jeudi 22 février 2024

 منذ نصف قرن وتونس تَشْهَدُ "جريمةً" في حقِّ الدولةِ الصلبةِ الحَكَمِ السَّنَدْ


في تونس وفي العالَم أجمع.. لنبقى اليوم في تونس:
خمسونة سنة من الخوصصة منذ سقوط أحمد بن صالح "الاشتراكي" وصعود الهادي نويرة "الليبرالي"، زوالٌ تدريجيٌّ لمجانية التعليم والصحة، فتح الأسواق المحلية أمام غول الاستثمار الأجنبي، قطع أرزاق المستثمرين المحليين في صناعة النسيج، إفلاس قطرة قطرة من الداخل لمؤسسات القطاع العام (أربعة بنوك عمومية، تونس الجوية، فوسفاط ﭬفصة، الصيدلية المركزية وفروعها، النقل الحديدي، إلخ.)، جرُّ المجتمع التونسي جَرًّا إلى استهلاك حاجيات غير طبيعية وغير ضرورية من قِبل أقلية (سلع الرفاهة المستوردة باهظة الثمن) على حساب حاجيات ضرورية للأغلبية الساحقة، طبيعية وغير طبيعية (غذاء، دواء، مواد بناء، آلات طبية، إلخ.).

مجتمعٌ سائلٌ في دولةٍ سائلةٍ في عالَمٍ سائلٍ (Une société liquide dans un État liquide dans un Monde liquide)، مجتمعٌ يعيش تحت التوتر النفسي، وجيلٌ بعد جيلٍ لا يجد ما يورِّث لأبنائه بالتساوي غير التوتر، مجتمعٌ مستَنفَذُ القوى كبِغالِ الحرثْ، مجتمعٌ أحرَقَ آخر مُدّخراته المادية والمعنوية، مجتمعٌ صَرَخَ من شدة الألم في فترات متقطّعة ومتباعدة (1978، 1984، 2008، 2011، ؟؟؟)، مجتمعٌ لم يستسلمْ، لَمْلَمَ جراحَه، قاوَمَ ولا يزالُ يقاومُ العنفَ الشرعي الذي سلطته عليه، بعد الاحتلال الفرنسي، الأحزاب الحاكمة والمتعاقبة (1955-2019)، والمفارقة الكبرى أنها الأحزابُ نفسُها هي التي تَعِدُه دون حياء، تَعِدُه في كل محطة انتخابية، المزوّرة منها والديمقراطية، كلها تَعِدُ بِنبيذٍ وبِغدٍ أفضلَ: مزيدٌ من الخوصصة، تقليلٌ من التشغيل، تأخيرٌ في سن التقاعد، تشجيعٌ لتعليمٍ بسرعتين وصحةٍ بسرعتين، وعودٌ تتبخرُ حالما تنتهي الحملة الانتخابية.

Source : Le Monde diplomatique, décembre 2019

Aucun commentaire:

Enregistrer un commentaire