lundi 28 mars 2022

العنف في البلدان الإسلامية. محمد الشرفي

 

كتاب " الإسلام والحرية: الالتباس التاريخي"، تأليف: محمد الشرفي، دار الجنوب للنشر، تونس 2009، طبعة جديدة منقحة ومزيدة. 269 صفحة.

1. العنف في السودان: نص محمد الشرفي:

صفحة 28: أما حسن الترابي فقد طبق أثناء الأشهر القليلة التي كان فيها وزيرا للعدل في حكومة النميري بالسودان، قَطْعَ اليد لمعاقبة السارق في 96 مناسبة كما ورد في إحصائيات منظمة العفو الدولية (هامشة 3 في نفس الصفحة: نشرية منظمة العفو الدولية، أفريل - 1986).

وهذا الترابي ذاته الذي كان مُنظّر النظام الإسلامي السوداني كثيرا ما استجوبته المحطات التلفزيونية الغربية. ورغم هيئته الظريفة وخفة روحه الناشئة عن لحيته البيضاء الصغيرة، وقسمات وجهه الضاحكة ولغته الأنجليزية المهذبة وحديثه عن العلوم والتقدم والديمقراطية والحداثة وروح العصر وحقوق الإنسان، ورغم اشتهاره عند بعض الغربيين بكونه مثقفا إسلاميا معتدلا، فإنه لم يتلفّظ قط بأية عبارة نقد ذاتي تتصل بالجرائم التي اقترفها يوم كان وزيرا للعدل بالسودان أو بالحكم بالإعدام وتنفيذه في شخص منافسه محمود محمود طه الذي أُتِّهم بالرِّدّة والمروق، بل إنه تجرّأ على تحية مقترفي محاولة اغتيال الرئيس حسني مبارك يوم 26 جوان 1995 بأديس أبابا، باعتبارهم، حسب قوله "مجاهدين أرادوا طرد فرعون مصر"، وباعتبار أن "الله أراد أن يبعث الإسلام من جديد انطلاقا من السودان لينتشر عبر ضفاف النيل فيطهّر مصر من الرِّجس (هامشة 4 في صفحة 29: انظر مقالة "الإسلاميون السودانيون يشيدون بالمسؤولين عن محاولة اغتيال الرئيس المصري"، جريدة لوموند الفرنسية، 7 جويلية 1995، ص 5).

2. العنف في الجزائر: نص محمد الشرفي:

صفحة 26: كما أنه من المعلوم أن البلاد الجزائرية قد عاشت اضطرابات إرهابية دامية طيلة السنوات الثلاث التي فصلت بين توقف العملية الانتخابية وعودتها من جديد بانتخاب اليمين زروال رئيسا للجمهورية سنة 1995. وقد اعتبر جل الملاحظين أن حصيلة المواجهات الدامية بالجزائر قد بلغت ما لا يقل عن أربعين ألف ضحية بل يمكن أن تكون الحصيلة أثقل من ذلك، إذ قد تكون في حدود الخمسين أو الستين ألفا، ثم إن عدد الضحايا قد يكون بلغ حدود الثمانين ألفا حسب إحصائيات منظمة العفو الدولية.

3. العنف في تونس: نص محمد الشرفي:

صفحة 19: وفي الفترة نفسها تقريبا (إضافة المؤلّف محمد كشكار: فترة نشر كتاب علي عبد الرازق " الإسلام وأصول الحكم" سنة  1925 في مصر)، نشر الطاهر الحداد في تونس كتابه القيم "امرأتنا في الشريعة والمجتمع" للمناداة بتحرير المرأة ولبيان أن الإسلام حين نُحسِن فهمه لا يعارض ذلك فلقي المساندة من الشرائح المستنيرة من المثقفين والمجتمع في حين لقي التشنيع به من قبل "علماء" الجامعة الزيتونية التي سحبت منه الشهادة العلمية التي كان قد تحصّل عليها فيها عن جدارة. وقد طبقت الإدارة الاستعمارية قرار "العلماء" ومنعت هذا المفكر من أن يتولى القضاء. غير أن الطاهر الحداد قد رُدَّ إليه اعتباره مع استقلال البلاد وأصبح حجة كثيرا ما يُستشهد بها في الخطاب الرسمي وأنشِئ نادٍ يحمل اسمه، ثم إن كُتبه تُدرس بالمدارس. ودون أن نغبط بورﭬيبة حقه في الدور الكبير الذي قام به في سبيل إقرار "مجلة الأحوال الشخصية"، فإنه لا نزاع في أن تلك المجلة تأسست عمليا على نظرية الطاهر الحداد.

غير أن الأنموذج التونسي يبقى في هذا المجال استثناء في العالم العربي الإسلامي الذي لم يتوصّل بعد إلى التوفيق بين الدين والحداثة.

4. العنف في إيران: نص محمد الشرفي

صفحة 27: إن اللجوء إلى العنف باسم الدين ليس أمرا نظريا بل إن سلوك الإسلاميين سواء كانوا في صفوف المعارضة أو كانوا في السلطة، سلوك مفعم بثقافة العنف. فها هي السلطة الإيرانية تقْدِم على "هذا التقدّم التكنولوجي العظيم" المعلن عنه بافتخار وتباهِ من قبل المجلس الأعلى الإيراني للعدل في فيفري 1985، والمتمثل في اختراع آلة كهربائية من صنع أطباء وتقنيين إيرانيين لبتر أيدي المختلسين (هامشة 2 في نفس الصفحة: محمد العربي بوﭬرّة: المغرب، جريدة أسبوعية تونسية مستقلة، عدد 70، بتاريخ 7 جوان 1985.). لا شك أن هذه "التحفة التكنولوجية الإيرانية" قد استُعملت في أفريل من السنة نفسها لبتر أيدي خمسة "لصوص" كما تزامن ذلك مع تعرّض شخصين اثنين إلى الرجم بتهمة الزنا وزهاء مائة وستين شخصا إلى الجَلْدِ بالسياط لارتكابهم أعمالاً محظورة !

ومنذ ذلك العهد تجاوزت تلك الممارسات المرحلة التجريبية لتصبح معمّمة، فقد كرّست المجلة الجنائية الإيرانية الجديدة التي دخلت حيز التنفيذ في 9 جويلية 1996، الجلد بصفة رسمية وذلك باعتباره عقوبة زجرية لأعمال متنوعة متصلة بالسياسة أو الحق العام، من ذلك 74 جلدة سوط للمرأة التي يقبض عليها غير متحجبة في مكان عمومي، و99 جلدة لمقترفي علاقة جنسية خارج الزواج، والإعدام رجما لمقترفي الزنا، أضف إلى ذلك كله أن الإعدام عقوبة منصوص عليها تسلط على كل من يهاجم آية الله الخميني مؤسس الجمهورية الإسلامية المتوفي في جوان 1989، أو خلفه آية الله خامَنئي.

صفحة 29: أما حق المرأة في المساواة مع الرجل فرفضُ الأصولية الإسلامية له صار من الأمور المعروفة لدى الجميع ولنا في التجربة الإيرانية نموذج واضح على التصور الأصولي لهذه المسألة.

لقد جاءت المجلة الجنائية الإيرانية الجديدة لتضمن عدم معاقبة الزوج المُهان الذي يباغت زوجته بصحبة عشيقها فيقتلها، إذ مهما يكن من أمر فإن مآلها سيكون الإعدام. غير أن هذه المجلة الجنائية الإيرانية لا تعترف للمرأة المُهانة بنفس الحق في الحالة المماثلة، أي في حالة اكتشافها لزوجها وهو يخونها مع امرأة أخرى، وذلك على أساس أنها ليست سوى امرأة على كل حال، وأن زوجها له أن يخونها قانونيا مع زوجة ثانية وثالثة ورابعة، وحتى وإن كانت له أربع زوجات فإنه يستطيع التخلص ممن تقبض عليه متلبسا بالتصريح لها بأنه طلقها من خمس دقائق، وهو أمر يستطيع القيام به دون أن يستلزم ذلك منه أي إجراء حسب الفقه الإسلامي حتى مجرد إعلام الزوجة الطالق.

صفحة 30: ونفس المنحى الإقصائي نجده عند التيار الأصولي الإسلامي فيما يتعلق بحرية الرأي والمعتقد. فقد أورد عبد الفتاح عمر المقرر الخاص للأمم المتحدة في مسألة التسامح الديني أنه وقع في سنة 1995 في إيران طرد ما لا يقل عن عشرة آلاف موظف بهائي من الوظيفة العمومية دون اعتراف بحقوقهم في التقاعد رغم مساهماتهم فيه، كما ذكر المقرر نفسه أن ما لا يقل عن 201 بهائي قد قُتلوا، ولم يتوقف الأمر عند هذا الحد بل أصدر المجلس الأعلى الثقافي الثوري أمره القاضي بأن لا يُقبل أطفال البهائيين إلا في المدارس الابتدائية والمعاهد الثانوية التي يكون فيها "التعليم الديني موجها توجيها قويا"، أي مدارس الأصولية الإسلامية. وأما التعليم العالي فإنه في حقيقة الأمر ممنوع عليهم لأن الالتحاق به مشروط بالنجاح في امتحان يتعلق بالمعارف الدينية ، ومن المعلوم أن هذا الامتحان الذي رُكّز بُعيد قيام الثورة قد مكّن من طرد أكثر من ثلث الطلبة، أي جميع أولئك الذين تغافلوا عن الإعلان عن إسلامهم النضالي الراديكالي.

5. العنف في مصر: نص محمد الشرفي

صفحة 18: وصورة الحادث المذكور أن عائشة راتب وزيرة الشؤون الاجتماعية في مصر، ذلك البلد الذي لعب مدة طويلة دور الرائد في مجال تحرير المرأة، كانت على خلاف مع زوجها وكانت تعيش في وضع انفصال معه في انتظار الطلاق. وعندما ركبت الطائرة في بعثة رسمية استطاع زوجها أن يعطّل إقلاعها لمدة لا بأس بها لأن الزوجة كانت ستسافر دون ترخيص من الزوج.

وعندما يجتهد المثقف لبلورة رأي يوفّق فيه بين الإسلام والحداثة فإن "العلماء" يتعبّؤون ضد هذا المفكر "المنافق الشنيع المهدور دمه" وأما الحكومات فإنها تجاريهم إما سعيا وراء حسابات سياسية أو انسياقا مع اعتبارات ديماغوجية. وتلك -و يا للأسف !- ممارسة قديمة. فعندما نشر علي عبد الرازق كتابه الشهير "الإسلام و أصول الحكم" سنة 1925 سعيا منه للتوفيق بين الدين والحداثة في مجال النظام السياسي، سفّهه "العلماء" وطردوه من جامعة الأزهر وأيدت الحكومة موقفهم منه. والأنكى من ذلك أن سعد زغلول قد ندّد بالكتاب وبمؤلفه تنديدا لم يكن أقل حدة من تنديد من سبقه، والحال أنه كان رئيس أكبر أحزاب العصر وهو حزب النضال من أجل الاستقلال، والحزب الذي كان يُقال عنه إنه لائيكي. ولم تغير السلطات المصرية سياستها في هذا المجال حتى يوم الناس هذا. صحيح أن كتاب علي عبد الرازق يُطبع اليوم على نفقة الحكومة المصرية في عشرات الآلاف من النسخ غير أن ذلك لا يغير شيئا من الواقع القائم وهو أن علي عبد الرازق بقي مجهولا في المدارس المصرية.

صفحة 25: من المعروف أن البلاد المصرية قد كانت عرضة، فيما بين سنتي 1992 و1995، إلى موجة إرهابية دامية ذهب ضحيتها ما لا يقل عن 984 شخصا  (هامشة 1 في نفس الصفحة: أوردت المنظمة المصرية لحقوق الإنسان أن عدد الضحايا قد بلغ 963 شخصا منهم 333 قُتلوا خلال الأشهر العشرة الأولى من سنة 1995، وأكدت أن الأصوليين يتحملون أكبر المسؤولية في هذه الاغتيالات). وقد كانوا من الأقباط في درجة أولى ثم، في درجة ثانية، من المناضلين الديمقراطيين والمثقفين الوطنيين والسياح الأجانب.

 

 


Aucun commentaire:

Enregistrer un commentaire