مَن صمّم البرنامج التعليمي العمومي ؟
على
نفقات دافعي الضرائب، اشترك في تصميمه وإصلاحه وتعديله وترميمه على مدى نصف قرن
مجموعات مختلفة من أكفأ موظفي الدولة من مدرِّسين ومتفقدين ومختصين، فهو إذن ملك عمومي مشترك ولا
يحق لأحد المتاجرة به بهدف الربح المادي كما تفعل المؤسسات التربوية الخاصة الأساسية والثانوية. مَثلُ هذه
المؤسسات كمثلِ مَن يستولي دون وجه حق على مِرفق عمومي ويؤجره للغير ويضع في جيبه
ربحا ماليا ليس من حقه أو مَثَلُها كمثلِ قصة "التونسي الذي باع قطار حمام
الأنف إلى شقيق ليبي" مع احترامي لذكاء أشقائنا الليبيين. من المفروض إذن أن
تكون حقوق الملكية الأدبية محفوظة مثل ما هو معمول به اليوم في ما يخص حقوق التأليف
الفني والأدبي والرقمي (بيع برمجيات الحاسوب Les logiciels). فإذا
سبق لنا وقنّنا الحفاظ على حقوق مؤلف واحد لكتاب واحد أو مصمم واحد لبرمجية واحدة،
فكيف لا نقنن مِلكية الدولة للبرنامج التعليمي العمومي وهو أهم وأثمن وأغلى من
جميع الكتب المنشورة في تونس ؟ لقائل أن يحتج ويقول: يحق لـتلامذة التعليم الخاص
استغلال المِلك العمومي طالما أن أوليائهم التونسيين هم أيضا يدفعون الضرائب !
كلام منطقي لو كان التلاميذ هم المستفيدون أدبيا وحدهم دون هدف تجاري من وراء
استغلال البرنامج، لكن الغير منطقي هو استغلال البرنامج العمومي من قِبل مؤسسة
تجارية ربحية تونسية أو أجنبية.
ما هو المطلوب ؟
على
نفقات الدولة أيضا، شاركتُ أنا و جل زملائي في تعديل هذا البرنامج بصفة غير مباشرة
من خلال اللجان الاستشارية والدورات البيداغوجية بإشراف المتفقدين. لذلك أطالب
الدولة التونسية أن تفرِض على المؤسسات التربوية الخاصة إتاوات أو استحقاقات مالية
تدفعها للخزينة العامة زيادة عن الضرائب العادية المفروضة على المؤسسات التجارية
الأخرى. وإذا رفضت، فَعَلى الدولة أن تسحب منها البرنامج أو تفرض عليها تخفيضا
بــ50 في المائة في رسوم التسجيل والتعليم لفائدة التلامذة التونسيين أبناء دافعي
الضرائب حتى لا يصبح هؤلاء الأخيرين يشترون مِلكهم من غير مالكه بمقابل وتترك لها
حرية التصرف مع أبناء الجالية الأجنبية المقيمة في تونس شريطة أن تدفع المؤسسة الحرّة
للدولة قسطا من أرباح بيع البرنامج التعليمي العمومي إلى المستفيدين الأجانب.
اعتراض
وجيه ذكّرني به أحد أصدقائي وجلسائي (خليفة يحيا) اليوم صباحا في مقهى الويفي
بحمام الشط الغربية عندما عرضت-كعادتي-فكرتي قبل نشرها فقال لي: "تراعي
الدولة مصلحتها الثقافية الإستراتيجية قبل المالية وتحرص على توحيد البرامج في
التعليم العمومي والتعليم الخاص ضمانا للوحدة الثقافية للمجتمع التونسي."
فقلتُ له: "لو حرصتْ على المصلحتين لَما ندمتْ".
Aucun commentaire:
Enregistrer un commentaire