dimanche 15 décembre 2024

طوفان.. طوفان.. ولا سفينة في الأفق !

 

 

Pamphlet anti-politiciens de tous bords

للأمانة الأدبية:

هذه الصرخة أسفله، صرختي أنا، صرخة مستوحاة من مقال "الطوفان والسفينة" لــنجيب محفوظ في الأهرام بتاريخ 14 ماي 1987، ص 31 من كتاب "حول العلم والعمل"، أعَدَّه للنشر فتحي العشري، الدار المصرية اللبنانية، الطبعة الأولى، 1996، 223 صفحة.

خطاب من مثقف فقير مغمور ومهمّش، موجّه إلى ممثلي السلطة في تونس قبل وبعد الثورة:

إنكم تحثونني دومًا على تصديق وعودكم وأقوالكم التي تنفثونها صباحًا مساءً في قنواتكم التي تملكونها في القطاع العام والخاص، يا مَن صمَمْتم آذانكم على صرخة المظلوم وترتعدون جزعًا لصرخة أسيادكم من الداخل والخارج، يا مَن لم يردعنّكم دينٌ أو قانون، يا تجار الأوهام الدينية و الأوهام الديمقراطية، يا أعداءَ العدالة الاجتماعية، يا أحطَّ من دود الأرض، يا طفيليات الجسم الإجبارية، يا أمرّ من الانتظار، يا قدرًا مُقدّرًا علينا من البشر، يا شؤمًا في الغداة والرواح، يا ظلمًا لم يكتبه الله لنا، يا سنّة لم يفرضها الرسول علينا، يا قمرًا أكمد لا يضيء، يا شمسًا حارقة لا تنير، يا بلاءً لا ثواب يتلوه، يا وطنًا فرَّ منه أولاده وبناته في قوارب الموت، يا زارعي الإرهاب في ربوعنا، يا مَن قتلتم الحلم في أعين صغارنا وسرقتم اللقمة والبسمة من أفواهنا، يا مَن تحالفتم مع أعدائنا وقزّمتم رموزنا ودجّنتم مثقفينا.

إني والله يائسٌ منكم تمامًا، متشائمٌ حتى الثمالة، لا ثقة لي البتة في قول أو فعل قد يصدر عنكم، ولا في رجل أو امرأة تنطق باسمكم، ولا في تاريخ أنتم أو جدودكم فيه أبطالٌ. أحقِد عليكم حقدا وجوديا، والله العظيم لو لم يحتسب الله حسنة لي غيره لدخلت فيه الجنة !

تعلمتُ واجتهدتُ ونلتُ أعلى الشهادات في أرقى الجامعات الفرنسية، ولم ألحَق بالجامعة بسبب محسوبيتكم فحولتموني من أستاذ ناجح محتمل إلى جليس مقاهي كسول مبتذل، الله لا يسامحكم ! كتبتُ عشرات الكتب بعد الاثني عشر المطبوعة على حسابي الخاص، لم يُنشَر إلا اثنان منها بسبب عدم تشجيعكم للمثقفين الأحرار. عملتُ ثماني وثلاثين سنة في مؤسساتكم وتقاعدتُ بمرتب لا يشبع ولا يُغني ولا يحقق لي العيش الكريم، عشتُ محروما من مطالب الحياة الأساسية كالصحة المجانية والسفر وشراء الكتب والمشاركة في بناء غد أفضل لي ولأبناء وطني. اقتلعتم من قلبي الأمل وسجنتموني في بلد كئيب مملوء بالزبالة واللصوص والانتهازيين من جهة، وبأصحاب المليارات العابثين والمسؤولين الفاسدين من جهة أخرى، سجنتموني في مجتمع متدين حتى النخاع لكنه في أغلبه ضعيف الإيمان عديم الضمير، مجتمع أرضعتموه الخداع والنفاق ومَن تربّى على شيء فلن يَكتسِبَ غيرَه، مجتمع ينادي بلسان كاذب بسيادة العدل والقانون علنًا، ويمارس المنكر سرًّا، مجتمع يصلي خمس مرات في اليوم ويكذب ألف مرة في نفس اليوم دون حياء، مجتمع يقول ما لا يفعل.

هذا هو حالنا نحن التونسيون اليوم ولا يُستثنى منه إلا مَن سانده الحظ بأب غني أو أم غنية أو مَن وجد في دول الغرب أو دول الخليج فرصة عمل تُغيّر موازينه، فلا تحدثوني بعد اليوم عن ديمقراطيتكم أو انتخاباتكم أو وعودكم بالأمل والفلاح فلم ولن أصدّقكم فاتركوني أقصّر مدة انتظار الأجل المحتوم بالسجائر الرخيصة المهرّبة، وإذا لم تستحوا فافعلوا ما شئتم !


 

Aucun commentaire:

Enregistrer un commentaire