lundi 3 mai 2021

عائلتان جارتان، قمّة في نكران الذات من أجل ضمان مستقبل أبنائهما العلمي ! المؤلف مواطن العالَم والديداكتيك

 

 

1.            الجار الأول: قصة واقعية حدثت في عائلة جارٍ زميلٍ، أستاذٌ تعليم ثانوي وصديقٌ حميمٌ، و هو الأقرب إلىّ قلبي وطبقتي الاجتماعية: أعرفه عن قربٍ، زميلٌ و صديقٌ و أبٌ لبنتٍ جميلة وولدين وسيمين، مناضلٌ اجتماعي متميِّزٌ بحصوله على وسام الشغل، مناضلٌ متوسطُ الحالِ، صامتٌ محترمٌ، زوجته لا تشتغل إلا في شؤون المنزل. أخذ قرضًا من البنك، وعِوَضَ أن يبني به مسكنا يُكمل فيه سنين عمره المتبقية وهو "امْكَهَّبْ" (مُشرِف) على الستين، خصّص الأب كامل القرض لحاجيات ابنه المرسّم على نفقته بالجامعات الفرنسية وبقي يسدّد نفقات الربا البنكي بالتقسيط المتعب والمضني على مدى سنوات متحملا ضنك العيش من أجل أن يتعلم ابنه البكر في أرقى الجامعات الغربية. أليست هذه قمة في نكران الذات ومثالا يُحتذي به في التضحية من أجل مستقبل الأبناء ؟ أطلب من دولة ما بعد الثورة أن تكون حنونة وتضحّي من أجل  أبنائها الفقراء اقتداءً بحنان هذا الأب المثالي وحرصه على ضمان مستقبل ابنه العلمي ؟

والحمد لله، نجح الابن وأنهى دراسته الجامعية وتخرّج مهندسا في الاتصالات واشتغل بفرنسا وفي العطلة المدرسية الماضية، أراد تكريم والديه فاستضافهما على نفقته في جولة سياحية بفرنسا فأدخل السرور والبهجة والرضا إلى قلبَيْ والديه وعوّضهما أحسن وأفضل تعويض على تعب السنين وجازاهما على صبرهما أجمل جزاء.

 

2.                الجار الثاني: قصة واقعية حدثت في عائلة جارٍ زميلٍ، صديق ومدير بوزارة التربية، وهو الأقرب إلىّ فكريا: أعرفه عن قربٍ، عائلة متوسطة اجتماعيا، مناضلة ومحترمة، يسودها الود والحب والاحترام والوئام، عائلة متكونة من أربعة أفراد، أبٌ مديرٌ بوزارة التربية، أمٌّ أستاذة تعليم ثانوي، بنت جامعية تحتاج إلى مصاريف كبيرة وشاب طالب بألمانيا. خصص الأب كامل مرتبه لحاجيات ابنه المرسّم على نفقته بالجامعات الألمانية واكتفي هو وباقي العائلة بمرتب زوجته. أليست هذه قمة في نكران الذات لثلاثة أفراد في عائلة متماسكة ومثالا يُحتذي به في التضحية من أجل مستقبل ابنهم ؟ أطلب من دولة ما بعد الثورة أن تكون حنونة وتضحّي من أجل  أبنائها الفقراء اقتداءً بحنان هذه العائلة المثالي وحرصها على ضمان مستقبل ابنها العلمي ؟

 

المصدر: كتابي، الإشكاليات العامة في النظام التربوي التونسي - سَفَرٌ في الديداكتيك وعِشْرَةٌ مع التدريس (1956-2016)، طبعة حرة، 2017 ، 488 صفحة (ص.ص. 425-426).

 

إلى المنشغلين والمنشغلات بمضامين التعليم: نسخة مجانية من كتابي "الإشكاليات العامة في النظام التربوي التونسي" على شرط التسلم في مقهى الشيحي بحمام الشط (23139868)، أو نسخة رقمية لمَن يرغب فيها ويطلبها على شرط أن يرسل لي عنوانه الألكتروني (mail).


Aucun commentaire:

Enregistrer un commentaire