صراعٌ بين
ثقافتَين، ثقافتي الفرنسية المكتسبة وثقافتي العربية-الإسلامية الموروثة (الثقافة
من صُنع البشر أي ليست وحيًا ينزل من السماء). الأولى مهيمِنة والثانية مهمَّشة.
لا أنكر انتمائي للثقافتَين لكنني كل يوم أشعر بأنني أبتعد عن الأولى والثانية ولا
أسعى للمصالحة بينهما (مهمة نبيلة وعملاقة لكنني لا أقدر عليها منفرِدًا)، بل
أكتفِي بمحاولة التجسير بينهما وما إصراري على ممارسة الترجمة يوميًّا إلا من أجل خدمة
هذه المهمة. المفارقة أن ثقافتي الفرنسية أثْرت وبصفة غير مباشرة ثقافتي
العربية-الإسلامية وذلك عبر اكتساب منهجية وأدوات نقد وتحليل اكتسبتها من الفرنسية وطبقتها
على العربية-الإسلامية.
أعلن عدم
رضاي عن الاثنتين وخاصة على تعصب كل واحدة منهما، تعصب ساهم في تسميم العلاقة بينهما. ثقافتان
غارقتان ولا سفينة في الأفق، ثقافتان تشتركان في نقيصة واحدة تتمثل في عدم الإخلاص
للقِيم الأصلية لكل واحدة منهما. أحلم بعالم أرحب يسع كل الثقافات رغم اختلافها
والبستان لا يُسمى بستانًا إلا إذا تعددت فيه الأزهارُ. أحلم بعالم تتعايش فيه كل
الثقافات واللغات والهويات من أجل "إعادة أنسنة الإنسانية" على حد قول
الفيلسوف الإنساني الفرنسي إدغار موران.
ما أعيبه على
ثقافتي الفرنسية هو عقدة التفوق والسعي المجنون للهيمنة على كل الثقافات الأخرى.
ما أعيبه على
ثقافتي العربية-الإسلامية هو عقدة النقص التي جعلتها تستحي من أختها دون مبرر وتتقوقع
على نفسها.
علم
الأنتروبولوجيا، المهمّش في بلدي، أثبت أن الثقافات خالدة لا تموت ولا أفضلية بينها.
Source d’inspiration : le
dérèglement du monde, Amin Maalouf, éd. Grasset & Fasquelle, Paris 2009,
prix : 7,9 €, 315 pages.
إمضائي:
أعترف أن لا هدف لي مسبقًا ومحدّدًا من وراء الكتابة والنشر سوى المتعة
الفكرية في فترة التقاعد وتحلية مرارة انتظار الأجل كما قال الفيلسوف أبو نواس.
"وإذا كانت كلماتي لا تبلغ فهمَك فدعْها
إلى فجرٍ آخَرَ" (جبران خليل جبران)
تاريخ أول نشر على صفحتي الفيسبوكية: حمام الشط في 8 سبتمبر 2023.
Aucun commentaire:
Enregistrer un commentaire