1. يقولون: "بدون مجاملة" عندما يخاطب الصديقُ صديقَه.
أقول: أطرح هنا
سؤالا على محدثي و صديقي: لماذا يا صديقي لا تجاملني دون أن تنافقني ولماذا تحرمني
من كلمات رقيقة تقولها لي صدقا عوض أن تقولها نفاقا لغير الأصدقاء.
2. يقولون: "النظام أساس العمل".
أقول: بكل
تواضع، أعتبر نفسي من أكثر الناس انضباطا في عملي ووفيّا للتزاماتي وحريصا على واجباتي
ومحافظا على مواعيدي لكنني في الوقت نفسه أعادي النظام بالمفهوم المتعارف عليه لمعنى
النظام في الثقافة السائدة. النظام السائد هو نظام مركزي يسود فيه رئيس الجوقة وبقية
الموسيقيين مسلوبي الإرادة رغم مشاركتهم الفعّالة في الأداء. النظام الذي أصبو
إليه هو نظام نابع من الذات وفي تفاعل مستمر مع الذوات الأخرى دون الحاجة إلى قائد
أو تخطيط مسبق أو عوامل خارجة تسيّرنا رغما عن إرادتنا. نظام بشري ذاتي مثل النظام
السائد داخل خلية النحل لكن يتميز عن النحل بوعي البشر بما يفعلون.
3. يقولون: "خلية النحل تحكمها الملكة".
أقول: هي الملكة
الوحيدة التي تملك ولا تحكم ولا تمارس أي نوع من التسلط أو التحكم، ويا حبّذا لو
تشبّه بها المجتمع البشري، لأن تنظيم خلية النحل هو تنظيم ذاتي تقوم فيه كل نحلة
بدورها الوراثي الجزئي الغريزي البسيط دون تلقي أوامر من الملكة ودون انتظار جزاء منها.
من هذا التنظيم الغريزي الذاتي لأفعال النحل تنبثق خلية غاية في الروعة ذات تصميم
هندسي إنشائي رائع لا يقدر على تقليده أكفأ مهندس. داخل خلية النحل تسود ديمقراطية غريزية
منبثقة من تطور بيولوجي دام ملايين السنين مصحوبة بنظام محكم وتوزيع أدوار دون
منافسة واستبطان ذاتي للانضباط للقانون حر ومستقل. مجتمع يحكم نفسه بنفسه بالمعنى
الحرفي و ليس المجازي للكلمة. ديمقراطية لم يحلم بها أفلاطون ولا الفارابي في
مدينتهما الفاضلة.
4. يقولون: "لا يكون الإنسان وطنيّا إلا إذا ينحاز لقضايا
بلده العادلة".
أقول: لماذا لا
ينحاز في نفس الوقت لكل القضايا العادلة في العالم بما فيهم قضية وطنه ويصبح عندئذ
مواطن العالم. فهل هذه العالمية تكمّله وتجمّله أم تصغّره وتعيبه؟ يعيب مواطن
العالم على المواطن الوطني ضِيقَ أفقه و انغلاقه على بني وطنه وعنصريته ضد الأجانب
وإقصائه للآخر؟ فماذا يعيب يا تُرى الوطني على العالمي؟ تنغرس جذور مواطن العالم في
وطنه كما تنغرس جذور النخلة في الأرض وتنتشر فروعه في كل أوطان العالم كما تنتشر أوراق
النخلة مرتفعة سامية ومحلقة حرة في الجو العالي النظيف. مواطن العالم يحب ويعشق
أبناء وطنه كما يحب ويعشق أبناء الأوطان الأخرى دون تمييز.
5. يقولون: " لا يأتي التغيير إلا من السلطة
السياسية الحاكمة".
أقول: من أهداف الحزب الحاكم تأبيد سلطته أما أنا فمع تداول
السلطة في الدولة وفي كل المنظمات من اتحاد العمال إلى منظمة حقوق الإنسان. من
أهداف الأحزاب المعارضة تغيير السلطة التنفيذية والتشريعية أما أنا فأدافع علنا في
المقاهي والفيسبوك والمؤتمرات العلمية والنقابية وفي نادي جدل بالاتحاد الجهوي
للشغل ببنعروس عن رؤيا فلسفية مغايرة: أنا أرى أن الدولة ليست الخصم المباشر للشعب.
أرى هذا الرأي -لا تقية أو تحسّبا لبطش الحاكم- و إنما لأنني أؤمن أن السلطة لا
تنحصر في قمة الهرم بل هي مقسّمة ومجزأة ومبثوثة في المجتمع كله كما يؤكد الفيلسوف
الفرنسي "فوكو".
إمضائي:
"المثقّفُ هو
هدّامُ القناعاتِ والبداهاتِ العموميةِ" فوكو
"وإذا كانت
كلماتي لا تبلغ فهمك، فدعها إلى فجر آخر" (جبران)
تاريخ أول نشر على الفيسبوك: حمام الشط في 21
أوت 2010.
Aucun commentaire:
Enregistrer un commentaire