dimanche 11 août 2024

أفكارٌ تعارضُ السائدَ وقد تحرّكُ الراكدَ



22. يقولون: "الشك طريق إلى اليقين".
أقول: يختلف التفكير الديني والتفكير العلمي ولا يلتقيان إلا في المقاصد الأخلاقية السامية وفي رفض هذه المقولة "الشك طريق إلى اليقين". أما الأول فيرفضها لأنه مبني على اليقين من أساسه ولا يحتاج للشك كطريق للوصول إلى اليقين لأنه يقين وتسليم من بدايته إلى آخرته. أما الثاني فيرفضها لأنه يعتبر الشك طريقا إلى شك أكثر تعقيدا وليس من مهامه ولا من أهدافه الوصول إلى اليقين، ولو وصل إلى اليقين لا قدّر الله، لتوقف إنتاجه ونفى نفسه بنفسه لأنه بطبيعته دائما مُعرّض للدحض وقابل للتكذيب.
23. يقولون: " الإنسان أناني بطبعه والفنان موهوب بطبعه والعربي عنيف بطبعه والمسلم إرهابي بطبعه والغربي متحضّر بطبعه واليهودي بخيل بطبعه والمسيحي متسامح بطبعه وغيرها من الصفات البشرية المنسوبة خطأ إلى الطبع أو الموروث".
أقول: ماذا يعني بطبعه ؟ العلم الحديث (L`épigenèse, sujet de ma thèse, UCBL1, 2007) يؤكد أن الطبع البشري الجيني موروث ومشترك بين البشر جميعا وتحدده بصفة متفاوتة 46 صبغية (Chromosome) تحتوي على حوالي 25 ألف مورِّثة (Gène) أما المكتسبات فهي التي تختلف من شخص إلى آخر والنتيجة: كل فردٍ تنبثق صفاتُه الذهنية -وليست البدنية- من تفاعل الموروث الجيني مع المكتسب البيئي والحضاري فقدرات الفرد الذهنية إذن هي مائة بالمائة وراثية ومائة بالمائة مكتسبة في نفس الوقت، تفرزها علاقات تفاعلية معقدة بين العاملين (l’inné et l’acquis) إلى درجة أننا لا نستطيع الفصل بينهما أو تحديد نسبة معينة لمشاركة كل عامل على حده. علم الوراثة يتساءل (la génétique): هل كُتبت هذه الصفات الذهنية برموز الشفرة الجينية على جينات البشر قبل ولادتهم ؟ طبعا سيكون الجواب علميًّا وبالنفي، فإذا كان الغربي متحضّرا بطبعه فمَن يا تُرى رمى فيتنام بالقنابل العنقودية المحرّمة دوليا ومن أحرق غاباتها وناسها بالفوسفور الأبيض وبالنابالم ؟ وإذا كان المسلم إرهابيا بطبعه فمِن أين أتانا العباقرة المسلمون أمثال أحمد زويل وفاروق الباز ونجيب محفوظ ومحمد الأوسط العياري ؟ وإذا كان العربي عنيفا بطبعه فمن أين أتانا الفنانون العرب أمثال نزار قباني ومحمود درويش وأم كلثوم ونجاة الصغيرة وفيروز ومارسيل ؟ نحن نعرف أن رموز الشفرة الجينية تكوّن موروثا مشتركا بين الكائنات الحية (Végétaux et animaux dont l`homme) وليس بين البشر فقط، فلو أخذنا مثلا الجينة البشرية المسؤولة عن صناعة هرمون الأنسولين في الجسم وأدرجناها بيوتكنولوجيا في الحمض النووي لخلية بكتيريا لَصَنعت لنا أنسولين بمواصفات بشرية وليست بكتيرية. وهنا أطرح السؤال التالي: هل توجد جينات بشرية مسؤولة عن ظهور قدرات ذهنية كالذكاء والعنف والفن ؟ إلى حد الآن لم يثبت العلم وجود مثل هذه الجينات. مع العلم أن الإنسان والقرد يشتركان في ما يقارب 99 في المائة من طبيعة جينات الحمض النووي وتركيبها، والفارق الواحد في المائة المتبقي وحده هو الذي أنتج كل هذا الفرق في الذكاء بتفاعله مع المحيط نتيجة نقلة نوعية وقعت إثر خطأ كيميائي في الحمض النووي البشري لذلك لا يمكن للقرد أن يصبح بشرا حتى ولو علّمناه ودرّبناه لأنه كقرد لم يرث مخا بشريا (مخا بشريا اكتسب تطوره البيولوجي وتعقده الفيزيولوجي عبر ملايين السنين). مع العلم أيضا أن عدد الجينات عند الإنسان لا يتخطى الـ25 ألف وهي بهذا العدد القليل نسبيا عاجزة مثلا عن التخطيط الكامل المسبق لمليون مليار من الوصلات العصبية بين الخلايا العصبية داخل المخ البشري
L`épigenèse cérébrale fait émerger un million de milliards de synapses entre les neurones dans le cerveau humain.

Aucun commentaire:

Enregistrer un commentaire