samedi 3 août 2024

أفكارٌ تعارضُ السائدَ وقد تحرّكُ الراكدَ

 

 

كلمة "فلسفة" تعني حرفيا حب الحكمة وأنا أعشق الحكمة منذ وعيت هذه الدنيا فأنا إذن فيلسوف بالقوة (بالمعنى الفلسفي لمفهوم القوة) حتى وإن لم أكن فيلسوفا بالفعل. الفلسفة هي تساؤل وتأويل وتفكير حول العالم والوجود الإنساني وهذا ما أفعله عن هواية بهدف تقصير زمن انتظار الموت.

أطرح الإشكاليات التالية للنقاش ؟ إشكاليات لا رابط ظاهر بينها:

1.  يقولون: " لا يأتي التغيير إلا من السلطة السياسية الحاكمة ولا يصحّ النقد المعارِض إلا للسلطة السياسية الحاكمة".

أقول: كل حزب حاكم عربي يحاول تأبيد سلطته. أنا أقف مع تداول السلطة في الدولة والأحزاب وكل المنظمات من اتحاد العمال إلى منظمة حقوق الإنسان.

أنا أدافع عن رؤيا فلسفية مغايرة: أنا أرى أن الدولة ليست الخصم الوحيد المباشر للشعب. قد يكون الشعب خصما لنفسه. أرى هذا الرأي -لا تقية أو تحسّبا لبطش الحاكم- وإنما لأنني أؤمن أن السلطة لا تنحصر في قمة الهرم بل هي مقسّمة ومجزأة ومبثوثة في المجتمع كله كما يؤكد ذلك الفيلسوف الفرنسي "فوكو" (Le micro-pouvoir) الذي قرأته أخيرا ولم أفهمه إلا بمساعدة أستاذ فلسفة كان زميلاً لي في معهد برج السدرية: فالوزير سلطة ورئيس مركز الشرطة سلطة ولكن الأستاذ أيضًا سلطة والحاجب سلطة (وأي سلطة أحيانًا في فنون التوسط للرشاوي) وكاتب البلدية سلطة والزوجة سلطة (وأي سلطة) والأب سلطة والبنك سلطة والعادات والتقاليد سلطة والدين سلطة والفقه سلطة وأبو هريرة سلطة (وأي سلطة) والتراث الحضاري سلطة والإعلام سلطة (وأي سلطة) وسائق الحافلة سلطة واتحاد العمال سلطة واتحاد الفلاحين سلطة واتحاد أرباب العمل سلطة والنقابي سلطة ورئيس الشعبة سابقا سلطة (وأي سلطة) وشرطي المرور سلطة والجزار سلطة وبائع الغلال سلطة والطبيب سلطة، وكل موظفي الدولة سلطة، مع تفاوت في الأدوار طبعا، وكل دور نجد فيه العادل والظالم والكفء وغير الكفء والصادق والمنافق.

فكيف نغيّر كل هذه السلطة المركبة والمعقدة ؟

هل تكفي الانتخابات الديمقراطية والشفافة ؟

هل بين دورة ودورة رئاسية أخرى أو تشريعية يتغيّر المجتمع العربي بعصا سحرية من متخلف إلى نامٍ متطور ومتحضّر؟

هل التغيير يتم بالعنف أم بالتعليم والثقافة وحرية الرأي وحرية الصحافة والديمقراطية والإقناع ؟

هل يتم التغيير فقط بالثورة الدموية العنيفة ؟

وماذا جنت الإنسانية من الثورات العنيفة بغض النظر عن جنسيتها روسية كانت أو صينية أو جزائرية أو ناصرية أو قذافية أو صدّامية ؟

جنينا أنظمة متخلفة عن التي سبقتها !

جنينا جمهوريات أتعس ألف مرة من المملكات !

هل يتم التغيير من أعلى الهرم أو من قاعدته ؟

لو قام كل مواطن من المجتمع العربي بواجبه في عمله لاستقام حال الأمة العربية ولتغيّرت السلطة أوتوماتيكيا لأن السلطة لم تأت من المريخ بل أفرادها هم إخوتنا وأبناء عمومتنا وعرب مسلمين مثلنا.

المواطنُ العربي، مواطنٌ "قتلته الردة، يحمل في الداخل ضدّه"، كما قال الشاعر العظيم مظفر النواب. نجد مثلاً الأستاذ المتقاعس في عمله يشارك الأستاذ المستقيم نفس الخطاب النقدي في المقهى وفي النقابة وفي أحزاب المعارضة ويرمي كسله وفشله بنسبة مائة بالمائة على الحاكم ولا يعترف ولو بجزء بسيط من المسؤولية الفردية في الوضع المتدني للنظام التربوي التونسي الحالي.

Aucun commentaire:

Enregistrer un commentaire