يبدو لي أن الأستاذ الذي يتباهَى بتلامذته المتفوقين الذين تخرّجوا بتجاح (أطباء
ومهندسين ومحامين وأساتذة، إلخ.) هو أستاذٌ قد أخطأ مرتين: المرة الأولى، أخطأ في
حق نفسه لأنه نسي أن فَشَلَ التلامذة غير المتفوقين -وهم عادة أكثر- سوف يُنسَبُ
إليه أيضا. المرة الثانية، أخطأ في حق هؤلاء المتفوّقين لأنه نَسَبَ نجاحَهم إليه،
أي تباهَى بإنجاز ليس هو مَن صَنَعَه كليًّا. وظلَمَ تلامذته -ربّما عن حسن نية- مرتين أيضا:
المرة الأولى، ظلمَ تلامذته غير المتفوّقين لأنه لم يصنع منهم متفوّقين خاصة وهو
يحاول أن يوهِم السامعين بقدرته العجيبة على صُنعِ العباقرة. المرة الثانية،
ظلَمَهم لأنه قد يكون ميّز عليهم، خلال دراستِهم ودون وجه حق، زملاءَهم المتفوّقين وانحاز حيث يدّعي أنه عَدَلَ: قدّم مساعدةً أكبرَ لمَن ليسوا في حاجة إلى
مساعدته من التلامذة المتفوّقين (عادة ما يكون جلهم أولاد أغنياء أو أولاد مثقفين
أو أولاد متوسطي الحال تلقوا دروسًا خصوصيةً خارج المعهد والفقراء منهم هم
الاستثناء الذي يؤكد القاعدة)، وكان الأجدَرَ به أن يقدّم هذه المساعدة لمَن هم في
حاجة ماسّة وأكيدة إليها، أعنِي بهم الأكثرية غير المتفوّقة التي تتعرّض إلى
صعوبات تعلّمية ولا تنتظر مساعدة إلا منه هو فقط وليس لها أحد غيره (عادة ما
يكونوا مِن أبناء الفقراء والمحتاجين الذين لا يقدرون على دفع ثمن باهظٍ مقابل
الدروس الخصوصية). التلامذة يأتون إلى المدرسة وهم غير متساوين، لكل واحد منهم إرثه الجيني
ورأسماله الثقافي العائلي ، وواجب المدرس يتمثل إذن في العدلِ بين تلامذته -العدلُ
وليس المساواةَ- وذلك بتقديم مساعدة أكبر
للأقل حظ فيهم.
Aucun commentaire:
Enregistrer un commentaire