lundi 12 août 2024

أفكارٌ تعارضُ السائدَ وقد تحرّكُ الراكدَ



24. يقولون: "ما رضا الله إلا برضا الوالدين".
أقول: كيف يكون رضا الله المطلق المنزّه مشروطا برضا الوالدين البشرين الخطاءَين ؟ لذلك يبدو لي أننا لو عكسنا لأصبنا: "ما رضا الوالدين إلا برضا الله". يكفي أن نتذكر في هذا المقام قول الله تعالى معاتبا رسوله الأكرم عليه الصلاة والسلام: "وتخشى الناس والله أحق أن تخشاه".
25. يقولون: "بدون مجاملة" عندما يخاطب الصديقُ صديقَه.
أقول: أطرح هنا سؤالا على محدثي وصديقي: لماذا يا صديقي لا تجاملني دون أن تنافقني ولماذا تحرمني من كلمات رقيقة تقولها لي صدقا عوض أن تقولها نفاقا لغير الأصدقاء.
26. يقولون: "النظام أساس العمل".
أقول: بكل تواضع، أعتبر نفسي من أكثر الناس انضباطا في عملي ووفيّا للتزاماتي وحريصا على واجباتي ومحافظا على مواعيدي لكنني في الوقت نفسه أعادي النظام بالمفهوم المتعارف عليه لمعنى النظام في الثقافة السائدة. النظام السائد هو نظام مركزي يسود فيه رئيس الجوقة بقية الموسيقيين وهم مسلوبي الإرادة رغم مشاركتهم الفعّالة في الأداء. النظام الذي أصبو إليه هو نظام نابع من الذات وفي تفاعل مستمر مع الذوات الأخرى دون الحاجة إلى قائد أو تخطيط مسبق أو عوامل خارجة تسيّرنا رغما عن إرادتنا. نظام بشري ذاتي مثل النظام السائد داخل خلية النحل لكن يتميز عن النحل بوعي البشر بما يفعلون.
27. يقولون: "خلية النحل تحكمها الملكة".
أقول: هي الملكة الوحيدة التي تملك ولا تحكم ولا تمارس أي نوع من التسلط أو التحكم، ويا حبّذا لو تشبّه بها المجتمع البشري، لأن تنظيم خلية النحل هو تنظيم ذاتي تقوم فيه كل نحلة بدورها الوراثي الجزئي الغريزي البسيط دون تلقّي أوامر من الملكة ودون انتظار جزاء منها. من هذا التنظيم الغريزي الذاتي لأفعال النحل تنبثق خلية غاية في الروعة ذات تصميم هندسي إنشائي رائع لا يقدر على تقليده أكفأ مهندس. داخل خلية النحل تسود ديمقراطية غريزية منبثقة من تطور بيولوجي دام ملايين السنين مصحوبة بنظام محكم وتوزيع أدوار دون منافسة واستبطان ذاتي للانضباط للقانون حر ومستقل. مجتمع يحكم نفسه بنفسه بالمعنى الحرفي وليس المجازي للكلمة. ديمقراطية لم يحلم بها أفلاطون ولا الفارابي في مدينتهما الفاضلة.

Aucun commentaire:

Enregistrer un commentaire