في الكفاءة البيداغوجية والإبستمولوجية (كلهم تقريبًا) أو عن جشعٍ وطمعٍ لا يَلِيقان برسالة التعليم.

-         بعضهم ليسوا ديمقراطيين حقيقيين (يساريين وإسلاميين وقومييين ودستوريين): الإسلاميون يساندون أردوڤان مُدَمِّرُ المدن الكردية في تركيا وسجّان الصحافيين الأتراك المعارضين، واليساريون والقوميون يساندون الدكتاتور بشار ابن ووريث الدكتاتور حافظ (مع الإشارة أن كل مَن شارك في تدمير سوريا أعتبره أنا شخصيًّا مجرمَ حربٍ من أمثال الحكومات التركية والقَطرية والسعودية والإيرانية والروسية وحزب الله اللبناني وأمريكا وأوروبا) أما الدستوريون فيكفيهم نقدًا أن زعيمهم بورڤيبة هو أول مستبد تونسي حكم تونس بعد الاستقلال.

-         بعض التُجار والتاجرات (يساريين وإسلاميين وقومييين ودستوريين) يرفعون الأسعار ولا يقنعون بالزيادة القانونية.

-         بعض الحِرَفِيين (يساريين وإسلاميين وقومييين ودستوريين) يغشّون ولأعمالهم لا يتقنون.

-         بعض قيادات أحزابكم يَكذِبون ولِوعودهم الانتخابية يخونون (يساريين وإسلاميين وقومييين ودستوريين).

-         بعض الموظفين العموميين (يساريين وإسلاميين وقومييين ودستوريين) يغادرون عملهم قبل الموعد المحدّد ولا يقومون بواجبهم ويتعاطون مخدّر العطل المرضية المزيّفة.

-         بعض المتحزبين (يساريين وإسلاميين وقومييين ودستوريين) لا يتقبلون النقد الذاتي العلني، لا بل يُحقِّرون من شأن نُقادِهم المستقلين.

-         بعض المتحزبين (يساريين وإسلاميين وقومييين ودستوريين) لا يهتمون بالنشاط الفكري والثقافي.

-         بعض المتحزبين (يساريين وإسلاميين وقومييين ودستوريين) على الدنيا متكالبين وللقانون مخترقين، فكيف لفاسدٍ إذن أن يقاومَ فاسدًا مثله ؟

Conclusion:

« Les idéologies sont liberté quand elles se font, oppression quand elles sont faites » (Sartre Jean Paul, 1948, qu’est-ce que la littérature ? collection idées/Editions Gallimard p.193).

Les idéologies importées ne changent pas les valeurs des tunisiens. Seule une rupture épistémologique bachelardienne pourrait déstabiliser leurs pensées et  déconstruire leurs valeurs réactionnaires.

Changer d`idéologie, ça ne veut pas dire changer d`identité. Une identité arabo-musulmane fossile qui s`est forgée durant les dix dernières siècles. Une identité qui a surgi à la fin du XIIe siècle ap. J. C., exactement depuis l`autodafé des livres d'Averroès, à Cordoue, Séville et Marrakech. Une identité purgée de son exir vital, qu`est la philosophie rationaliste grecque, ne pourra jamais réussir.

يبدو لي أنه من الأسلَمِ أن لا يطلبَ اليساري التونسي العَلماني (لا أستثني نفسي) من أخيه الإسلامي التونسي أن يتخلى عن ثوابتِه الدينية والثقافية والمِثلُ بالمِثلِ !

المصدر:

Les identités meurtrières, Amin Maalouf, Ed Grasset & Fasquelle, Paris, 1998, 211 pages

ترجمة نص أمين معلوف بشيء من التوسّع:

صفحة 100-101: أستغرِبُ كيف يُطلبُ من الإنسان المسلم أن يعترف بأن صناعته العربية-الإسلامية التقليدية قد وَلّت وبلِيت، وأن كل ما ينتجه اليوم لا يساوي شيئًا مقارنة بما ينتجه الغربُ، وأن تعلّقه بوصفاتٍ طِبِّيةٍ عربيةٍ أصبح يُصَنّف في باب الشعوذةِ، وأن انتصارات جيوشه العربية-الإسلامية لا تعدو أن تكون مجرّدِ ذِكرَى مُبهمَة تركها أبطالُه العسكريون، وأن شعراءه الكبار وعلماءه وشخصياته المرموقة، كلّهم لا يُساوون نكلة في عيون العالَم غير الإسلامي، وأن دينه متهَم بالتكلّس والدغمائية والرجعية والظلامية والتزمّت والتعصّب والتطرّف والهمجية والاستبداد والدموية، وأن لغته العربية لم يعُد يهتم بدراستها إلا حفنة من المختصين، وإذا أراد العربي أن يعيش ويعمل ويتواصل مع باقي الإنسانية فعليه أن يتكلم بلسانهم وفي المقابل كمْ من الغربيين يرَون حاجة اليوم أو منفعة في تعلم اللغة العربية أو التركية.

في كل خطوة يجد المواطن العربي المسلم نفسه معرّضا للإهانة والشعورِ باليأس والخيبة. فكيف لا تكون شخصيته مجروحة ؟ وكيف لا يشعر بأن هويته مهدّدة ؟ وكيف لا ينتابه شعورٌ بأنه يعيش في عالَم على ملك الآخرين، عالَم يخضع لنواميس مملاة من الآخرين، عالَم يحسّ فيه العربي-المسلم بأنه يتيمٌ، أجنبيٌّ، دخيلٌ أو مَنبوذٌ ؟ وكيف يمكن أن نتجنب أن ينتابَ البعض من العرب المسلمين شعورٌ بأنهم خسِروا كل شيء وأنهم باتوا كشمشون الجبّار يتمنون سقوط النظام، أي نظام، ويردِّدون قولة شمشون الشهيرة: "علَيَّ وعلى أعدائي".

خلاصة القول: قبلَ أن نَحرِم المواطن العربي-المسلم من عُكّازَتَيه القديمَتَيْن الضرورِيَّتَيْن للحياة (الإسلام الشعبي والعروبة الشوفينية)، يجب أن نحثه ونساعده على أن يصنَعِ بيديْه عُكّازتَيْنٍ جديدَتيْنٍ يكونانِ أفضلَ له من القديمَتيْنِ ! وفي المقابل أطلب من المواطن الإسلامي التونسي أن يعامِل أخيه المواطن اليساري العَلماني بمثل ما يرغب أن يُعامَل هو، ويجب أن لا ننسى أنّ لليساريين ثوابتهم المكتسبة وأخلاقهم الكونية ولهم ثقافة عالية ورموزٍ وجب على الإسلامي احترامها، لم أقل عدم نقدِهم. ولْيُؤمِن ويطَبِّق كلاهما مبدأ حرية الضمير والمعتقد المضمون في الدستور التونسي الجديد.

Aucun commentaire:

Enregistrer un commentaire