jeudi 30 mai 2019

هل المرأة المسلمة ناقصة عقل ودين؟ مواطن العالَم



تاريخ أول نشر على النت: حمام الشط في 11 جانفي 2013.

الحديث: "المرأة ناقصة عقل ودين".
التعليق: سأتناول هذا الحديث من الجانب العلمي وليس من الجانب الفقهي.
.
سؤال العنوان، سؤالٌ غريبٌ؟ وتزيد الغرابة غرابة عندما يُطرح السؤال من قِبل شخص يؤمن بالمساواة التامة بين المرأة والرجل في الحقوق وفي القانون وأمام القانون حتى ولو اختلفت بينهما الواجبات والواجبات بطبيعتها مختلفة حتى داخل جنس الرجال أو داخل جنس النساء.

يبدو لي أن المرأة المسلمة وفي وضعها الحالي المتردي والمتوارث عبر الأجيال هي كائن ناقص عقل ودين! نقص مكتسب نتيجة الظروف الاجتماعية التي عاشتها ولا زالت تعيشها وليس نقصا حتميا قدريا إلهيا أو نقصا متأصلا فيها جينيا وبيولوجيا.

أنا درستُ وعرفتُ واقتنعتُ أن الذكاء البشري، بغض النظر عن متغيّر الجنس، هو ذكاءٌ موروثٌ عن والدينا جينيا مائة بالمائة وفي نفس الوقت هو ذكاءٌ مُكتسبٌ اجتماعيا مائة بالمائة أيضا (Albert Jacquard)، وهذا هو موضوع أطروحتي لنيل شهادة الدكتورا في علوم التربية (Didactique de la biologie). أما اختلاف حجم ووزن المخ بين المرأة والرجل فهو ليس شيئًا ناتجا عن الاختلاف الجنسي بل لأن القاعدة العلمية تقول أن وزن المخ موازي لوزن الجسم رجلا كان أو امرأة. واختلاف وزن المخ بين الرجل والمرأة أو بين الرجل العملاق والرجل القزم لا يؤدي بالضرورة إلى تفوق الأول على الثاني في الذكاء والإدراك وإلا لَكان حوت العنبر العظيم أذكى المخلوقات لأن هذا الأخير يتمتع بمخ يزن 10كغ، وفي المقابل لا يزن المخ البشري تقريبا إلا 1،3كغ بما فيه مخ العالِم العبقري الألماني الأمريكي إينشتاين.

اختلاف وزن المخ بين المرأة والرجل لا يفسد للمساواة في الذكاء والحقوق قضية! وكما قال محمد خاتم الأنبياء صلى عليه وسلم ورددها من بعده بعشرة قرون الفيلسوف الفرنسي ديكارت، أن العقل هو الشيء الثمين الموزع بالعدل بين الناس. نحن نرث بيولوجيا وجينيا مخا بشريا متطورا مقارنة مع باقي الحيوانات، لكن هذا المخ الموروث لا يبقى على حاله جامدا بل يتأثر بيولوجيا وفيزيولوجيا بتجاربنا اليومية ومحيطنا الاجتماعي. كل هذه التجارب المكتسبة تترك بصماتها البيولوجية على الوصلات العصبية (Synapses - وعددها يصل تقريبا إلى مليون مليار وصلة عصبية تتركب وتتفكك حسب المعيش اليومي لتربط بين مائة مليار خلية عصبية في المخ البشري).
بأريحية علمية، نستطيع أن نستنتج من هذه المُسَلّمَة العلمية أن مخ المرأة وبصفة عامة لا يمر بنفس التجارب اليومية التي يمر بها مخ الرجل (المرأة: العمل داخل البيت، تقييد السفر، الحد من الحرية، نقص التعليم والتثقيف، وانعدام المساواة مع الرجل في الحقوق وفي القانون وأمام القانون - الرجل: العمل خارج البيت، السفر، الحرية، وتوفر التعليم والتثقيف)، لذلك يختلف المخ النسوي عن المخ الذكوري في تركيبته الخلوية المجهرية  وليس في تركيبته الشكلية العامة والظاهرة. لكن ومن حسن حظ المرأة عموما والمرأة المسلمة خصوصا أن البصمات البيولوجية المكتسبة على مستوى الوصلات العصبية في المخ البشري هي بصمات لا تُورَّث، فعند كل ولادة بشرية جديدة، ذكرية أو أنثوية،  يعيد المخ البشري التجربة من جديد متأثرا بالجديد من المكتسبات الحضارية التي يستفيد منها الرجال  أكثر من النساء خاصة في المجتمعات الرجولية مثل مجتمعاتنا الإسلامية.

أرجع إلى موضوعي الأصلي وأطرح السؤال من جديد: هل المرأة المسلمة ناقصة عقل ودين؟  نعم هي فعليًّا ناقصة عقل ودين لكنها ليست وحدها في هذا النقص، فالرجال الذين عاشوا نفس ظروف المرأة الاجتماعية هم أيضا ناقصو عقل ودين. نستطيع أن نستنتج من هذه المقاربة المعقدة أن أسباب النقص في العقل والدين ليست جنسية بحتة وليست بيولوجية جينية وراثية وإنما هي ناتجة عن أسباب مكتسبة غير وراثية وغير جينية وغير حتمية وقد تزول بزوال العنصرية الجنسية والحيف والظلم الاجتماعيين المسلّطين منذ آلاف السنين من قِبل الرجل المسلم على المرأة المسلمة.

أصاب الرسول ووصف واقع امرأة عصره وصفا دقيقا، وللأسف الشديد لا يزال هذا الوصف واقعيا إلى اليوم، مع الإشارة إلى أن الرسول لم يقل أن هذا الواقع النسوي المتخلف هو حتمي وأبدي. لذلك أرى أنه من واجب علماء الدنيا والدين المعاصرين الاجتهاد لتجاوز هذا النقص العقلي والديني لدى المرأة وذلك بتعليمها وتطوير عقلها وهدايتها لاستكمال دينها والدعاء لها بالصلاح. ولو كان الرسول يرى أن هذا النقص متأصل في المرأة، لَما دعانا إلى استكمال نصف ديننا من عائشة زوجته. وقياسا على التدرج القرآني الذي  لم يحرّم العبودية مرة واحدة بل شجع على تحرير العبيد، يبدو لي أن الرسول في حديثه المذكور أعلاه لا يؤسس لتأبيد وضع المرأة المتردي بل يصفه فقط وأنا متأكد أنه لم يكن يعارض طموح المرأة المسلمة إلى المساواة التامة في العقل والدين بينها وبين الرجل وبينها وبين المرأة الغربية المتعلمة.

أرجو من أصدقائي اليساريين الكرام أن لا يصنفوني بسرعة وتسرّع ضمن أعداء المرأة أو ضمن خصومها أو حتى الكارهين لها. أنا أحب وأعشق وأحترم وأجلّ وأقدر المرأة عموما ولم ولن أنسى فضل أمي الذي تجسم في حنانها وفي تربيتي ورعايتي بعد وفاة أبي وأنا طفل في سن الخامسة عشر. وأعترف بوجود نساء في حياتي، هنّ أكمل مني عقلا، وأخص بعضهن بالذكر والتبجيل والاحترام مثل  الأستاذات اللواتي تتلمذت على أيديهن في الجامعة (درّة محفوظ) والثانوي (فاطمة لخضر)، والزميلات التونسيات اللواتي عملت معهن في المجال الثقافي التطوّعي في النادي الثقافي النقابي، نادي جدل بالاتحاد الجهوي للشغل ببن عروس، مثل أستاذة الفرنسية الشاعرة العظيمة فاطمة بن فضيلة، والدكتورة الأستاذة الجامعية في الشريعة وأصول الدين حياة اليعقوبي.

أسس حزب العمال التونسي منظمة نسوية في داخله. أتساءل هنا: لو لم تكن وضعية المرأة التونسية الحالية متردية وناقصة، لَما خصها هذا الحزب اليساري بمنظمة ترعى شؤونها وتسهر على تدارك النقص المكتسب في عقلها مقارنة مع الرجل (ويا ليته فعل نفس الشيء ومن أجل نفس الهدف للرجل التونسي اليساري)، باستثناء اليساريات المتعلمات المثقفات بطبيعة الحال، وهؤلاء الأخيرات قد يشاركن في تثقيف زميلاتهن في الحزب ويثبتن لهن أن نقص العقل النسوي ليس حتمية ولا قدرا بل هو شيء مكتسب يسهل إزالته لو تحققت المساواة التامة بين الرجل والمرأة في الحقوق وفي القانون وأمام القانون أيضا، مع الإقرار بالاختلاف البيولوجي والمحافظة على الاختلاف في الواجبات مع الإشارة الهامة أن الاختلاف البيولوجي الموروث موجود أيضا بين الرجل والرجل وبين المرأة و المرأة ويجب أن لا يؤدي هذا الاختلاف البيولوجي بالضرورة إلى عدم المساواة في الحقوق أو عدم المساواة في اكتساب الذكاء واستكمال العقل والدين ومن وجهة نظر غير مختص في علوم الاجتماع ولا في علوم الدين، يبدو لي أن المساواة التامة بين المرأة والرجل لا تتنافى، لا مع العلم ولا مع الدين الإسلامي.

ملاحظة عابرة، أوردها وأمضي دون تعليق والمسكوت عنه أبلغ: ألاحظ تواجدا مكثفا للعنصر النسائي في قيادات حزب حركة النهضة ذو المرجعية الإسلامية (عشرات العضوات في المجلس التأسيسي) وفي المقابل ألاحظ نقصا واضحا وفادحا في عدد النساء في قيادات الأحزاب اليسارية الكبرى الثلاثة ذات المرجعية الماركسية اللينينية الستالينية (حزب العمال وحزب الوطد الموحد وحزب الوطد الثوري)،  مع العلم أن النهضة لم تؤسس لقيادياتها منظمة نسوية خاصة بهن داخل الحزب.


الإمضاء
"لا أحد مُجبر على التماهي مع مجتمعه. لكن إذا ما قرّر أن يفعل، في أي ظرف كان، فعليه إذن أن يتكلم بلسانه (المجتمع)، أن ينطق بمنطقه، أن يخضع لقانونه" عبد الله العروي
"المثقف لا يجيد فعل شيء على الإطلاق، اللهم، إلا الإنتاج الرمزي، وإنتاج الأفكار والكلمات. غبر أن هذه الأفكار تحتاج لما يجسدها لكي تصبح موجودة، لكي تصبح قادرة على تغيير الواقع، أي أنها تحتاج لحركات اجتماعية" جان زيغلر
"يخون المثقف وظيفته، إذا كانت هذه الأخيرة تتقوّم بالرغبة في التأثير على النفوس" ريجيس دوبريه
"ما أسهل أن نرتدي عباءة أجدادنا  وما أصعب أن تكون لنا رؤوسهم" مطاع الصفدي
يطلب الداعية السياسي أو الفكري من قرائه أن يصدقوه و يثقوا في خطابه أما أنا - اقتداءً بالمنهج العلمي - أرجو من قرائي الشك في كل ما أطرح من إشكاليات و أنتظر منهم النقد رغم أن الشكر يفرحني كأي بشر، لذلك لا يضيرني إن قرأني واحد أو ألف لكن يبقى الكاتب منعزلا إذا لم يكن له قارئ ناقد.
لا أقصد فرض رأيي عليكم بالأمثلة و البراهين بل أدعوكم بكل تواضع إلى تجريب وجهة نظر أخرى، و على كل مقال سيء نرد بمقال جيد، لا بالعنف المادي أو اللفظي أو الرمزي.







Aucun commentaire:

Enregistrer un commentaire