mardi 13 août 2024

أفكارٌ تعارضُ السائدَ وقد تحرّكُ الراكدَ



31. يقولون: " العقل السليم في الجسم السليم".
أقول: يبدو لي أنهم لو عكسوا لأصابوا، فالعقل السليم يحبّذ السكن في الأجسام العليلة حتى تشاركه هموم هذه الحياة السقيمة. ولكم عبرة في هؤلاء العقول السليمة أصحاب الأجسام العليلة:
- غاندي النبئ، جسمه هزيل لأنه نباتي لا يأكل اللحم ومشتقاته.
- شي ﭬيفارا، لم يمنعه مرض الربو من قيادة الثورة الكوبية صحبة فيدال كاسترو.
- طه حسين والمعري والشيخ إمام وسيد مكاوي، لم يسلبهم فقدان البصر القدرة على الإبداع، كل في ميدانه.
- هوميروس (Homère)، الشاعر الأعمى، حظِي بتكريم مماثل لتكريم إله. لقد خسر رؤية أشياء هذا العالَم ليكتسب أكبر بصيرة ممكنة هناك بالذات حيث كل شيء ظلام بالنسبة إلى الآخرين أمثاله. (المصدر: صفحة 86 من كتاب "المثقفون والديمقراطية"، تعريب الدكتور خليل أحمد خليل، المؤسسة الجامعية للدراسات والنشر والتوزيع، الطبعة الثانية 1977، 152 صفحة.)
- أوديب (Œdipe)، المصاب بالعمى، يعرف أشياء كثيرة ويعرف سر الناس. نفس المصدر السابق صفحة 86.
- اختارت الولايات المتحدة الأمريكية رئيسا مشلولا، ثم رئيسا مصابا بالتهاب شديد في عموده الفقري. نفس المصدر السابق صفحة 88.
- عمر المختار، الشيخ ذو السبعين حولا، لم يثنه الكِبَرُ ووهن الجسم عن مقاومة الاستعمار الإيطالي حتى الاستشهاد.
- العالم الأنقليزي ستيفن هاوكينق (Stephen W. Hawking) المنظّر العالمي في فيزياء الفضاء، لم يقعده شلله الرباعي عن مواصلة أعماله واكتشافاته في علوم النسبية العامة.
32. يقولون: "لعن الله المعصية والعاصي".
أقول: مردّدا ما قاله بعض الفقهاء العقلانيين: المعصية مفروغ منها ومتفق على مضرّتها للفرد والمجتمع مثل المعاصي التالية: والكذب والنفاق والخطاب المزدوج والاحتراف السياسي والنقابي والإدمان على الخمر أو المخدرات والغش في العمل واحتكار السلع الضرورية للمواطن والزيادة في الأسعار والربح غير المشروع خاصة في شهر رمضان شهر التقوى والرحمة وصحوة الضمير النائم. لماذا نترك قيمنا الإسلامية حبيسة الكتب الفقهية لمدة 1401 سنة منذ موت عمر رضي الله عنه عام 23 هجري ولا نتمرّن على تحيينها وتفعيلها بهذه المناسبة الكريمة. أما العاصي فأمره مخالف، هو بشر ضعيف بطبيعته غير مكتمل التكوين والتربية، نستطيع بالتعليم والتأهيل تغيير تصوراته غير العلمية وغير المنطقية وغير الحضارية وغير الإنسانية ولا نيأس منه مهما كانت درجة إدمانه على المعاصي ولا نحكم عليه بمجرد ارتكابه معصية مهما كانت كبيرة أو صغيرة -"إن الكبائر في الغفران الله كاللمم (صغار الذنوب)"، كما قال البصيري في البردة- بل نثق في إنسانيته ومستقبله الأفضل ونحاول تكثيف وتنمية الجانب الخيري في شخصيته وتقليص مساحة الشر داخله ونأخذ بيده كما يأخذ الطبيب بيد المريض حتى يُشفى من مرضه ويقف على ساقيه ويستغني عن الدواء والمداوي. خلاصة القول: "اِلعن المعصية ولا تلعن العاصي".

Aucun commentaire:

Enregistrer un commentaire