vendredi 31 mai 2019

هل أصبح تراثنا العربي الإسلامي كالبيت الآيل للسقوط؟ نقل وتعليق مواطن العالَم



تاريخ أول نشر على النت: حمام الشط في 24 مارس 2012.

كتاب "مخاضات الحداثة التنويرية. القطيعة الإبستمولوجية في الفكر والحياة."، هاشم صالح، دار الطليعة للطباعة والنشر، بيروت، لبنان، الطبعة الأولى 2008، 391 صفحة. استعرته من المكتبة العمومية بحمام الشط.

نص هاشم صالح:
صفحة 204: "في كتابه "مقال في المنهج"، يتحدث ديكارت عن التراث الذي تلقاه في طفولته ويشبّهه بالبيت العتيق. فعندما يكون لك بيت قديم ورثته عن آبائك وأجدادك وأصبح شائخا فإنك مضطرّ إلى أحد احتمالين: إما أن تتركه ينهار عليك، وإما أن تهدمه وتجدّده من أساسه. هذا لا يعني بالطبع أنه لا يوجد شيء صالح في هذا البيت القديم. فالواقع أن الكثير من حجارته قد لا تزال متينة ويكفي أن ننفض عنها الغبار وننحتها لكي نستخدمها في البناء الجديد".

إضافة 1 لمواطن العالَم:
وما أكثر هذا النوع المتين من الحجارة في تراثنا العربي الإسلامي، مثل:
-         العلاقة العمودية دون وساطة بين الخالق والمخلوق، آدمية الأنبياء والرسل بما فيهم محمد صلى الله عليه وسلم: قال تعالى: "وَمَا أَرْسَلْنَا قَبْلَكَ مِنَ الْمُرْسَلِينَ إِلَّا إِنَّهُمْ لَيَأْكُلُونَ الطَّعَامَ وَيَمْشُونَ فِي الْأَسْوَاقِ وَجَعَلْنَا بَعْضَكُمْ لِبَعْضٍ فِتْنَةً أَتَصْبِرُونَ وَكَانَ رَبُّكَ بَصِيرًاالرسول"، و"هل كنت إلا بشرا رسولا"، و" قُلْ إِنَّمَا أَنَا بَشَرٌ مِثْلُكُمْ يُوحَى إِلَيَّ أَنَّمَا إِلَهُكُمْ إِلَهٌ وَاحِدٌ فَمَنْ كَانَ يَرْجُو لِقَاءَ رَبِّهِ فَلْيَعْمَلْ عَمَلًا صَالِحًا وَلَا يُشْرِكْ بِعِبَادَةِ رَبِّهِ أَحَدًا"، و"وَمَا مُحَمَّدٌ إِلَّا رَسُولٌ قَدْ خَلَتْ مِنْ قَبْلِهِ الرُّسُلُ أَفَإِنْ مَاتَ أَوْ قُتِلَ انْقَلَبْتُمْ عَلَى أَعْقَابِكُمْ وَمَنْ يَنْقَلِبْ عَلَى عَقِبَيْهِ فَلَنْ يَضُرَّ اللَّهَ شَيْئًا وَسَيَجْزِي اللَّهُ الشَّاكِرِينَ".
-         حرية المعتقد واحترام الأديان الأخرى:  قال تعالى: "لا إكراه في الدين قد تبيّن الرشد من الغيّ"، و"لا نفرّق بين أحد من رسله، ونصدّقهم كلهم على ما جاؤوا به".
-         إباحة الجنس الحلال: انظر كتاب "الجنسانية في الإسلام" للفيلسوف التونسي المسلم عبد الوهاب بوحديبة.
-         تحليل (من الحلال) الشهوات الحسية من مأكل ومشرب وطِيب وزينة.
-         تقديم حفظ النفس على حفظ الدين.
-         تأجيل الحساب والجزاء والعقاب والتكفير ليوم القيامة وهو اختصاص من صفات الله وحده.
-         هداية البشر هي أيضا من صفات الله فقط: "إنك لا تهدي من أحببت ولكن الله يهدي من يشاء".
-         "إلعن المعصية و لا تلعن العاصي": قول مأثور لأن المعصية ضارّة باتفاق جميع المسلمين أما العاصي فهو بشر قد يهديه يوما ربه و يغفر له سيئاته كلها.
-         كل إنسان غير مسلم هو مسلم بالقوة أو مشروع مسلم فلا تيئسوا من رحمة ربكم ولا تضيّقوها بعد أن وسّع الله فيها سبحانه وتعالى لحكمة لا يعلمها إلا هو الحي القيوم، وسّع فيها لتشمل  عباده الضالّين: فجادلوهم بالتي هي أحسن إن كنتم حقا من المسلمين، قال تعالى: "فذكّر إنما أنت مذكّر لست عليهم بمسيطر إلا من تولى وكفر فيعذبه الله".
-         التسامح الديني في العهد العربي الإسلامي الذهبي الذي عاش تحت ظله مختلفون عن السائد (مفكرون وأدباء وشعراء ومغنون) من أمثال المعري وأبو نواس والتوحيدي ومسكويه وأبو الفرج الأصفهاني والجاحظ وعمر ابن أبي ربيعة وغيرهم كثيرون. دون أن ننسى أو نتناسى من قضى نحبه من عظماء المفكرين والكتاب جرّاء تحررهم وخروجهم عن خط السلطة السائد والظالم أمثال ابن المقفع وبشار والحلاج مع التذكير المهم أن القمع الذي وقع في تاريخ الحضارة الإسلامية لا يساوي واحدا على ألف مما عاناه وقاساه روّاد النهضة الأوروبية في القرون الوسطى من مجازر اقترفتها في حقهم الكنيسة المسيحية ومحاكم تفتيشها سيئة الذكر.
-         احترام الوالدين وإكرامهما وتبجيلهما، قِيمٌ تجلت في أروع وأرق آية في القرآن حسب رأيي المتواضع، قال تعالى: "وقضى ربك ألا تعبدوا إلا إياه وبالوالدين إحسانا إما يبلغن عندك الكبر أحدهما أو كلاهما فلا تقل لهما أف ولا تنهرهما وقل لهما قولا كريما ( 23 ) واخفض لهما جناح الذل من الرحمة وقل رب ارحمهما كما ربّياني صغيرا" وغيرها من الحجارة الكريمة التي تزيّن تراثنا، لكننا من عَمانا لا نراها أو لا نريد أن نراها بعد أن رآها أو رأى الغرب مثلها، أخذها وطبّقها أفضل تطبيق.

أرجع بكم ثانية إلى نص هاشم صالح:
"ولكن يصعب على المرء أحيانا أن يفكّك جدران البيت القديم وأساساته لأنه تعوّد عليه وآلفه، ولأنه إرث الآباء والأجداد. إنه يهابه ويحترمه وتصل مرتبته عنده إلى درجة المقدسات. فالتعلق العاطفي به قوي، ومع ذلك فلا حيلة لنا في الأمر لأنه قد ينهار من تلقاء نفسه".

إضافة 2 لمواطن العالَم:
قد ينهارالبيت من تلقاء نفسه أو تهدم البلدية البيت لمخالفته المواصفات الصحية أو البيئية أو الجمالية الحديثة, أرمز للبلدية هنا بالغرب الإمبريالي الاستعماري الغاصب الناهب والطمّاع، لم يطمع في البيت العتيق (تراثنا العربي الإسلامي الذي نَقَل ونَهَلَ منه الغرب في القرن الثالث عشر وبني نهضته الأوروبية على بعض أسسه العلمية) وإنما طمع في الأرض التي شُيّدَ عليها البيت وما تحتها وما فوقها من ثروات طبيعية كبيرة كالنفط والغاز والذهب والحديد والفسفاط.
هذا العدو الغربي الخبيث أوحى لنا بأن بيتنا شاخَ ولم يعد صالحا للسكن وأقنعنا بعلمه المنحاز أن حجارة تراثنا العربي الإسلامي أيضا لم تعد صالحة للبناء لقِدَمِها وهشاشتها وأوهمنا أنها غير قابلة للصقل وإعادة الاستعمال في البناء من جديد ثم باعنا حجارة من صنعه، حجارة غير متأقلمة مع بيئتنا ومناخنا وتراثنا وحضارتنا وثقافتنا وديننا وعاداتنا وتقاليدنا وعُرفنا وذوقنا. والنتيجة الحتمية لسياسته الماكيافيلية وغزوه الحضاري والثقافي والاقتصادي هي التالية: بأيدينا هَدَمْنا بيتنا العتيق الوحيد ورمينا حجارته في البحر بغثها وسمينها،  بهشها ومتينها.
"بارك الله فيه"، ترك لنا احتمالين لا ثالث لهما: إما نبيت في العراء، أو بعد ما كنا صناع حضارة نصبح مشردين دون بيت قارّ أو على أبواب سفاراته لتأشيرة متسولين وبمغادرة أوطاننا فرحانين بعدما حررناها بالدم والأنين، أو نشتري حجارة الغرب المغشوشة والمسمومة ذات الاستعمال الواحد ونبقى له أبد الدهر تابعين ولإملاءاته التربوية والاقتصادية والثقافية والحضارية سامعين منصتين طيّعين مطيعين منفّذين وعن تراثنا العربي الإسلامي منبتّين ولديننا الإسلامي مُعادين ولرموزنا مُحقّرين ومصغّرين ولعُمّالنا وكفاءاتنا العلمية له مصدّرين ولبذورنا الزراعية المحلية منه مستوردين ولعزائمنا بأنفسنا مُحبِطين ولأنفسنا مزدَرِين ولطموحاتنا قاتلين ولذمتنا بائعين ولأوطاننا خائنين وفي الأمانة مفرّطين ولمستقبلنا وائدين ومن قِبل العالمين منبوذين وفي نظرهم إرهابيين غير محترمين وغير مهابين وهو لأرضنا في العراق وفلسطين لَمِنَ الغاصبين!

إمضائي المختصر
لا أحد مُجبر على التماهي مع مجتمعه. لكن إذا ما قرّر أن يفعل، في أي ظرف كان، فعليه إذن أن يتكلم بلسان المجتمع، أن ينطق بمنطقه، أن يخضع لقانونه من أجل بناء أفراده الذاتي لتصورات علمية مكان تصوراتهم غير العلمية وعلى كل سلوك غير حضاري نرد بسلوك حضاري وعلى كل مقال سيء نرد بمقال جيد، لا بالعنف المادي أو اللفظي أو الرزي.
"و إذا فهمت نفسك فكأنك فهمت الناس جميعا".




Aucun commentaire:

Enregistrer un commentaire