samedi 30 juillet 2022

لو أصبحتُ وزيرا للتربية التونسية ولن أكون ! (جزء 1 و2)

 

 

إليكم أيها الزملاء الكرام قراراتي القابلة للنقاش والباحثة عن التفنيد قبل التنفيذ الجدي في تونس 2050 ولا أدّعي وليست مهمتي ولا في استطاعتي تقديم مشروع تربوي بديل شامل ومتكامل, إنما هي صرخة استغاثة أخلاقية ضد واقع مؤلم تلظّى بناره الأستاذ محمد كشكار لمدة 36 عاما. فهل يُعاتَبُ من صمت دهرا وصرخ ساعة في الفايسبوك ؟

1.    باب الميزانية:

قرار 1.1: يبدو لي أن الهرم التعليمي في تونس هرم مقلوب لأن الدولة تخصص الحظ الأوفر من الميزانية للتعليم الثانوي ثم الإعدادي ثم الابتدائي ولو عكستْ لأصابتْ وصححتْ الخطأ ووضعتْ الهرم على قاعدته الأساسية المتمثلة في التعليم الابتدائي.

2.    باب البيداغوجيا:

قرار 1.2: على الوزارة تطبيق الشعار الذي رفعته في مشروع مدرسة الغد منذ عام 2000 والمتمثل في اعتماد المدرسة البنائية لبياجي وفيـﭬوتسكي: يبني التلميذ معرفته بنفسه بالاحتكاك بالمحيط  وبمساعدة المدرس والأقران ويحتفظ المدرس بحرية اختيار النموذج المناسب للوضعية المناسبة من بين كل النماذج التربوية الأخرى مثل "التلقين" و"التقليد" و"المحاضرة" و"التخلي عن التدريس في القسم"(La dévolution) وترك التلميذ يتعلم بنفسه دون مساعدة ظاهرة من المدرس.

قرار 2.2: على الوزارة التخلص التدريجي من سيطرة النموذج السائد في المؤسسات التعليمية، ألا وهو  نموذج المدرسة السلوكية لواتسون وسكينر( يُلَقَّنُ التلميذ معرفةً من قِبل مدرّسٍ ولا يشرَّك في بنائها فيصبح "كالحمار يحمل أسفارا") مع احترامي الشديد للتلامذة وهذا وصفٌ وليس ثلبا والمهم هو أخذ العبرة من التشابه بينهما في حمل المعلومات دون الاستفادة منها لأن تلميذنا الحالي يكتسب معلومات  لا يستفيد  منها ولا يقدر على توظيفها في المكان المناسب في الوضعية المناسبة.

قرار 3.2: على الوزارة تطبيق بيداغوجيا المشروع منذ الابتدائي (مشروع علمي بسيط أو معقد تختاره وتنفذه مجموعة من التلامذة تحت إشراف مدرسيهم) حتى ندرب التلميذ على البحث العلمي والعمل الجماعي والمبادرة الذاتية والاعتماد على النفس والاستقلال المتدرج عن المدرس منذ الصغر.

قرار 4.2: على الوزارة التقليل من تدريس النظري المجرد في الثانوي والإكثار من تدريس بعض التطبيقات العملية في الفيزياء والكيمياء وعلوم الحياة والأرض.

قرار 5.2: إدراج تدريس الممارسات الاجتماعية المرجعية أو التقليدية (Les pratiques sociales de référence) في البرنامج الرسمي والتخفيف من سيطرة المعرفة العالمة (Le savoir savant) التي تخص العلوم الصحيحة والتجريبية مثل الرياضيات والفيزياء والكيمياء وعلوم الحياة والأرض وما ينتج عن تطبيقاتهم من تكنولوجيا. توجد المعرفة العالمة في الجامعات والمؤتمرات العلمية والمجلات العلمية المختصة. توجد الممارسات الاجتماعية التقليدية متغلغلة في المجتمع لكنها محتقرة ومتجاهلة من رجال العلم القابعين في أبراجهم العاجية والمتكبّرين على هذا النوع الأساسي من المعرفة الشعبية النفعية المباشرة. يقولون أن هذه المعرفة الاجتماعية التقليدية لا ترتقي إلى مرتبة المعرفة العالمة ونُبْلِها. نرى اليوم أن بعض الممارسات الاجتماعية مثل الرياضة بدأت تقتحم باحتشام عالم المعرفة العالمة المغلق وبدأنا نسمع ببحوث معمقة ودكاترة في الرياضة. لماذا لا ندرس نظريا وتطبيقيا كيفية إعداد بعض الأطباق الشهية التونسية كالكسكسي والطاجين ؟ لماذا لا يتعلم تلامذتنا إناثا وذكورا الخياطة والنجارة والحدادة والبناء و"البريكولاج" في التعليم العام مثل ما يفعل تلامذة فنلندا ؟ لماذا لا يتعلم تلامذتنا إناثا وذكورا السياقة في المعهد ؟ لماذا ما زلنا نصر على الفصل بين المدرسة وما يقع في المجتمع ؟ لماذا لا تكون مدرستنا مرآة للمجتمع تعكس علمه ومعرفته وتقاليده أيضا ؟

قرار6.2: على الوزارة برمجة مواضيع تعليمية تهم التلامذة التونسيين في القرن الحادي والعشرين بعد سبر آرائهم مثل تعليم التعامل مع الصورة في النت والفضائيات (Décodage de l`image) وتعليم السياقة والموضة والطب الوقائي من أمراض الشباب (لماذا يحتكِر هذه المعرفة الأطباء والإطار شبه الطبي فقط) والتربية العاطفية والنفسية والتدريب على فنون البستنة والطبخ وتربية الصغار كما كان معمولا به في تعليم السبعينيات في مادة العلوم التطبيقية في الابتدائي (Connaissances usuelles). يُنتدب لهذا النوع من التعليم العام مدرِّبون من القرية أو المدينة القريبة حسب كفاءاتهم وليس حسب شهاداتهم العلمية, يشرف عليهم مدرس خبير صاحب شهادة علمية. عمل الأم والأب خارج المنزل قد يمنعهم من   توريث صغارهم مهاراتهم المكتسبة مثل ما كان الحال قديما، حيث كان ابن النجار يصبح نجارا وابن الحداد حدادا.

قرار 7.2: تقوم الوزارة كل عام بإحصاءات لتقييم نتائج الامتحانات ونتائج التوجيه وهي إحصاءات دقيقة وموثوق بها ومتعبة ومكلفة. فلماذا لا تدرُس الوزارة نتائج الإحصاءات وتفحصها وتوظفها من أجل إصلاح التعليم ؟ أنا أدرّس علوم الحياة والأرض للسنة الأولى ثانوي (3 سنوات قبل الباكلوريا) منذ 15 سنة ولم ألاحظ أي إصلاح واضح في هذا المستوى.

قرار 8.2: على الوزارة تعريب تدريس العلوم في كل مراحل التعليم (ابتدائي وإعدادي وثانوي وجامعي) أو فرنستها أو أنـﭬلزتها تماما ولا نتركها على حالها معربة في الأساسي (ابتدائي و إعدادي) ومفرنسة في الثانوي والجامعي. يصل التلميذ إلى الثانوي حاملا مصطلحات علمية معرّبة فييصعب عليه فهم المصطلحات الفرنسية الذي يتعرض لها في الثانوي. أنا أميل لفرنسة أو أنـﭬلزة تدريس العلوم في كل مراحل التعليم من الروضة إلى الجامعة لا لضعف حسي القومي العربي وإنما لأنني أعتبر التعريب دون مراجع علمية بالعربية ودون أساتذة متكونين بالعربية ودون مجلات علمية مختصة تنشر إنتاجنا العلمي، أعتبره تفقيرا لثقافة الأستاذ والتلميذ وتجهيلا ولو دون قصد. كان الأوربيون يدرُسون العلوم عربية الإنتاج في الأندلس بالعربية ولم يروا في ذلك أي غضاضة ولا نقصا إلى أن نهضوا وأنتجوا علما ودوّنوه بلغتهم وكذلك فعلت ألمانيا في فجر نهضتها عندما عممت اللغة الفرنسية في جميع مراحل تعليمها.

قرار 9.2: على الوزارة برمجة الانتقال التدريجي من تدريس العلوم بالفرنسية إلى تدريسها باللغة الأنقليزية لِما لهذه اللغة من ثقل علمي اقتصادي ثقافي في العالم. يبدو لي أن عالم الثقافة بالأنـﭬليزية أرحب ألف مرة من عالم الفرنكوفونية الذي سجنتنا فيه الهيمنة الفرنسية لمدة قرن ونصف.

Aucun commentaire:

Enregistrer un commentaire