vendredi 6 novembre 2020

أفكارٌ تعارضُ السائدَ وقد تحرّكُ الراكدَ ! جزء 3. مواطن العالَم

  

1.      يقولون: "ما أُخِذ بالقوة لا يُستردُّ إلا بالقوة".

أقول: شعار عظيم وسليم ولكن أي قوة سنواجه بها إسرائيل؟ هل هي قوة الانتفاضة الفلسطينية غير المسلحة التي أربكت العدو وكبّدته خسائر في الأرواح والأموال والعتاد وفضحت إرهابه وعنصريته في العالم أجمع وكسبت تعاطفا في العالم وحتى في داخل إسرائيل نفسها؟  هل هي قوة العمليات "الاستشهادية" بمعدل عملية كل سنة؟ هل هي مقاومة حزب الله الشعبية المدججة بالصواريخ التي لم تطلق رصاصة واحدة منذ أشهر؟ أي مقاومة شعبية تحريرية هذه التي تصمت طيلة هذا الوقت ومزارع شبعا اللبنانية ما زالت ترزح تحت الاحتلال الإسرائيلي؟ هل هي المقاومة السورية المقتصرة على التنديد والشعارات والخطب الحماسية الفارغة وهي الدولة التي لم تطلق رصاصة واحدة منذ 43 عاما رغم احتلال "جولانها" ورغم عديد الاعتداءات الإسرائيلية السافرة على مفاعلها النووي التجريبي وعلى عاصمتها دمشق؟

 

أنا أعرف أن عدد المؤمنين باللاعنف، في أمة مستهدفة من الصهيونية والامبريالية الأمريكية والامبريالية الأوروبية، لا يزيد على عدد أصابع اليد الواحدة ولا تأثير يُذكر لهم على أرض الواقع العربي والإسلامي لكن يجب أن لا ننسى أن لهؤلاء العرب القلة، المؤمنين باللاعنف، سند وأسوة في غير بني جلدتهم ممن سبقوهم في استنباط أنماط المقاومة القوية غير المسلحة مثل غاندي، فيلسوف اللاعنف، الذي زعزع أركان أعتى إمبراطورية في العالم، إمبراطورية لا تغيب عنها الشمس في ذلك الوقت، أربكها بنمط من المقاومة قد يبدو بدائيا وسأسوق لكم مثالا من هذه المقاومة السلمية: دعا غاندي المواطنين الهنود إلى مقاطعة شراء الملح الذي تحتكر صنعه المصانع البريطانية في الهند وقام بمسيرته الشهيرة في 12 مارس 1930 لانتزاع استقلال الهند عن بريطانيا. وبعد ما قطع 300 كلم مشيا على الأقدام هو وأتباعه، وصل يوم 6 أفريل 1930 على شاطئ المحيط الهندي. تقدّم قليلا في الماء ثم أخذ في يديه حفنة من الملح وبهذه الحركة البسيطة في ظاهرها، العميقة في رمزيتها، شجّع غاندي مواطنيه على إنهاء احتكار توزيع الملح من قبل الاستعمار البريطاني.  المؤمنون باللاعنف لهم أسوة ثانية في مانديلا وحزبه "المؤتمر الوطني" الذي تخلى نهائيا وقبل الاستقلال عن الكفاح المسلح وباشر المقاومة السلمية التي فضحت نظام الميز العنصري ونالت تعاطف العالم شرقيه وغربيه فسقط أقوي نظام في إفريقيا كما تسقط الفاكهة الفاسدة عندما تتخلى عنها مكرهة الشجرة الأم (بريطانيا) وتتحالف ضدها العوامل الخارجية (كل الدول الشرقية والغربية بما فيها أمريكا وكل المنظمات الدولية الحكومية منها وغير الحكومية).

 

أنا أعِي بأنني أجدّف ضد التيار وضد الثقافة السائدة وضد الأنا العربي المنتفخ كالطبل لكن سلاحي الوحيد هو صدق نيتي في عرض وجهة نظري الغريبة عنكم ومن اجتهد وهو غير مختص وأصاب فله أجران وأنا يكفيني أجر واحد.

 

أنا لست داعية سياسي ولا فكري، ولا أظنّ بروحي ولا أبخل بمهجتي لإنقاذ نفس بشرية من بطش الصهيونية وشقيقتيها الامبريالية الأمريكية والامبريالية الأوروبية ولا يدخل في حساباتي دين الضحية أو لونها أو جنسها  أو موطنها، عربية أو يهودية غير صهيونية كانت أو نصرانية أو إسلامية أو بوذية أو غير مؤمنة بدين.

 

أنا مواطن بسيط و مفكر حر صادق مع نفسي، أطالب ذاتي بما أطالب به غيري في وطنه أو غير وطنه فلا تلبسوني عباءة غيري ولا تحمّلوني استسلام عباس والأنظمة العربية فأنا معارض سلمي لسياساتهم وضد تفريطهم في حقوق الفلسطينيين واللبنانيين والسوريين والأردنيين والمصريين والعراقيين والمسلمين والمسيحيين العرب واليهود العرب غير الصهيونيين.

 

خلاصة القول:  أنا لا أدّعي أنني أملك الحقيقة كاملة بل على العكس أنا أشك في رأيي قبل أن أشك في رأي الغير خاصة عندما يكون هذا الغير أمة عربية إسلامية عظيمة وغنية بثرواتها الطبيعية وتراثها وحضارتها ومساهماتها التاريخية في التقدم العلمي، أمة  تعد مليار وربع نسمة. ليس من طبعي الوثوق التام مائة بالمائة في سلامة وجهة نظري أمام قوة حجة المنطق المخالف والطاغي على الساحة الإسلامية والعربية. أنا أطرح رأيي المتواضع وفي نفس الوقت أنحني  حياء وأخفض هامتي تذلّلا لكل شهداء  الاستعمار الصهيوني والامبريالي الأمريكي والأوروبي وأقول في نفسي: أيمكن أن يكون ما أطرحه ترفا فكريا وأنا ممن لم يذوقوا ويلات الاحتلال والاستيطان وهدم المنازل وحرق الأطفال بالقنابل الفوسفورية وحصار شعب بكامله وتجويعه وحرمانه من أبسط حقوق الإنسان. وأقول في الوقت نفسه: آمنت باللاعنف شريعة، ربما لأنني لم أفقد في الحروب لا أخ ولا صديق ولا قريب ولا أصل ولا فرع. رغم كل هذا الوعي بمعاناة الآخرين المعذبين، أنا مصرّ على طرح وجهة نظري الفكرية المعاكسة  وثابت على الإيمان بمبدأ اللاعنف لكنني  منفتح على تجاربكم وآرائكم ومستعد أن أعدّل رأيي إن اكتشفت فيه خللا نظريا ولكنني لست مسؤولا عمّن سيؤوّل كلامي خطأ. في الآخر أوجّه تحية إكبار وإجلال واحترام لشهدائنا الأبرار ولمقاتلينا الصامدين في الخنادق الأمامية، فدائيين كانوا أو جنودا مرابطين أو نساء مناضلات أو شيوخا صامدين أو أطفال حجارة أبرياء.

 

2.      يقولون: "عمليات استشهادية لتحرير فلسطين".

أقول: تصنفها الحكومات الغربية في خانة الإرهاب وأنا أحتج ضد هذا التصنيف لأن هذه الحكومات هي نفسها من بدأت وخلقت الإرهاب فليس لها الحق الأخلاقي بتجميل إرهابها المتخفي وراء "الديمقراطية" ووصمِ عملياتنا الاستشهادية بالإرهاب. أما أنا، المواطن العادي المؤمن إيمانا فكريا راسخا باللاعنف، فقد أفهم أسباب عملياتنا الاستشهادية، لكن أنعتها بالعمى السياسي ولا أبارك ترويع ركّاب الطائرات المدنية الآمنين حتى ولو كانوا كلهم إسرائيليين ولا أصفّق لقتل الأطفال والمدنيين الأبرياء مهما كان السبب ومهما كانت جنسية أو دين الطفل الضحية حتى ولو كان ابن شارون أو ابن نتنياهو. قد يكون من بين المدنيين الأبرياء المستهدفين أناسا لا يتحملون مسؤولية سياسة العدو الصهيوني مثل الأطفال والطاعنين في السن والمعوّقين والمجانين والمتخلفين ذهنيا وعرب 48 في إسرائيل واليهود غير الصهاينة أبناء الذين يعيشون في القدس قبل الاحتلال.

 

إمضائي:

Gandhi Mohandas Karamchand:

-         L’ennemi ne trouvera pas chez moi une résistance physique contre laquelle il peut s’appuyer mais une résistance de l’âme qui l’aveuglera.

-         Je crois en vérité que s'il fallait absolument faire un choix entre la violence et la lâcheté,  je conseillerais la violence. (...) Mais je crois que la non-violence est infiniment supérieure à la violence.

 

تاريخ أول نشر على الفيسبوك: حمام الشط في 21 أوت 2010.


Aucun commentaire:

Enregistrer un commentaire