vendredi 8 juillet 2022

الإشكاليات العامة في التعليم ؟ (جزء 2)

 


أ. نذكّر ببعض النماذج التعلّمية المستعملة
1. التعلّم التقليدي عن طريق التلقين
يتمثل هذا النموذج في نقلٍ خطّي ومباشر للمعلومات من باثّ إلى متلق. يتصرف المتعلم كآلة يقبل ويسجل في مخه. مخ دائم الاستعداد مثل الصفحة البيضاء أو الإناء الفارغ والمعلم يخطّ في الصفحة ما يشاء ويملأ الإناء بما يريد.
2. التعلّم عن طريق العقوبة والجزاء: (Stimulus et réponse)
برز هذا النموذج في الستينات في أمريكا على أيدي العالِمين، مؤسسي المدرسة السلوكية، واتسون وسكينر. يتعامل المدرس مع التلميذ بأسلوب الإثارة ورد الفعل مثل ما يدرّب "بافلوف" كلبه، يجازيه عند الإجابة الصحيحة ويعاقبه إذا أخطأ.
3. التعلّم عن طريق البناء المعرفي الذاتي: (Le Constructivisme de Piaget)
أسس هذه المدرسة البنائية العالم السويسري بياجي. يبني المتعلّم معرفته بالتفاعل مع محيطه وبالتعبير عنه. يصوغ المدرس درسه انطلاقا من حاجيات التلميذ واهتماماته ويترك التلميذ يكتشف معرفته بنفسه بعد بحث متردد وتعبير حر وإبداع. بعد ذلك نوفر له "وضعية-مشكل" (Situation-Problème) حتى نثير داخله صراعا معرفيا (CIC : conflit intra-cognitif). المتعلم قد لا يحتفظ إلا بالمعلومات التي ينتظرها هو والتي تنضوي تحت قناعاته الشخصية والتي تجلب له اللذة (Le plaisir d`apprendre) وتمسه وتستدرجه وتريحه في موقفه (Position). قد لا يهتم المتعلم بكل المعلومات الأخرى أو يرفضها حتى ولو كانت عملية وتملك احتمالا هائلا من اليقين. التلميذ لا يرى إلا ما يريد مخه أن يرى فهو إذن لا يرى الحقيقة مباشرة بل يراها من خلال مصفاة مركبة في مخه. لا يتم اكتساب المعرفة إلا في ظروف معينة، ففي أكثر الأوقات يرفض التلميذ المعلومات الملقنة أو التي يُعاد اكتشافها أمامه بطريقة مسرحية غبية. يتعلم التلميذ بعد إفراغ المعلومات غير الملائمة وفي نفس الوقت يتملّك الملائمة. ينتج التعلّم عن سياق من التغييرات المتعددة: تغييرات في الأسئلة وفي الفكرة الأولية وفي طريقة التفكير الاعتيادية، إلخ.
4. التعلّم عن طريق البناء المعرفي الاجتماعي: (Le socio-constructivisme de Vygotsky)
أسس هذه المدرسة البنائية الاجتماعية العالِم السوفياتي فيڤوتسكي في الثلاثينات من القرن الماضي. اكتشف هذا العالم منطقة في النموّ الذهني وسمّاها "المنطقة الوشيكة للنمو الذهني" (ZPD: Zone proximale de Développement mental). يعرّفها في النقاط التالية:
- ما يقدر الطفل على إنجازه، بالتفاعل مع محيطه وبمساعدة المدرسين وبحضور أقرانه، وهو الذي يحدّد مستوى "منطقته الوشيكة لنموه".
- ما يقدر الطفل على إنجازه اليوم بمساعدة المدرّسين وبحضور أقرانه، قد يستطيع تحقيقه بمفرده غدا.
- يختلف مستوى حل المشاكل الذهنيّة الذي يصل اليه الطفل بمفرده عن مستوى حل المشاكل الذي يصل إليه مع أقرانه وتحت إشراف مدرّسيه ومساعدتهم.
5. التعلّم عن طريق التفكيك والبناء في آن: (Construction et Déconstruction de Giordan)
أضاف هذا النموذج أخيرا العالم الفرنسي المذكور عدة مرات في محاور هذا الكتاب، المدعو جيوردان. تعتمد هذه المقاربة الحديثة على تغيير نمط التفكير بالتأثير في محيط المتعلّم الذي يتفاعل مع تصوراته. ينتج التعلّم عن سيرورة من الصراع المعرفي لدى المتعلم (conflit intra-cognitif & conflit socio-cognitif)) حيث يفكك تصوراته غير العلمية القديمة ويبني مكانها تصورات علمية جديدة. يتعلم المتلقي وحده لكن ليس وحده تماما، يتعلّم مع وضد تصوراته غير العلمية، يتعلّم بالتفاعل مع محيط وثيق الصلة بتصوراته، يتعلّم عندما يكون التعليم المطروح عليه يعني شيئا بالنسبة له ويرى فيه قيمة، يتعلّم عندما تستوقفه المعطيات وتربكه وتعينه على الإبداع. ينطلق المدرس من التصورات غير العلمية للتلميذ ليبدلها بمعية التلميذ نفسه إلى تصورات علمية. تحتاج العملية التربوية إلى محيط معقد ومفارق وظاهري التناقض. يحاول المعلّم نقل شغفه بالعلم للتلميذ حتى يحضى بحبه وتقديره.
6. التعلّم عن طريق نقل مهمة التعليم من المدرس إلى التلميذ: (La Dévolution)
يستقيل المدرس مجازيا من مهمة التدريس ويسلّم لتلامذته مهمة التعلّم بأنفسهم. من المفروض أن يجلس مدرب فريق كرة على خط التماس ولا يلعب مكان لاعبيه. يحضّر المدرس جيدا الوضعية التعلّمية في المنزل ثم يعرضها عل تلامذته مع توفير المحيط الملائم ويتركهم أحرارا يبحثون عن الحل دون شرح أو توجيه هم في غنى عنه.
7. التعلّم عن طريق التقليد: (L`Imitation)
يتعلّم الولد من أمه أشياء كثيرة دون برنامج مسبق، يتعلم اللغة والأخلاق والسلوكيات. يتعلّم صبي النجار أو الحداد أو الميكانيكي المهنة من صاحبها دون تنظير أو منهجية محددة. يتعلّم الابن من والده الفلاحة أو صيد السمك بالتقليد المباشر والممارسة اليومية دون كتابة ولا قراءة.

Aucun commentaire:

Enregistrer un commentaire