مقدمة: معلومات دقيقة قد تساعدنا على فهم ما وقع في الربيع العربي وغير العربي:
- في 14 أفريل 1990، صدر تقرير عن المعهد الأمريكي للسلم (USIP) حول مساعدة يوغسلافيا على الانتقال من الديكتاتورية إلى الديمقراطية، تقرير مزيّن بصورة "قبضة اليد السوداء المرفوعة" (un poing noir levé).
- حركة أوتبُور (Otpor : résistance) نشأت في صربيا سنة 1990 وشعارها "قبضة اليد السوداء المرفوعة" (point d’interrogation). حركة أسستها مجموعة من الطلبة بهدف الإطاحة سلميًّا بالرئيس الصربي سْلوبودان ميلوزوفيتس (Slobodan Milosevic). حركة جمعت في صفوفها الاشتراكيين-الديمقراطيين والليبراليين والملكيين.
- سنة 2003، قام اثنان من زعماء ومؤسسي حركة أوتبور الصربية، بوبوفيتش (Popovic) ودينوفيتش، بتاسيس "مركز العمليات والإستراتيجيات التطبيقية غير العنيفة" للإطاحة سلميًّا بالأنظمة الديكتاتورية في العالم أجمع (CANVAS : centre pour les actions et stratégies non violentes appliquées).
- حركة أوتبُور لم تتدخل أبدًا في الدول القريبة جدًّا جدًّا من أمريكا مثل السعودية والإمارات والباكستان (point d’interrogation).
- بوبوفيتش لم ينكر تعاونه مع 4 منظمات أمريكية غير حكومية مثل المشهورة "فريدم هاوس" وأخواتها (des ONG : Freedom house, NED, NDI, IRI). منظمات تنحدر من صلب الحزبين الكبيرين، الجمهوري والديمقراطي، تتعاون مع وسائل الإعلام، ويموّلها الكونغرس والحكومة الأمريكية.
1. تَدَخُّلُ "حركة أوتبُور" الصربية في الثورة المصرية ضد مبارك جانفي 2011:
سنة 2009، قَدِمَ إلى بلغراد وفد مصري يضم 15 مناضلا ينتمون إلى حركة "كفاية" وحركة "6 أفريل"، جاؤوا لتعلم إستراتيجيات الإطاحة السلمية بمبارك، ثم رجعوا إلى مصر وأنشئوا 50 ورشة في 15 مدينة مصرية بشهادة طارق الخولي، عضو سابق في حركة "6 أفريل" ومسؤول على تنظيم المظاهرات. رفعوا لافتات تزينها "قبضة اليد السوداء المرفوعة"، كُتِبَ تحتها شعار "اليد تزلزل القاهرة !". نشروا على الأنترنات كُتيّب يفصّل ويدقق عناوين المؤسسات التي يجب مهاجمتها (مقر الإذاعة والتلفزة، مراكز الشرطة، القصر الرئاسي)، ويوضّح كيفية تحييد الجيش بالورود والعناق، ويفسر طرق مراوغة الشرطة أو محاولة إقناعها بالانضمام إلى صف الثوار.
حَسْبَ بوبوفيتش، أحد زعماء ومؤسسي حركة أوتبور الصربية، دول أوروبا الشرقية أنجحت ربيعها لأنها تملك بديلاً واضحًا وسندًا قويًّا (أوروبا الغربية)، وعلل فشل ربيعنا العربي بافتقاره للبديل والسند (l’absence de projet politique). بعد سقوط مبارك، جاء الإخوان ثم العسكر فانضم بعض "الثوار" إلى الماريشال السيسي وذهب البعض الآخر إلى المعتقلات، مشهدٌ يقتل من الحزن.
2. هل تَدَخّلت "حركة أوتبُور" الصربية في الثورة التونسية سنة 2010-2011:
باغتتهم الثورة التونسية بعفويتها وسرعة هروب بن على، لكن.. لكن بقيت عديد الأحداث ألغازًا دون جواب مثل: حكاية القناصة وصبّان الدينار تلو الدينار في البورتابل مجانًا من شركة تونيزيانا ("أريدو")، وعدم غلق الأنترنات، والهجومات المنظمة على المراكز، والهروب المنظم للأعوان العاملين فيها، وتواصل سير الإدارة العادي في وضعٍ غير عادي، وتعاطف المتظاهرين مع الجنود والعناق وتقديم الورود لهم، عكس ما حدث في الخميس الأسود سنة 1978 وانتفاضة الخبز سنة 1984 ، إلخ.
3. تَدَخُّلُ "حركة أوتبور" الصربية في "الثورة" الفنزويلية ضد مادورو في 22 مارس 2019:
بوبوفيتش، أحد زعماء ومؤسسي حركة أوتبُور الصربية، أنكر أنه درّب مباشرة المنشق أو رئيس مجلس النواب المُنَصِّبَ نفسَه عبثًا رئيسًا للجمهورية الفنزويلية في 22 مارس 2019، السيد جان ﭬايدو (Juan Guaido, l’opposant au président élu et en exercice Nicolas Maduro)، لكنه اعترف بصداقته للمنشق وصرّح قائلاً: "طبعًا، سأفعل كل ما في وسعي لمساعدة المتمرد للإطاحة سلميًّا بنظام مادورو، نظام لم يُفلح حتى الجيش في حمايته من غضب شعبه".
سنة 2006 (سنة إعادة انتخاب شافيز بـ62% من الأصوات)، بدأ التنسيق مع عدة أعضاء من الفريق الحالي لـجان ﭬايدو وتم تدريبهم في صربيا والمكسيك داخل معسكرات تابعة لـ"مركز العمليات والإستراتيجيات التطبيقية غير العنيفة" (CANVAS) التابع لحركة أوتبور الصربية، الشبكة المتورطة في التدخل في كل الدول التي وقعت فيها ثورات القرن 21 المنظمة موضوع بحثنا (des révolutions colorées ou liquides).
خاتمة مستعارة من فلسفة عالم الاجتماع زيـﭬمونت بومان ومفهومه "السائل" (liquide):
نحن نعيش داخل مجتمع استهلاكي "ليكيد"، في عالم "ليكيد"، الفردانية والأنانية فيه طغتا على التعاون والتضامن، وأصبح التغييرُ فيه هو الشيء الوحيد المستمر، وصار الشك في كل شيء هو اليقين الوحيد لدينا.
نحن أفرادٌ مستهلِكونَ "ليكيد"، تديّنُنا "ليكيد"، أسرتُنا "ليكيد"، قِيمُنا "ليكيد"، إيديولوجياتُنا "ليكيد"، أحزابُنا "ليكيد"، حكوماتُنا "ليكيد"، تعليمُنا "ليكيد"، تربيتُنا "ليكيد" صحّتُنا "ليكيد"، غذاؤنا "ليكيد"، مجتمعاتُنا غُزيت فانحلت، تميعت وسالت فأصبح كل ما فيها "ليكيد"، حتى ضمائرُنا عادت "ليكيد" ! فماذا ننتظر منها إذن ؟ لا ننتظر منها إلا ثورات على مقاسها أي ثةرات "ليكيد"، حياة "ليكيد"، حب "ليكيد"، زواج "ليكيد"، أطفال "ليكيد"، ومستقبل مايع - الله يسترنا منه - مستقبل "ليكيد" !
Source : Le Monde diplomatique, décembre 2019
- في 14 أفريل 1990، صدر تقرير عن المعهد الأمريكي للسلم (USIP) حول مساعدة يوغسلافيا على الانتقال من الديكتاتورية إلى الديمقراطية، تقرير مزيّن بصورة "قبضة اليد السوداء المرفوعة" (un poing noir levé).
- حركة أوتبُور (Otpor : résistance) نشأت في صربيا سنة 1990 وشعارها "قبضة اليد السوداء المرفوعة" (point d’interrogation). حركة أسستها مجموعة من الطلبة بهدف الإطاحة سلميًّا بالرئيس الصربي سْلوبودان ميلوزوفيتس (Slobodan Milosevic). حركة جمعت في صفوفها الاشتراكيين-الديمقراطيين والليبراليين والملكيين.
- سنة 2003، قام اثنان من زعماء ومؤسسي حركة أوتبور الصربية، بوبوفيتش (Popovic) ودينوفيتش، بتاسيس "مركز العمليات والإستراتيجيات التطبيقية غير العنيفة" للإطاحة سلميًّا بالأنظمة الديكتاتورية في العالم أجمع (CANVAS : centre pour les actions et stratégies non violentes appliquées).
- حركة أوتبُور لم تتدخل أبدًا في الدول القريبة جدًّا جدًّا من أمريكا مثل السعودية والإمارات والباكستان (point d’interrogation).
- بوبوفيتش لم ينكر تعاونه مع 4 منظمات أمريكية غير حكومية مثل المشهورة "فريدم هاوس" وأخواتها (des ONG : Freedom house, NED, NDI, IRI). منظمات تنحدر من صلب الحزبين الكبيرين، الجمهوري والديمقراطي، تتعاون مع وسائل الإعلام، ويموّلها الكونغرس والحكومة الأمريكية.
1. تَدَخُّلُ "حركة أوتبُور" الصربية في الثورة المصرية ضد مبارك جانفي 2011:
سنة 2009، قَدِمَ إلى بلغراد وفد مصري يضم 15 مناضلا ينتمون إلى حركة "كفاية" وحركة "6 أفريل"، جاؤوا لتعلم إستراتيجيات الإطاحة السلمية بمبارك، ثم رجعوا إلى مصر وأنشئوا 50 ورشة في 15 مدينة مصرية بشهادة طارق الخولي، عضو سابق في حركة "6 أفريل" ومسؤول على تنظيم المظاهرات. رفعوا لافتات تزينها "قبضة اليد السوداء المرفوعة"، كُتِبَ تحتها شعار "اليد تزلزل القاهرة !". نشروا على الأنترنات كُتيّب يفصّل ويدقق عناوين المؤسسات التي يجب مهاجمتها (مقر الإذاعة والتلفزة، مراكز الشرطة، القصر الرئاسي)، ويوضّح كيفية تحييد الجيش بالورود والعناق، ويفسر طرق مراوغة الشرطة أو محاولة إقناعها بالانضمام إلى صف الثوار.
حَسْبَ بوبوفيتش، أحد زعماء ومؤسسي حركة أوتبور الصربية، دول أوروبا الشرقية أنجحت ربيعها لأنها تملك بديلاً واضحًا وسندًا قويًّا (أوروبا الغربية)، وعلل فشل ربيعنا العربي بافتقاره للبديل والسند (l’absence de projet politique). بعد سقوط مبارك، جاء الإخوان ثم العسكر فانضم بعض "الثوار" إلى الماريشال السيسي وذهب البعض الآخر إلى المعتقلات، مشهدٌ يقتل من الحزن.
2. هل تَدَخّلت "حركة أوتبُور" الصربية في الثورة التونسية سنة 2010-2011:
باغتتهم الثورة التونسية بعفويتها وسرعة هروب بن على، لكن.. لكن بقيت عديد الأحداث ألغازًا دون جواب مثل: حكاية القناصة وصبّان الدينار تلو الدينار في البورتابل مجانًا من شركة تونيزيانا ("أريدو")، وعدم غلق الأنترنات، والهجومات المنظمة على المراكز، والهروب المنظم للأعوان العاملين فيها، وتواصل سير الإدارة العادي في وضعٍ غير عادي، وتعاطف المتظاهرين مع الجنود والعناق وتقديم الورود لهم، عكس ما حدث في الخميس الأسود سنة 1978 وانتفاضة الخبز سنة 1984 ، إلخ.
3. تَدَخُّلُ "حركة أوتبور" الصربية في "الثورة" الفنزويلية ضد مادورو في 22 مارس 2019:
بوبوفيتش، أحد زعماء ومؤسسي حركة أوتبُور الصربية، أنكر أنه درّب مباشرة المنشق أو رئيس مجلس النواب المُنَصِّبَ نفسَه عبثًا رئيسًا للجمهورية الفنزويلية في 22 مارس 2019، السيد جان ﭬايدو (Juan Guaido, l’opposant au président élu et en exercice Nicolas Maduro)، لكنه اعترف بصداقته للمنشق وصرّح قائلاً: "طبعًا، سأفعل كل ما في وسعي لمساعدة المتمرد للإطاحة سلميًّا بنظام مادورو، نظام لم يُفلح حتى الجيش في حمايته من غضب شعبه".
سنة 2006 (سنة إعادة انتخاب شافيز بـ62% من الأصوات)، بدأ التنسيق مع عدة أعضاء من الفريق الحالي لـجان ﭬايدو وتم تدريبهم في صربيا والمكسيك داخل معسكرات تابعة لـ"مركز العمليات والإستراتيجيات التطبيقية غير العنيفة" (CANVAS) التابع لحركة أوتبور الصربية، الشبكة المتورطة في التدخل في كل الدول التي وقعت فيها ثورات القرن 21 المنظمة موضوع بحثنا (des révolutions colorées ou liquides).
خاتمة مستعارة من فلسفة عالم الاجتماع زيـﭬمونت بومان ومفهومه "السائل" (liquide):
نحن نعيش داخل مجتمع استهلاكي "ليكيد"، في عالم "ليكيد"، الفردانية والأنانية فيه طغتا على التعاون والتضامن، وأصبح التغييرُ فيه هو الشيء الوحيد المستمر، وصار الشك في كل شيء هو اليقين الوحيد لدينا.
نحن أفرادٌ مستهلِكونَ "ليكيد"، تديّنُنا "ليكيد"، أسرتُنا "ليكيد"، قِيمُنا "ليكيد"، إيديولوجياتُنا "ليكيد"، أحزابُنا "ليكيد"، حكوماتُنا "ليكيد"، تعليمُنا "ليكيد"، تربيتُنا "ليكيد" صحّتُنا "ليكيد"، غذاؤنا "ليكيد"، مجتمعاتُنا غُزيت فانحلت، تميعت وسالت فأصبح كل ما فيها "ليكيد"، حتى ضمائرُنا عادت "ليكيد" ! فماذا ننتظر منها إذن ؟ لا ننتظر منها إلا ثورات على مقاسها أي ثةرات "ليكيد"، حياة "ليكيد"، حب "ليكيد"، زواج "ليكيد"، أطفال "ليكيد"، ومستقبل مايع - الله يسترنا منه - مستقبل "ليكيد" !
Source : Le Monde diplomatique, décembre 2019
Aucun commentaire:
Enregistrer un commentaire