1. يقولون: "الإرهاب سببه
الفقر والجهل".
أقول: يبدو لي أن للإرهاب سببان: سببه الأول هو انتشار التعليم العالي العلمي
المتجاهل للقيم الإنسانية الكونية (Les connaissances scientifiques ne changent pas les
valeurs morales)
وسببه الثاني هو تفشي التعليم العالي الديني التكفيري السني والشيعي المتجاهل
لتدريس علم اجتماع الأديان والدين المقارن (اختصاص المفكر الإيراني علي شريعتي).
أبدأ بالسبب الوهمي
الأول وأحاول تفنيده دون إطالة رغم أن المسألة معقدة وتتطلب الإطالة:
- بدأ إرهاب الدولة الغربي الحديث مع بداية الاستعمار الغربي في أواخر القرن
التاسع عشر. دول غربية غنية جدا ومتطورة جدا تحتل دولا فقيرة وترهب شعوبها، ومن
أخطر هذه الدول الديمقراطية في الداخل الإرهابية في الخارج: أمريكا، دولة لقيطة
تأسست على جثث عشرة ملايين هندي من سكان أمريكا الشمالية الأصليين، ومنذ نشأتها
-من حوالي 500 سنة- شنت 200 حرب استباقية هجومية على دول ضعيفة. بريطانيا احتلت
الهند وفعلت فيها ما فعلت. فرنسا استوطنت الجزائر ظلما وقتلت مليون مواطن جزائري
أعزل. أغنى أغنياء العالم اليهود الصهاينة الغربيون أسسوا وموّلوا إرهاب الجماعات
ثم حولوه إلى أعتى إرهاب دولة في التاريخ الحديث. ولا زالت كل الدول الغربية حتى
اليوم تبيع الأسلحة المتطورة لجميع المنظمات الإرهابية الإسلامية التكفيرية
الجهادية، "تبيع القرد وتضحك على شاريه"، تزود "داعش" بالسلاح باليَمين وتدعي
محاربتها بالشِمال.
- بدأ إرهاب الدولة الإسلامي التكفيري الحديث السني
والشيعي مع بداية ازدهار البتردولار الخليجي والإيراني في سبعينات القرن العشرين.
إيران ودول عربية خليجية غنية جدا ومتخلفة جدا (غنية بثرواتها النفطية التي خلقها
الترسّب الجيولوجي عبر ملايين السنين ولم تخلقها عقول الإسلاميين التكفيريين ولا
سواعدهم) بدأت تنشر في جميع أنحاء العالم الفكر الإسلامي التكفيري السني والشيعي
(مولّد الإرهاب) وتؤسس منظمات إسلامية تكفيرية إرهابية (مثل القاعدة التي أسسها
أغنى أغنياء السعودية وهي تابعة ومموَّلة من عدة دول إسلامية عربية وأعجمية)
وتسلِح مجاهديها بسلاح أمريكي بدعوى محاربة الشيوعية.
أنهِي باقتضاب عرض السبب الوهمي الثاني:
يبدو لي أنه كلما زاد
مستوى التعليم زادت القابلية والقدرة على الاطلاع على الفكر السلفي الغزير المتطرف
(أكثر القادة الميدانيين للمنظمات أو الأحزاب الإرهابية هم من خِرّيجي العلوم
الصحيحة والتجريبية) أما الجاهل فمِن المفارقات الكبرى أن جهله قد يحميه من التفقه
في الفكر الديني التكفيري لأنه عموما لا يقرأ وإن قرأ لا يفهم لذلك يبقى طيلة
حياته التكفيرية يخدم شيوخه المتعلمين ولا يخطط ولا ينفذ العمليات الإرهابية
النوعية: مَن نفذ 11 سبتمبر؟ الراسخون في العلوم الصحيحة. مَن نفذ في تونس عمليات
رواد ووادي الليل وباردو وبن عون وأخيرا سوسة؟ طلبة ومعلمون وأساتذة. مَن أفتى؟
الراسخون في العلوم الدينية التكفيرية. ولنا أسوة في المهندس بن لادن والطبيب
الظواهري اللذان حازا وبامتياز على الصنفين من العلوم والحمد لله الذي لا يُحمد
على مكروه سواه.
2.
يقولون: "رمضان: شهر إفراط في
الاستهلاك وكسل في العمل واحتكار في السلع الغذائية وزيادة في الأسعار".
أقول: منذ أربعة عشر قرنا ونحن
نردد هذا النقد الوجيه لأفضل شهر عندنا ورغم ذلك لم يتغير سلوك المسلمين في كل
أنحاء العالم. لماذا نصرّ إذن على تغيير سلوك لا يمكن أن يتغير ولن يتغير إلا حين
نخترع سيارة تتحرك دون طاقة!
يبدو لي أنه من الأفضل لنا أن نقبل واقعنا ولا
نتمادى في جلد ذاتنا ونرضى بما فرضه الله علينا وهو أدرى منا بمصلحتنا ونكف عن
التشكي والتباكي ونحوّل نقطة ضعفنا إلى نقطة ارتكاز فانطلاق.
كيف؟
أبدأ بتشخيص الواقع:
-
رمضان شهر صيام. هذه مسلّمة دينية لا جدال فيها.
-
رمضان شهر تنخفض فيه القدرة على العمل اليدوي
والفكري. وهذه مسلّمة بيولوجية لا جدال فيها ونحن لم نخلق أجسامنا الضعيفة بل الله
هو الذي خلقها. فلماذا الكِبَرُ والعنادُ إذن؟ قد يسعف جسم الصائم هرمون
الأدرينالين في بعض حالات الضعف لكنه لن يسعفه يوميا على مدى شهر كامل.
-
رمضان شهر يزيد فيه الاستهلاك الغذائي. وهذه
مسلّمة اجتماعية لا جدال فيها.
أجتهد وأقترح وأنا واعٍ
تمام الوعي أن اجتهادي الفردي ناقص ومحدود ولن يكتمل إلا بمشاركتكم ونقدكم الهدام
لفكرتي والبنّاء للمصلحة العامة:
-
أقترح
إعلان رمضان شهر عطلة رسمي للعمال والموظفين والتلاميذ والطلبة (avec
un double salaire pour ceux du service vital)، عطلة متحولة حتى نحول تأنيب الضمير لقلة العمل في رمضان إلى
إحساس بالرضاء والاستمتاع بشهر راحة بعد عمل إحدى عشر شهرا.
- أقترح التشجيع على الادخار البنكي كامل السنة استعدادا لقدوم رمضان أو تمكين كل العمال بالفكر أو الساعد في القطاع العمومي والخاص من حقهم في مرتب إضافي
(13ème mois)
حتى يواجهوا مصاريف رمضان. في رمضان يزداد استهلاك المنتوجات
التونسية فينتعش رأس المال المحلي ومعه الاستثمار الوطني وتنقص البطالة وتقوى
المنافسة فتتعدل وتستقر بطبعها الأسعار. يتمتع الأوروبيون بشهر راحة سنويا، يخرجون
فيه للسياحة ويستمتعون ويستهلكون ويصرفون خلاله مدخرات سنة كاملة. الحمد لله أننا
نرمضن في أوطاننا ونربّح فلاحينا وتجارنا، أما المحتكرون -وهم والحمد لله قلة-
فـ"مَن غَش فليس منا"!
إمضائي:
"المثقّفُ هو
هدّامُ القناعاتِ والبداهاتِ العموميةِ" فوكو
"وإذا كانت
كلماتي لا تبلغ فهمك، فدعها إلى فجر آخر" (جبران)
تاريخ أول نشر على الفيسبوك: حمام الشط في 21
أوت 2010.
Aucun commentaire:
Enregistrer un commentaire