بعض
اليساريين العرب اللذين تَصالُحُوا مع هويتهم الإسلامية (وأنا منهم) لا
يشعرون بأنهم خانوا يساريتهم لأنهم بدورهم وجدوا أن للثقافة الإسلامية الشعبية نفس
الأهداف (لم أقل للإسلام السياسي الحاكم في إيران أو للترويكا التي حكمت تونس
لفترة قصيرة جدًّا) وهي على التوالي دون ترتيب: معاداة الإمبريالية الغربية
وإسرائيل والليبرالية المتوحشة التي سلعنت كل القِيم ووصلت إلى كراء أرحام النساء
وقنّنت الرشوة والربا المجحف، مساندة الطبقات المسحوقة وتحقيق العدالة الجزائية والاجتماعية
على الأرض في انتظار تحقيقهما في السماء، معاداة الأنظمة العربية الملَكية
والجمهوريات غير الديمقراطية كبورقيبة وبن علي وناصر وصدام والأسد والسيسي وبومدين
والقذافي وغيرهم.
المفاجأة
السارة التي اكتشفها
الناشطون
السياسيون اليساريون العرب المتصالحون مع هويتهم الإسلامية
(وأنا لستُ منهم أي لستُ ناشطًا
سياسيًّا، أنا ناشطٌ فكريٌّ لا غير) هي التالية: وجدوا أنفسهم يناضلون وهم ملتحمون
بشعوبهم أي "كالسمكة في الماء" كما قال "ماو" ولم يعودوا كما
كانوا معزولين منفردين يوزّعون مناشير مترجمة عن الروسية أو يبيعون كُتُبًا حمراء صغيرة
لا يطالعها أحدٌ. أصبحوا يتكلمون لغة أي فرد من أفراد شعوبهم. لغة تنقل عن القرآن
والحديث والتراث لا لغة تنقل عن ماركس ولينين وستالين.
الهوية
الإسلامية ثقافة وانتماء في آن ولا يحتاج اليساري العربي للانضمام إليها إلى
تأشيرة دخول أو مطلب لأنه مولود فيها واسمه مشتقّ من تراثها.
Source d’inspiration : le
dérèglement du monde, Amin Maalouf, éd. Grasset & Fasquelle, Paris 2009,
prix : 7,9 €,
315 pages.
إمضائي:
أعترف أن لا
هدف لي مسبقًا ومحدّدًا من وراء الكتابة والنشر سوى المتعة الفكرية في فترة
التقاعد وتحلية مرارة انتظار الأجل كما قال الفيلسوف أبو نواس.
"وإذا كانت كلماتي لا تبلغ فهمَك فدعْها
إلى فجرٍ آخَرَ" (جبران خليل جبران)
تاريخ أول نشر على صفحتي الفيسبوكية: حمام الشط في 24 سبتمبر 2023.
Aucun commentaire:
Enregistrer un commentaire