التاريخ: الأحد 12 ماي 2019 من
الساعة 21:50 إلى 24.
الحضور: 38 مشارك فيهم 9
نساء.
الجهة المنظمة: بلدية حمام الشط بالشراكة مع منظمة
مية الجريبي بحمام الشط برئاسة الدكتور المهندس، الناشط الجمعياتي
والسياسي، صديقي وجاري السيد خليفة الفاهم،
"عضو المكتب التنفيذي" للحزب الجمهوري.
محاضرة بعنوان "الاقتصاد
الاجتماعي في تونس : مقاربة متجددة للتنمية" ألقاها د. بلعيد أولاد عبدالله، رئيس الشبكة التونسية للاقتصاد الاجتماعي-التضامني،
أستاذ جامعي في الاقتصاد (أهديته نسخةً من كتابي
"جمنة وفخ العولمة". قال لي أنه تواصل مباشرة مع طاهر الطاهري، رئيس
جمعية حماية واحات جمنة).
تعقيب كل من د. محمد كشكار حول
تجربة جمنة، ود. عبد الكريم السعيدي حول الكنام.
رئيسة الجلسة: تلميذتي السابقة،
شابة جميلة ورقيقة، واسمها يسرى الجبابلي.
ضيوف الشرف: عصام الشابي أمين عام الحزب
الجمهوري وصديقي د. عبد اللطيف الحناشي، أستاذ جامعي ومؤرّخٌ معروفٌ ومشهورٌ.
أ.
المحاضر الأول د. بلعيد أولاد عبدالله:
تحدث عن الاقتصاد الاجتماعي-التضامني،
وعرّف المفهوم وقال فيما قال أنه توجد في فرنسا مؤسسة اقتصاد اجتماعي-تضامني تشغّل
165 ألف عامل في مجال الأدوات الكهرو-منزلية. قال في الآخر أن رسالة الاقتصاد
الاجتماعي-التضامني ليست موجهة للفقراء فقط بل تهم الأغنياء أيضًا.
تعقيبٌ لم أقله خلال الندوة لأنه
تبادر إلى ذهني بعد انتهاء السهرة الرسمية، والتي واصلناها نقدًا (أنا وفيلسوف
حمام الشط حبيب بن حميدة والأديب الروائي - الرقيق في ساعات الصفاء - رضا بركاتي)، أو سمّه تنبيرًا إذا شئتَ، "تنبيرُ مقهى الشيحي"
وللنقد في هذه المقهى "التعيسة"
صولاتٌ وجولاتٌ ("التعيسة"، مَدْحٌ مقلوبٌ وليسَ ذَمًّا): حسب فهمي الخاص
وحسب اطلاعي النظري المحدود جدًّا مقارنة بالأستاذ، فإن منوالَ الاقتصاد الاجتماعي-التضامني في
العالَم هو منوالٌ اقتصاديٌّ منحازٌ للفقراء أو لا يكون، وفي تونس فإن الاقتصاد الاجتماعي-التضامني
"جمنيٌّ" أو لا يكون! بل أذهب في نقدي إلى أبعد من هذا، فكل العلوم
الإقتصادية-السياسية الحديثة، إنما خُلِقت لتقنينِ وتجميلِ استغلال الإنسان
للإنسان، وما خُلق هذا المنوال الإقتصادي الثالث بعد فشل الشيوعية إلا نجدةٌ ومتنفَّسٌ (Une
soupape) لتلطيفِ وأنسنةِ المنوال الاقتصادي-الرأسمالي-المتوحش-المهيمن-اللائنساني- الأوحد، المنوال
السائد في العالَم أجمع بعد سقوط الشيوعية سنة 1978 على يد زعيم أكبر حزب شيوعي في
العالم، دنڤ هساو بينڤ، أمين عام الحزب الشيوعي الصيني، الذي تصرّف كحَكَم في حلبة
ملاكمة ورفع يد الملاكم ممثل الرأسمالية المنتصر وبالضربة القاضية على منافسه الملاكم
ممثل الشيوعية المنهزم (أمين معلوف، غرق الحضارات، 2019، ص. 212). حدث كل هذا قبل الانهيار
الرسمي والمعلن للشيوعية أمام غريمتها الرأسمالية، إثر سقوط جدار برلين عام 1989. كلامي هذا يجب أن لا يُفهم على أنه تبخيسٌ
للنظرية الماركسية وتثمينٌ للنظرية الرأسمالية، بل يجب أن يُفهم كما وقع فعلاً، أي
أن الدم الرأسمالي الذي حقنه زعيم شيوعي في شرايين النظام الشيوعي العالمي المريض،
كان بمثابة الترياق السحري الذي أنشأ في الصين أكبر طبقة متوسطة تعدّ 800 مليون
نسمة (نفس المصدر، لكنني سمعتُه من
المؤلف نفسه في اليوتوب).
يشاءُ التاريخُ ما لا يشاءُ كشكارُ، وما تشاؤون إلا ما يشاءُ التاريخُ، ومَن هذا الكشكارُ؟ كلمةُ "الكشكارُ"
تعني لغويًّا "الدقيقُ الخشنُ الأسمرُ"، دقيقُ الفقراء:
الاقتصاد الاجتماعي-التضامني، سلاحٌ
اقتصاديٌّ جديدٌ في يد الرأسمالية، أرادته متنفسًا لأزمتها، تمنيتُ - والتمني
عادةً ما يُفيدُ المستحيلَ - تمنيتُ لو أن اليسارَ-العالميَّ-الاجتماعيَّ-الإنسانيَّ-التضامنيَّ-غير
الماركسيِّ (إيديولوجيتي)، تمنيتُ لو ردّ سلاحَ الرأسمالية هذا إلى نحر
الرأسمالية نفسها، وقدّمَ نقدَه الذاتيَّ لفشلِ اقتصادِه الموجهِ (Le dirigisme)، واعتمدَ
الاقتصادَ الاجتماعيَّ-التضامنيَّ منوالاً يعوّضُ منوالَ نزعِ الملكية ِالفرديةِ الحِرَفيةِ
الصغيرةِ عن طريقِ العنجهيةِ الستالينيةِ العمياءِ، ولا أظن ماركس ستالينيًّا حتى يتقلّب في قبره على جنبه الأيمن لو فعلها أحفادُه
في الفكر. أليسَ هو القائلُ: "لو قمتُ بعد
مائة عام، لَراجعتُ البيانَ الشيوعيَّ من آلِفِهِ إلى يائِهِ"، البيانُ ليس قرآنًا مقدّسًا!
يبدو لي أن جمعية حماية واحات جمنة
قد نجحتْ في تجربتها
التعاونية. نجحتْ لأنها ليست رأسماليةً كـ"الكبّ" المستثمر الذي تمّ خلعه
يوم 12 جانفي 2011، يومين فقط قبل خلع المخلوع الأكبر، وليست انتهازيةً ككورشيد،
وليست ستالينيةً كـ"الجبهة"، وليست يساريةً غير ماركسيةٍ كـكشكار، بل
كشكار هو الذي اقتدى بعبقريتها، وعدّلَ أوتارَه على مقياسِ سُلَّمِها الموسيقيِّ ونجا، نجا وربُّ الكعبةِ نجا.. نجا بنفسه من غرق سفينة الحضارة
الشيوعية، أقصرُ الحضاراتِ عمرًا في التاريخِ القديمِ والحديثِ. جمنة نجحتْ لأنها
احتفظت وبعبقرية-عفوية-شعبية ، احتفظت بفلسفة الاقتصاد الاجتماعي-التضامني: فلسفةٌ مبنيةٌ على التعاونِ
ونكرانِ الذات من أجل خدمة الصالح العام. حقيقةً، أنا أفتخرُ بانتمائي لهذه
القرية، جميلةٌ، أحبها، واسمُها جمنة. ما أحلَى اسمك يا بلادي...
ب. المُعَقِّبُ الثاني، د. عبد الكريم السعيدي، حول الكنام.
ت. المُعَقِّبُ الأول، العبد لله، حول تجربة جمنة:
للأمانة
العلمية ومن باب المنهجية، أبدأ بذكر بعض الصفات العلمية التي يجب أن تتوفر عادةً
في المحاضر، صفاتٌ جبدةٌ لكنها للأسف لا تتوفرُ في شخصي المتواضع، أنا حقًّا
متواضعٌ في تكويني، أقولُ هذًا وصفًا علميًّا وليس جلدًا لذاتي أو تجميلاً لها،
ذاتي الضعيفةُ فعلاً وليس مجازًا، أقصدُ الصفات العلميةَ التاليةَ: عالِمٌ أو باحثٌ أو أستاذٌ جامعيٌّ.
-
لستُ عالِمًا، لأن العالِمَ ينتِجُ المعرفةَ،
يكتبُ بأسلوبٍ أكاديميٍّ، وينشرُ إنتاجَه في المجلات العلمية المحكّمة. أنا ناقلٌ
أمينٌ للمعرفة ولا أكتبُ بأسلوبٍ أكاديميٍّ، ولا أنشرُ إنتاجِي، لا في المجلات
العلمية المحكّمة أو المدرجة ولا في غير المحكمةِ، نشرتُه في أربعة كُتُبٍ (2
بالفرنسية و2 بالعربية، العدل البيلانڤي!)، وما زلتُ أنشرُه في الفيسبوك وفي
مدوّنتي وفي "موقع الحوار المتمدن".. لا أكثر ولا أقل.
-
لستُ باحثًا، لأن الباحثَ عضوٌ في مخبرٍ
علميٍّ جامعيٍّ أو لا يكون، وينشرُ إنتاجَه في المجلات العلمية المحكّمة. أنا مَهوسٌ
بالعلمِ والمعرفةِ.. لا أكثر ولا أقل.
-
لستُ أستاذًا جامعيًّا، من سوء حظي، تحصّلت
على شهادة الدكتورا في سن متأخرة (55 عام) ولم يسعفني الحظ في الانتماء إلى إطار
التدريس في العالي. أنا أستاذٌ متقاعدٌ بعد 38 سنة عمل في التعليم الإعدادي والثانوي
في تونس والجزائر الشقيقة.. لا أكثر ولا أقل.
-
أنا موجودٌ خارج هذا المثلث المقدّس، مع الإشارة
إلى أن أضلاعَه الثلاثةَ المذكورةَ أعلاه قد تتوفر في شخصٍ واحد بل يجب أن تتوفر
في أي أستاذٍ جامعيٍّ، والأستاذُ الجامعيٌّ عنديَ عالِمٌ وباحثٌ في آن، أو يُرفتُ من الجامعة.. في هذه الحالة
الكشكارية، ماذا سنفعلُ بجل أساتذتنا الجامعيين الأجلاء الموقّرين يا تُرى؟ من حسنِ طالِعِهم أن كشكار ليس
وزيرًا للتعليم العالي!
-
أنا لستُ مصدرًا علميًّا موثوقًا بعلمِه -
والحمد لله الذي لا يُحمدُ على مكروهٍ سواه - لأن مصادر العلم ثلاثة لا رابع لها،
وهي: المدرّجاتُ الجامعيةُ والجلساتُ العامّةُ في المؤتمراتِ
العلميةِ والمجلاتُ العلميةُ المحكّمَةُ أو المُدْرَجَةُ (La revue “Science & Vie”
n`est pas cotée. Les revues “Nature” et “Recherche” sont cotées ).
لستُ مختصًّا
في الاقتصاد الرأسمالي ولا الشيوعي ولا التضامني، لذلك وجبً عليَّ التذكيرُ بأفْضَلُ تعريفٍ للاقتصاد الاجتماعي-التضامني، تعريفٌ سمعتُه من نوال جبّاس (مهندسة، مستشارة
وزير الفلاحة، صديقة جمنة، ناصِحَتُها، مُسانِدتُها وزائرَتُها)، سمعتُه في ورشة من ورشات مؤتمر حول الاقتصاد الاجتماعي-التضامني، مؤتمرٌ نُظِّمَ في نزل أفريكا، وهو تعريف واضح للاقتصاد
التضامني:
الاقتصاد
التضامني يرتكز على خمس مبادئ لا تنفصل، وإلا انفرط العِقد، ودون اجتماعهم الخمسة
في مؤسسة واحدة، فهي ليست مؤسسة اقتصاد تضامني:
1.
يكون الهدف من بعث
المؤسسة هدفًا اجتماعيًّا، أي مفيدًا لكل عمال وموظفي المؤسسة.
2.
استقلالية القرارات
الإدارية والمالية.
3.
ديمقراطية التسيير.
4.
أولوية الإنسان على
رأس المال، عكس ما هو سائدٌ في المنوال الاقتصادي الرأسمالي وخاصة في المتوحّش منه.
5.
ربحية محدودة . كيف يتصرف المتعاونون في الأرباح السنوية؟
-
15%
تُدّخرُ احتياطًا، لذلك صمدت مؤسسات الاقتصاد التضامني عند الأزمات أكثر من مثيلاتها في المنوال الاقتصادي
الرأسمالي.
-
45%
نعيد حقنها في الاستثمار من أجل خلق مَواطن شغل جديدة.
-
40%
سقف النسبة من الأرباح التي يحق للشركاء تقسيمها سنويًّا.
المبادئُ الأربعةُ الأولى متوفرةٌ في
تجربة جمنة والحمدُ لله، لكنها تجربةٌ خاليةٌ تمامًا من الربحية ومن تقسيم
الأرباح، أعضاءُ جمعيتنا العشرة متطوعون %100 لوجه
الله، أما عمّالُنا المائة وثلاثون فيتقاضون الأجر الأدنى ولم يطالبوا يومًا
بتقاسم الأرباح لذلك أعتبرهم هم أيضًا متطوعين بعرقهم من أجل خدمة الصالح العام.
ألم أقل لكم أن الاقتصاد الاجتماعي-التضامني جمنيٌّ أو لا يكون! حانت الساعة
الرابعة صباحًا و40 دقيقة. تصبحون على خير، عيدكم مبارَك مسبّقًا، وكل عام وأنتم
جمنة.
إمضاء مواطن العالَم:
الاستقامةِ الأخلاقيةِ التي أتبنّاها تتجاوز الاستقامةِ الأخلاقيةِ الدينية
لكنها لا تنفيها، لا تناقضها ولا تعاديها بل تكمّلها وتحميها: الأولى تُمارَس على المستوى
الفردِيِّ (La spiritualité à l`échelle individuelle)، وهي فردية أو لا تكون، وقد تتوفّر عند المتدين (Le croyant) وعند
غير المتدين (Le non-croyant)، وقد
يكتسبها الفرد من الدين (الجهاد الأكبر) أو من الفلسفة أو من الاثنين معاً كحالتي.
أما الثانية فلا تُكتسَبُ إلا من الإيمان بِدينٍ معيّنٍ، ولا تهم غير المتدينين، وهي
كالدين اجتماعية أو لا تكون (La spiritualité d`une
société ou d`un état).
الهُوية
هُويّات، أنا مواطن العالَم، كشكاري، ڤَصْرِي-شِتْوِي، حَمَادِي، جمني،
حمّام-شطي، تونسي، شمال إفريقي، أمازيغي، عربي، وطني، قومي، أُمَمِي، مسلم،
عَلماني، يساري غير ماركسي، عربي اللسان، فرنكفوني، محافظ، حداثي. كل هُوية
تُضافُ إليّ هي لشخصيتي إغناءُ، وكل هُوية تُقمَعُ فيّ هي لشخصيتي إفقارُ.
و"إذا كانت كلماتي لا تبلغُ فهمَك
فدعْها إذنْ إلى فجرٍ آخَرَ" جبران
تاريخ أول نشر على حسابي ف.ب: حمام الشط، الاثنين
13 ماي 2019.
Aucun commentaire:
Enregistrer un commentaire