lundi 11 septembre 2023

صفقة القرن: هل هي اتفاقية سلام أم اتفاقية كراهية ؟ (عدد مارس 2020)

 

 

 

حتى ولو أنجِز هذا الاتفاق، الموعود بعد أربع سنوات على شرط موافقة إسرائيل، فالفلسطينيون سيبقون دومًا تحت رحمة مغتصِبي أرضهم، مثلاً: منذ 1967، لا يستطيع الفلسطينيون تشييد منازلهم دون ترخيص من إسرائيل. وفي صورة ما إذا مكنتهم الاتفاقية الموعودة من الترخيص لأنفسهم، فسيبقى الفيتو الإسرائيلي يلاحقهم في المناطق الفلسطينية المتاخِمة للحدود بين دولتهم ودولة إسرائيل.

المفارقة: يكفي أن تتفحص جيدًا الخريطة الموعودة حتى تتفطن أنه لا توجد مناطق فلسطينية غير متاخِمة للحدود المفبركة بين البلدين. هذا النوع من التقييدات يُفرض باسم "السلامة"، سلامة الإسرائيليين طبعًا وليست سلامة الفلسطينيين (فليذهبوا إلى الجحيم). كلمة "السلامة"، هذه، وردت في نص الاتفاقية 167 مرة.

دولة إسرائيل تمتلك أقوى جيش في المنطقة وتحتكر السلاح النووي في منطقة الشرق الأوسط، وقنابل طائراتها تطال لبنان وسوريا والعراق، وغزة. في 2019، هذه القنابل قتلت 133 فلسطيني منهم 28 طفل مقابل 10 إسرائيليين فقط.

"جيش دفاعها" شنّ حروبا هجومية على مصر عام 1956 وعام 1967 وعلى لبنان عام 1982؟

الفلسطينيون المهجَّرون لا حق لهم في العودة ولا التعويض، ولا يستطيعون الإقامة في دولة فلسطين الموعودة إلا بموافقة إسرائيل، وعلى السلطة الفلسطينية أن تُربي شعبها على هجر "خطاب الكراهية" ضد اليهود المحتلين، وكأن هذا النوع من الخطاب غير موجود في إسرائيل ضد العرب.

في الآخر، على الفلسطينيين أن يعترفوا بإسرائيل كـ"دولة قومية يهودية"، أضف إلى ذلك أن تبادل بعض الأراضي بين الدولتين سيرمي بعد تطبيق الاتفاقية بـ400 ألف من فلسطيني 48 خارج حدود إسرائيل، مما قد يساهم في تحقيق حلم "النقاوة العرقية" المنتشر حاليًّا في تل أبيب.

 

بعد "صفقة القرن"، هدد محمود عباس بإلغاء التنسيق الأمني مع إسرائيل، وللمرة الألف يتراجع ويستسلم إلى نوع من الجمود، جمود مُمَكْيَج ببعض التحركات الديبلوماسية على مستوى العالم العربي والإفريقي والإسلامي، على أمل أن تموت الاتفاقية موتًا طبيعيًّا جراء عدم وجود شركاء فلسطينيين. مقاومة الفلسطينيين ورفضهم المطلق للصفقة، هما الشيئان الوحيدان اللذان لا تقدر عليهما، لا إسرائيل ولا أمريكا، حتى ولو جمّعتا جيوشهما.

في 1989، كتب المؤرخ الأمريكي دافيد فرومكين كتابًا، عنونه كالآتي: "سلام لإنهاء كل فكرة سلام". درس فيه الطريقة التي توختها الدول الأوروبية للسيطرة على منطقة الشرق الأوسط عبر تقسيمها وتسليم فلسطين للمحتلين الصهاينة. بدأ التخطيط للوهم منذ سنة 1917، تاريخ وعد بلفور. وَهْمٌ تسبب في قتل ملايين العرب. وهاهو نفس الوهم اليوم يتجدد مع ترامب وينبئ بنفس الكوارث. ربي يستر !

 

مقالات من وحي جريدتي المفضّلة "لوموند ديبلوماتيك" (النسخة الفرنسية 2019-2023)

Aucun commentaire:

Enregistrer un commentaire