الحرية ليست شيئا قائما في
ذاته نبحث عنه لكي نقبض عليه، بل هي شيء نمارسه ونصنعه أو ننتجه! الحرية لا تنزل
من السماء وهي ليست موجودة على الأرض لكي
نقترب منها، بل هي نِتاجٌ يُنتَجُ وصناعةٌ تُصنَعُ في المعيش اليومي.
قالها عمر بن الخطاب، رضي
الله عنه، منذ خمسة عشر قرنا "متى استعبدتم الناس وقد ولدتهم أمهاتهم
أحرارا؟"، ومع ذلك ظل المسلم يستعبد أخاه المسلم أربعة عشر قرنا بعد تاريخ القولة
(أُلغِيتْ العبودية في موريتانيا في القرن الماضي). نداء الفاروق، رحمه الله، ومع
التأكيد على رِيادته وأسبقِيته في حضارتنا العربية-الإسلامية، لم يشمل جميع البشر في ذلك العصر، وذلك لوجود العبيد في
عهده. الإسلام اكتفى بتشجيع تحرير العبيد ولم يحرّم العبودية. ومَن يطالب بتحرير
العبيد جملة وتفصيلا في ذلك الزمان كمَن يطالب بالمستحيل التفكير فيه في ذلك العهد.
صيحة عمر، هي صرخة إنسانية تكرِّم الإنسان، لا شك في ذلك، لكنها صرخةٌ جاءت قبل
أوانها بالنسبة للعبيد وفي أوانها بالنسبة للأحرار العرب وقد سبقه في ذلك بخمسة
قرون الأسياد اليونانيون في مساواة الأحرار بين بعضهم البعض.
وما وقع في الحضارة الإسلامية
من ممارسات عبودية، وقع بنفس الدرجة أو أكثر في الحضارة المسيحية فلا يحق إذن لهذه
الأخيرة أن تزايد علينا في مجال حقوق الإنسان: ملايين من الأفارقة هُجِّروا قسرا
إلى الولايات المتحدة الأمريكية، نصفهم مات في البواخر ونصفهم الآخر شيّد أمريكا.
خاض الغرب المسيحي حروبا مذهبية بين الكاتوليك والبروتستانت، حروبا تفوق دموية
حروب السنّة والشيعة عندنا. لا تعترف المسيحية بمحمد نبيا ورسولا في حين أننا نحن
نمجّد عيسى ونذكره في كل صلاة هو وأمه مريم العذراء. الغربُ قَمَعَ الأقلية
اليهودية قمعا وحشيا في ألمانيا "المحرقة" بغض النظر عن كون العدد صحيح
أو مبالغ فيه بينما عاشت هذه الأقلية بسلام نسبي في الإمبراطورية الإسلامية على
مدى قرون. أمريكا والسعودية خلقتا إرهاب القاعدة "بن لادن" ضد الاتحاد
السوفياتي، فانقلب السحر على الساحر واكتوت الاثنتان بناره بعد خروج الشيوعيين من
أفغانستان.
ثار العبيد عدة مرات وفي
أماكن مختلفة وأزمنة مختلفة، لكنهم لم ينجحوا في تحرير أنفسهم قبل الأوان ولم
ينفعهم أو يُعجّل بتحريرهم أي دين سماوي أو أرضي. حررهم تقدم البشرية وتطور وسائل
الإنتاج وليس صدفة أن يبدأ تحريرهم في أكثر الدول تقدما، الولايات المتحدة
الأمريكية. حررهم العقل البشري وساهمت مَكْنَنَة وسائل الإنتاج في عتقهم من
أغلالهم. لقد أصبحوا عبئا على صاحب الأرض فقال لهم وغصبًا عنه أو عن طواعية في بعض
الحالات: اذهبوا فأنتم "أحرارٌ". خرجوا من سجنهم الضيق إلى السجن
الكبير. خرجوا من سجن أحادي اللون إلى سجن ملوّن، فيه الأسود والأبيض والأصفر
والأحمر. كانوا يبادلون قوة عضلاتهم بالقوت اليومي فأصبحوا يبادلونها بأجر زهيد لا
يكفيهم قوت يومهم. كانوا وحدهم في العبودية فأصبح لهم إخوة كثر، عمال وفلاحون
أجراء وزادهم أخ جديد، سماه صاحب الأرض والمالك الجديد، العاطل عن العمل.
بصمتي الفكرية
علي حرب:
-
"إن نقد الحقيقة يجعلها أقل حقيقة...
ولهذا ليست الحقيقة سوى الاعتراف بحق الآخر"، "فحقيقة
الحقيقة أنها أقل حقيقة مما يدعي قول القائل".
-
"أليست ممارسة الفكر ضربا من
الانشغال بالذات والاشتغال عليها وممارستها؟".
-
"نحن لا نطرح الأفكار على
غيرنا لكي يعملوا بموجبها، أي لكي يفكروا مثلنا ويصبحوا نسخا عنا، كما يتصور مهمته
العقائدي اللاهوتي، أو كما يمارس دوره المثقف النخبوي أو المنظّر الحداثي... فالممكن والمجدي هو أن
نطرح أفكارنا على سوانا، لكي يعملوا عليها، فيتغيروا بها ويسهمون في تغييرها بقدر
ما ينجحون في استثمارها وصرفها إضافات جديدة وغنية في المعرفة و القيمة أو في
الثروة والقوة".
Jean
Paul Sartre: L’Intellectuel est une création du XIXè siècle
qui disparaîtra à la fin du XXè ou du XXXè parce
qu’il est fait pour disparaître. L’homme qui pense pour les autres, cela n’a
pas de sens. Tout homme qui est libre ne doit être commandé par personne que
par lui-même
Les
idéologies sont liberté quand elles se font, oppression quand elles sont faites
محمد كشكار:
-
كل ما يُقال لك هو نصف الحقيقة، فابحث عن النصف الآخر
بنفسك.
-
على كل سلوك غير حضاري نرد بسلوك حضاري، وعلى
كل مقال سيء نرد بمقال جيد، لا بالعنف اللفظي أو المادي.
-
أقرأ وأكتبُ وأنقلُ وأنشرُ للمتعة الفكرية وللمتعة
الفكرية فقط، لا أكثر ولا أقل، ولكن يسرّني جدا أن تحصل متعة القراءة أيضا لدى
قرّائي الكرام والسلام.
تاريخ أول نشر على النت:
حمام الشط في 4 جوان 2012.
Aucun commentaire:
Enregistrer un commentaire