نص
فراس السواح
صفحة
23:
1. تعريف وليم جيمس في كتابه "The Varieties of Religous
Experience": فالدين الذي أعنيه
هنا، هو الأحاسيس والخبرات التي تعرض للأفراد في عزلتهم، وما تقود إليه من تصرفات.
وتتعلق هذه الأحاسيس والخبرات بنوع من العلاقة، يشعر الفرد بقيامها بينه وبين ما
يعتبره إلهيا.
2. تعريف هربرت سبنسر: إن الأديان على قدر
اختلافها في عقائدها المعلنة، تتفق ضمنيا في إيمانها بأن وجود الكون هو سر يتطلب
التفسير (...) الدين هو الاعتقاد بالحضور الفائق لشيء غامض وعصي على الفهم.
3. تعريف ماكس موللر (1822-1900) الفيلسوف ومؤرخ الأديان الألماني في كتابه "نحو
علم للدين": إن الدين هو كدح من أجل تصور ما لا يمكن تصوره، وقول ما
لا يمكن التعبير عنه، إنه توق إلى الللانهائي.
صفحة
24:
4. تعريف م. رافيل في كتابه "مقدمة في تاريخ الأديان": إن الدين هو اشتراط
الحياة الإنسانية بإحساس بالاتصال بين العقل الإنساني وعقل خفي يتحكم بالكون، وما
ينجم عن ذلك من شعور بالغبطة.
5. تعريف ف. شلرماخر ( 1768 – 1834)، لا هوتي ودارس أديان: إن الدين هو شعور
باللانهائي واختبار له. وما نعنيه باللانهائي هنا، هو وحدة وتكامل العالم المدرك.
وهذه الوحدة لا تواجه الحواس كموضوع، وإنما تنبئ عن نفسها للمشاعر الداخلية.
وعندما تنتقل هذه المشاعر إلى حيز التأملات، فإنها تخلف في الذهن فكرة الله. وإن
الخيال الفردي هو الذي يسير بفكرة الله نحو المفارقة والتوحيد، أو نحو غير مشخص
للألوهة يتسم بوحدة الوجود.
صفحة
25:
6. تعريف إدوارد تيلور (1832 – 1917)، مؤسس الأنتروبولوجيا في بريطانيا، في
كتابه "Primitive Culture": الدين هو الإيمان
بكائنات روحية.
7.
تعريف جيمس فريزر (1854 –
1941)، الأنتروبولوجي البريطاني المعروف، يقدم تعريفا مكملا لتعريف تيلور: "إننا نفهم
الدين على أنه استرضاء وطلب عون قوى أعلى من الإنسان، يعتقد أنها تتحكم بالطبيعة
والحياة الإنسانية. وهذه العملية تنضوي على عنصرين، واحد نظري والآخر تطبيقي عملي.
فهناك أولا الاعتقاد بقوى عليا، يتلوه محاولات لاسترضاء هذه القوى. ولا يصح الدين
بغير توفر هذين العنصرين، ذلك أن الاعتقاد الذي لا تتلوه ممارسة هو مجرد لاهوت
فكري، أما الممارسة المجردة عن أي اعتقاد فليست من الدين في شيء.
تعليق مواطن العالَم: يبدو لي بكل تحفظ واحتراز غير
المختص في الدين الإسلامي أن العنصر الأول، مجرد لاهوت فكري، يتوفر وحيدا عند بعض خاصة
المتصوفة الذين يقولون أن الشعائر مثل الصلوات الخمس خلقت للعامة حتى يذكروا ويتذكروا الله أما نحن الخاصة فنذكره
ونتذكره دون انقطاع بين أوقات الصلوات أما العنصر الثاني، الممارسة المجردة عن أي
اعتقاد، فقد نلاحظها عند بعض عامة المسلمين الذين يمارسون الشعائر الدينية بقدر
كبير من الاحترام السطحي والانضباط الشكلي دون اعتقاد عميق بالله ودون التزام بقيم
الإسلام النبيلة ويقدسون الأولياء الصالحين فبعض عامة المسلمين إذن ليسوا من الدين
في شيء لو طبقنا عليهم معيار فريزر.
8. تعريف إميل دور كهايم، الفيلسوف وعالم الاجتماع الفرنسي (1858 – 1917)، وجه
نقدا شديدا لتعريف فريزر: يقصر فريزر الدين على الممارسات التي تتضمن توسلا
لكائنات ماورائية تسمو على الإنسان. ويرى دوركهايم أن أمثال هذا التعريف تلقى
قبولا في الغرب، بسبب مطابقتها من حيث الأساس لمفهوم الدين المسيحي (تعليق مواطن العالَم: يبدو لي بكل تحفظ واحتراز غير
المختص في الدين الإسلامي أنها مطابقة أيضا للدين الإسلامي)، ولكنها لا تنطبق على
أديان عدة واسعة الانتشار لا تدور معتقداتها حول أرواح أو آلهة من أي نوع، أو أن
هذه الكائنات لا تلعب فيها إلا دورا ثانويا جدا. فالبوذية مثلا قد شقت لنفسها
طريقا مستقلا عن البراهمانية في الهند، انطلاقا من رفض فكرة الإله، فهي نظام
أخلاقي بدون مشرع، وإيمان بدون إله. إن البوذي غير معني إطلاقا بمن خلق العالم
وكيف، وجل همه يتركز في الكدح من أجل التحرر وتخليص روحه من سلسلة التقمصات في
عالم لا يحمل إلا الألم والشقاء. وهو في كدحه هذا، لا يستعين بأي كائن ماورائي من
أي نوع، بل يعتمد على قواه الذاتية وحدها. أما الآلهة، فليست، في حال وجودها، إلا
كائنات أقدر من الإنسان على التحكم في عالم المادة، ولكنها أسيرة مثله في عالم
بائس عليها أن تخلص نفسها منه أيضا.
الدين هو نظام متسق من المعتقدات والممارسات التي تدور
حول موضوعات مقدسة يجري عزلها عن الوسط الدنيوي وتحاط بشتى أنواع التحريم. وهذه
المعتقدات والممارسات تجمع كل المؤمنين والعاملين بها في جماعة معنوية واحدة تدعى
كنيسة (...) من هنا يمكن أن نفهم لماذا تعتبر البوذية دينا رغم استبعادها للآلهة
من معتقدها، فهي عوضا عن الإيمان بإله يتمركز حوله المعتقد والطقس، فإنها تؤمن
بالحقائق النبيلة الأربع وما يتفرع عنها من ممارسات.
المصدر:
دين
الإنسان بحث في ماهية الدين و منشأ الدافع الديني، فراس السواح، دار علاء الدين
للنشر و التوزيع، الطبعة الأولى 1994 دمشق، 400 صفحة.
إمضائي
يطلب الداعية السياسي أو الفكري
من قرائه أن يصدقوه و يثقوا في خطابه أما أنا - اقتداء بالمنهج العلمي - أرجو من
قرائي الشك في كل ما أطرح من إشكاليات و أنتظر منهم النقد المفيد.
لا أقصد فرض رأيي عليكم
بالأمثلة و البراهين بل أدعوكم بكل تواضع إلى تجريب وجهة نظر أخرى
و على كل مقال سيء نرد بمقال
جيد، لا بالعنف اللفظي أو المادي.
التاريخ: حمام الشط في 13 أوت 2011.
Aucun commentaire:
Enregistrer un commentaire