vendredi 1 juillet 2022

من حق أبنائنا علينا أن نضحي من أجلهم كما ضحى من أجلنا آباؤنا وأمهاتنا ! (الجزء الرابع والأخير)

 4. الحجة الرابعة: وطنية وديمقراطية وعلمية

فقرة، أريد أن تُكتب حرفيا في الدستور الجديد: تعليم ديمقراطي متساوٍ لأولاد التونسيين جميعا أغنياء وفقراء ومتوسطين، أجانب وعرب مقيمين، تعليم "قائم الهرم" وليس تعليم "مقلوب الهرم"، تعليم تكون الميزانية فيه نسبيا تصاعدية من الأساسي إلى الثانوي إلى العالي.
تعليم يضمن الحقوق التالية لكل أبناء التونسيين دون تمييز: ترسيم مجاني، أدوات مدرسية مجانية، نقل مجاني من المدرسة إلى البيت ومن البيت إلى المدرسة، وجبة يومية ساخنة صحية متوازنة ومجانية، منحة جامعية لكل طالب وليس قرضا، وتعليم أساسي وثانوي دون تفقد بيداغوجي مع تكوين أكاديمي مستمر للمدرّسين. في نهاية المرحلة الأساسية (15 سنة)، أطالب بتوجيه 70 في المائة من التلامذة إلى تعليم مهني طويل وجيد قد يفضي إلى الجامعة إذا رغب التلميذ واجتهد (مثل ما هو الحال الآن في الدولة الألمانية المصنّعة جدا) و30 في المائة فقط إلى تعليم نظري رياضي وتجريبي ينتهي بشهادة التبريز إذا كان المتخرج أستاذًا في الثانوي أو بشهادة الدكتوراه إذا كان المتخرج أستاذًا بالجامعة أو بشهادة مهندس أو بشهادة طبيب عام أو مختص أو غيرها من الشهائد العلمية المعتبرة. أطالب بتعيين مقتصد وممرض واستشاري نفسي في كل مؤسسة تربوية. أطالب بمَنحِ ميزانية تسيير محترمة للمدارس الابتدائية فورا و"تَوْ" وأطالب بتجهيز كل المدارس الابتدائية بمجموعات صحية للمعلمين والتلاميذ" تَوْ " أيضا. الآن... الآن... وليس غدا.
يوجد هذا النظام التربوي المجاني في بعض البلدان الأسكندنافية كفنلندا والنورفاج وأنا مقتنع بأن أبناءهم ليسوا أفضل من أبنائنا. نستطيع توفير كل هذا لأبنائنا لو تقشفنا قليلا، وضحينا من أجلهم كثيرا، ولو أنفقنا عليهم ما كان يُنفق على الحزب الحاكم في العهد البائد، ولو حوّلنا لفائدتهم ما سرقه بن على وحاشيته، ولو خفّضنا قليلا من تبذير المال العام في السكن الوظيفي والسيارة الخاصة والبنزين المجاني لمسؤولينا "الكبار"، ولو سرّحنا أغلبية الجيش البيروقراطي من موظفي الدولة الذين يعطلون عمل الإدارات العمومية، ولو ألغينا التفرغ للنقابيين البيروقراطيين الانتهازيين والحزبيين الموالين، ولو فتحنا وقتيا (في العطل المدرسية مثلا عندما تكون المؤسسات التربوية خالية من التلامذة والطلبة) فضاءات المؤسسات التربوية الرياضية لعموم الرياضيين مقابل مساهمة مادية محترمة في ميزانية تعليمنا العمومي.
زد على ما سبق من تبذير في غير محله-كان أولى بالأموال أن تنفق في محلها، أي في التعليم العمومي-أذكّر بما نستورده خطأ في رمضان الكريم من أطنان من البيض واللحوم والبطاطا لسد حاجات غير أساسية تبعدنا عن المقصد الحقيقي من وراء فريضة الصيام وتجلب معها من حيث لا ندري أمراض القلب والشرايين والسكري. أضيف: نستورد أيضا في الصيف والشتاء أنهارا من المشروبات الكحولية، نضعف ميزانيتنا بأيدينا وننهك صحتنا وقد تتفكك من أجلها أواصر بعض أسَرِنا. نستورد بالعملة الصعبة أنواعا فاخرة من السيارات والماكياج، نتجمل بها وننسى أن نِصف التونسيين أمييون أو شبه أميين ولن تغطي عيوبهم المساحيق، ونستورد ملايين اللترات من العطورات الغالية وننسى أن عددا كبيرا من التونسيين لا يتوفر لديهم الماء الصالح للشراب أوالاستحمام. بعض نخبتنا فاسدون راشون ومرتشون، منهم إعلاميون وصحافيون وحزبيون معارضون وموالون ومحامون وقضاة وأمنيون وتجمعيون، إداريون وسفراء ووزراء ونواب ومستشارون وولاة ومعتمدون ورؤساء بلديات وعُمَد ورؤساء شعب، لن تمنع العطورات المستوردة الغالية تسرّب رائحتهم النتنة إلى أنوفنا وأنوف العالم الحر حتى ولو استحموا بها ليلا نهارا، صباحا مساء ويو م الأحد. نشتري سيارات غير اقتصادية بمئات الملايين ولا توجد في مؤسساتنا التربوية سيارة وظيفية واحدة لخدمة أبنائنا وبناتنا وأساتذتنا في مدارسنا الابتدائية والإعدادية ومعاهدنا.
ملاحظة
كل من سيقول: "هذا خطاب مثالي... ليس في الإمكان أحسن مما كان... كن واقعيا..." وغيرها من القوالب الرجعية المتكلسة.
سأجيبه وأقول له على لسان شاعرنا العظيم، أبو القاسم الشابي:
ومن لا يحب صعود الجبال .........يعش أبدَ الدهر بين الحفر

Aucun commentaire:

Enregistrer un commentaire