في فنلندا، أفضل نظام تربوي في أوروبا،
تخلّوا تماما عن تفقد المدرّس في القسم. أذكّر بأنماط التفقد
البيداغوجي في العالم: نموذج التفقد الكلاسيكي، نموذج
التفقد المركزي، نموذج المراقبة عن بعد والدعم والعلاج عن قرب، ونموذج التخلّي تمامًا عن التفقد البيداغوجي. أعرّف بالنموذج الذي اعتمدته دولة الشيلي: نموذج المراقبة عن بعد والدعم والعلاج عن قرب: وزارة
التربية الشيلية صنفت عددًا من مدارسها التي تعاني من صعوبات لوجستية وتعلمية
(عُشْرُ العدد الجملي تقريبًا)، ثم عَيّنت متفقدًا في كل واحدة منها، واشترطت عليه
أن لا يغادرها قبل أن يجد حلولاً لكل مشاكلها بالتعاون مع كامل أسرتها التربوية.
تَطلبت المهمة عامًا، عامين، ثلاثة.. لا يهم.. المهم إنقاذها وإلحاقها بركب
المدارس الناجحة.
في تونس، عندنا حوالي 6000 مؤسسة تربوية (مدارس وإعداديات
وثانويات) وعندنا حوالي 600 متفقدًا. فلماذا لا نفعلُ مثلما فعلت دولة الشيلي: أي نختارُ منها 600 مؤسسة تربوية الأقل حظًّا (عُشْرُ العدد الجملي تقريبًا الذي يعاني
من ضعف النتائج في الامتحانات الوطنية أو من تزايد الانقطاع المبكّر أو من التغيّب
المكثف للمدرسين والتلامذة، إلخ.)، ونبعث لكل واحدة منها متفقدًا يسكن فيها،
يتعاون يوميًّا مع إدارتها ومدرّسيها على تذليل الصعوبات اللوجستية وتجاوز العوائق
التعلمية، ولا يغادرها إلا بعد تحسّن نتائجها، حتى ولو تطلب الأمر تمديد إقامته
فيها بعامٍ أو عامين.
بعض المتفقدين
البيداغوجيين يُملون وصفات جاهزة على المدرّسين الطيعين (recettes et standardisation) فيسلبونهم ملكة التجديد وحرية
المبادرة !
ملاحظة هامّة:
يبدو لي جُلّ متفقدينا لا يملكون شهادة جامعية في البيداغوجيا ولا في
الديداكتيك (ماجستير أو دكتورا والاسثناء يؤكد القاعدة ولا ينفيها)، وليسوا
مبرّزين في اختصاصهم، ورغم ذلك يكوّنون المدرّسين ويقيّمونهم.
في
الاجتماعات البيداغوجية، جُلّ
متفقدينا يقدّمون محاضرات في غير اختصاصهم: إبستمولوجيا، ديداكتيك، علم نفس، علم التقييم، علوم التواصل، إلخ. كان الأجدر بهم أن يستقدموا مختصين في هذه العلوم.
متفقدونا يتخرّجون من المركز
الدولي لتكوين المكونين والتجديد البيداغوجي في قرطاج (CIFFIP ) بعد عام واحد من التكوين في علوم التربية. تكوينٌ غيرُ كافٍ.
أطالب بتعويض زيارات المتفقد بزيارات متبادلة بين
المدرّس في قسمه والباحث التربوي في مخبره أي مراوحة وتفاعل بين النظري والتطبيقي.
Aucun commentaire:
Enregistrer un commentaire