نص فراس السواح
الديانة الجاينية الهندية 599
ق. م-ديانة عَلمانية: تقوم
تعاليمها على الإيمان المطلق بالإنسان كسيد وحيد لنفسه، وبقدرته على تحقيق الخلاص
والانعتاق دون معونة من أية جهة علوية أو تحتية كانت. ورغم اعتقادها بوجود كائنات
متفوقة تُدعى الآلهة، إلا أن هذه الكائنات خاضعة مثل الإنسان إلى دورة السمسارا،
ولا تُرجى منها شفاعة، لأن عليها أن تخلص نفسها قبل أن تكون قادرة على تخليص
الآخرين. وفي هذا يقول مؤسسها المهاقيرا: "أيها الإنسان أنت صديق نفسك فلماذا
تبحث عن صديق خارج ذاتك؟
طريق "النيرفانا" في
الديانة البوذية الهندية-الصينية: فكرة الإله لم تكن ضرورية للطريق الذي رسمه "البوذا" (أي
المستنير) من أجل التحرر ودخول "النيرفانا" (هي حالة النفي المطلق لكل
ما نعرف، ومن غير حاجة إلى تعريف أو تقريب للأذهان بأية صيغة تتضمن المحاكاة أو
التشبيه)، فلا هي أثبِتت ولا هي نفِيت، لأن في صميم كل إثبات عقلي نوعا من النفي،
وفي صميم كل نفي نوعا من إثبات. إن ما بحث عنه "البوذا" هو نوع مختلف من
الإثبات لحقيقة شمولية واحدة تتجاوز المنطق الذهني، وتقع في ما وراء ثنائيات هذا
العالم وتقسيماته الوهمية.
حول معرفة
"براهمان"في الديانة الهندوسية: هو الذي لا تُدرِكه الأبصار.. وبه تُدرَك الأبصار.. هو الذي لا تَسمعه الآذان.. وبه تُسمَع الآذان.. هو الذي لا يوضحه كلام.. وبه يُتضح الكلام.. هو الذي لا تطاله العقول.. وبه تُعقل العقول.. هو المختلف عما نعرف.. وهو المختلف عما لا نعرف.. إنه براهمان..
أعرفه في صميم ذاتك.. ولا تعبد أيا سواه.. لا أعتقد اني أعرف عنه شيئا.. ولا أعتقد أني لا أعرف أيضا.. لا يُعقل أن يعرفه المرء..
لا يُعقل أن لا يعرفه أيضا.. من يدرك مني هذا القول.. ربما عرفه قليلا.. والحكيم الذي يلمس حضوره أنَّى توجه.
مفهوم التثليث في المسيحية: وهو الذي تجسد في يسوع ليشفع للبشر وينقذهم من عبء
الخطيئة إلى رحاب السماء، فكان الشفيع و الوسيط بين الله والناس، وليس التثليث
المسيحي في الواقع، إلا صياغة لاهوتية موفقة للجمع بين التنزيه والتشخيص، فالواحد
هو المطلق المنزه، والثلاثة هم المطلق المشخص. وعندما نقول ثلاثة في واحد، فإننا
ننطلق من أطراف الدائرة نحو مركزها. وعندما نقول واحد في ثلاثة، فإننا نصدر عن
النقطة المتلاشية في المركز نحو محيطها.
تجلي الربوبية عند المتصوفة
(الشيخ عبد الكريم الجبلي):
إن وحدة هذين التجليَيْن تظهر ذوقا لمن يناجيهم الحق، فيسمع المناجي خطابا لا يصدر
عن جهة ولا عن جارحة: "أنت خلاصة الأكوان والمقصود بالوجود والحدثان، تقرّب
إلى شهودي فقد تقرّبت إليك بوجودي، لا تبتعد فإني أنا الذي قلت ونحن أقرب إليه من
حبل الوريد. لا تتقيد باسم العبد، فلولا العبد ما كان الرب، أنت أظهرتني كما أنا
أظهرتك، فلولا عبوديتك لم تظهر لي ربوبية، أنت أوجدتني كما أنا أوجدتك، فلولا
وجودك ما كان وجودي موجودا.
تجلي الألوهة عند المتصوفة (ابن
عربي): فالحق يتجلى في
الأشياء أي يظهر فيها، فيتكاثر دون أن ينقسم. ولتقريب مفهوم التكاثر من غير انقسام،
يسوق ابن عربي مثالا بديعا مستمدا من الأعداد، فيقول أن الواحد العددي هو جوهر
الاثنين والثلاثة وسائر الأعداد، فهو يستصحبها في الظهور دون أن ينقسم، وهو في كل
عدد يحافظ على إشارة واحدة ودلالة واحدة، وهي إشارته إلى ذاته ودلالته على هذه
الذاتية. أما بقية الأعداد فلكل منها دلالتان، دلالة على نفسه ودلالة على الواحد
المندرج أو المتكرر فيه. كذلك هو شأن الحق والعالم، فالذات الإلهية إذا نظر إليها
معراة عن جميع العلاقات والنسب، لم يكن لها دلالة ولا إشارة إلا إلى نفسها، أما
العالم الذي هو كثرة من صور الوجود، فله إشارتان، إشارة إلى نفسه وإشارة إلى الذات
المندرجة في كل صورة من صوره.
المصدر: دين الإنسان بحث
في ماهية الدين و منشأ الدافع الديني، فراس السواح، دار علاء الدين للنشر والتوزيع، الطبعة الأولى 1994 دمشق، 400 صفحة.
إمضائي
يطلب الداعية السياسي أو الفكري من قرائه أن يصدقوه و
يثقوا في خطابه أما أنا -اقتداء بالمنهج العلمي- أرجو من قرائي الشك في كل ما أطرح
من إشكاليات و أنتظر منهم النقد المفيد.
لا أقصد فرض رأيي عليكم بالأمثلة والبراهين بل أدعوكم
بكل تواضع إلى تجريب وجهة نظر أخرى وعلى كل مقال سيء نرد بمقال جيد، لا
بالعنف اللفظي أو المادي.
التاريخ: حمام
الشط في 24 أوت 2011.
Aucun commentaire:
Enregistrer un commentaire