samedi 8 juin 2024

الماركسية، اقتربتُ منها، عشقتُها، عاشرتُها، كان لا يوجدُ في الساحةِ غيرُها، نظريةٌ مُغْمَضَةَ العينَينِ فأغمضتُ عينَيَّ مثلها !

 


اغلِقْ النافذة، قالت، النورُ يعميني ! المضيّفةُ هي، وبعد عشرين سنة، عرفتُ أن السجّانةَ هي أيضًا. كان لها حديقةٌ كبيرةٌ، كنتُ أنتظرُ أزهارًا فيها من كل الألوان، فاجأتني حديقتُها، كل تماثيلِها مَطليةٍ بلونٍ أحمرَ داكنٍ يصبغُ عن بُعدٍ كل مَن يقتربُ منه. خزفٌ صينيٌّ، عرائسٌ روسية، وطفيليات عربية غَفَلَ عنها البستانيُّ، اختلفت أشكالها والمصمِّمُ واحدٌ، عبراني مِسْياني (Messianique). 

أقمتُ في حديقتِها عِقدَين من زمنِ الشبابِ، لم أغادرْ أسوارَها، طليقٌ مقيّدُ بحبلٍ طويلٍ، شربتُ من مائها، تمرغتُ في ترابها، تظللتُ بأشجارها الحمرِ، أكلتُ من ثمارِها الحمرِ، تعلمتُ من فلاسفتها الحمرِ، تعلّمتُ الطرْقَ بمطرقتِها والقطعَ بمِنجَلِها، الحفرُ الأركيولوجي الإبستمولوجي ممنوعُ داخلَها ممنوعْ، واللونُ الأخضرَ لم أجدِه حتى في طلاء الجدران. في رحابِها لم أكنْ أحِسّ بمرارةٍ ولا حزنٍ ولا غضبٍ، لكن أعراسَها لم تكن أعراسي. سكّانُها لا يتكلمون إلا همسًا وكلما اقتربتُ من مجموعةٍ منهم صمتوا. 

غجريةٌ العينَينِ، جميلةٌ أحببتُها، فكرتُ في طلبِ يدِها ثم تراجعتُ وعن قراري عدلتُ. أختي لن تقبلَها. أمي قالت فيها: "لا يعجبك نوار دفلة في الواد عامل ضلايل ... ولا يعجبك زين طفلة حتى تشوف الفعايل". أما أبي فقد تفلسفً ونَطَقَ حِكمةً: "دخيلةٌ ولن تلدَ إلا دخيلاً". قومي لم يرحّبوا بها زوجةً لابنهم. لغتُها غريبةٌ، ونحوِها أغربُ، تنصِبُ الفاعلَ وهي محِقةٌ وترفعُ المفعولَ وهي واهمة وتنفي وجودَ جنةٍ في السماءِ. وعدتنا بنبيذٍ لكنها خلفت وعدَها وسقتنا مُرًّا عَلقمًا طيلةَ سبعينَ عامًا.

لم أخلَقْ لها، هي وأنا اثنان لا ينسجمان. قدّمتْ لي مشكورةً كأسَ نبيذٍ أحمرَ، أنا أكرهُ النبيذَ الأحمرَ. بعدَ فراقِها تراءى لي أنني شُفِيتُ من أفيونِها، أفقتُ، فتحتُ عينيّ، لكنني وكلما عَسُرَ عليّ التمييزُ بين الحقِّ والباطلِ، أحسستُ بحاجةٍ مُلِحَّةٍ لأرى بِعيونِها. 

خاتمة: صَدَقَ الفيلسوفُ سارْتِرْ، عندما قَطَعَ المرحومُ وأصدر حكمَه التالِيَ: "الإيديولوجياتُ حريةٌ عند بدايةِ تَشكُّلِها، جَوْرٌ وظُلمٌ وقَمْعٌ عند نهايةِ  تَشكُّلِها".

Aucun commentaire:

Enregistrer un commentaire