jeudi 30 mai 2019

سؤال إلى المطالبين بتطبيق الشريعة الآن وليس غدًا: أيهما الأفضل، تطبيق الشريعة أو عدم تطبيقها في ظل حكامنا العرب المعاصرين؟ مواطن العالم



تاريخ أول نشر على النت: حمام الشط في 20 مارس 2012.

شاركتُ اليوم، الثلاثاء 20 مارس 2012، في مظاهرة عظيمة بآلاف التونسيين، المدنيين السلميين البسطاء المستنيرين، للمطالبة بتأسيس دولة مدنية ديمقراطية، لا دولة دينية سلفية ولا دولة عسكرية دكتاتورية وذلك بمناسبة إحياء ذكرى عيد استقلال تونس في 1956.

تصوّروا معي هول الكارثة، لو طبّق نظام "بن علي" الشريعة على التونسيين منذ 1987 (وقد فعلها في السودان زميله عمر البشير بمباركة حسن الترابي)، لو طبّق الحدود وتمادى في حكمه الظالم 23 عاما رغم معارضة الإسلاميين والعَلمانيين والشيوعيين والقوميين. فماذا سيحدث يا ترى؟ ستحدث كوارث رهيبة لن يصلحها التاريخ ولا الثورات! سوف يبدأ بقطع الرؤوس قبل قطع الأيادي. سوف يحكم بعض قضاته الظالمين المرتشين بالإعدام شنقا على الغنوشي والجبالي وديلو والبحيري وبن سالم بتهمة الخروج على الحاكم المسلم، وبالإعدام رميا بالرصاص على حمة الهمامي وزوجته راضية النصراوي ومنصف المرزوقي ونجيب الشابي ومصطفى بن جعفر بتهمة العَلمانية أو الكفر أو الإلحاد.

سوف تتهم نيابته العمومية المنحازة المناضلين القاعديين اليساريين والإسلاميين والقوميين وقد تُلبِسِهم قضية سرقة بسيطة ويحكم بعض قضاته الظالمين المرتشين بقطع أياديهم جميعا.

وفي حصيلة عهده "الإسلامي" المطبّق للشريعة، سنفقد خيرة زعمائنا ومناضلينا من اليساريين والإسلاميين والقوميين وسيصبح مناضلونا القاعديون معوقين عضويين. حصيلة ثقيلة لا ينفع فيها محاسبة أو مصالحة أو تسامح!

أثرِي مقالي ببعض ما قاله الفيلسوف الإسلامي أبو يعرب المرزوقي في هذا المضمار في برنامج الشريعة والحياة في قناة الجزيرة  وقد يصبح المعنى - عند ما أصوغه بتصرف - غير مطابق حرفيا لما قاله الأستاذ بالضبط:
-         وللشريعة في الواقع وجهان: وجه تربوي ووجه ردعي. فلو طوّرنا الوجه الأول فقد نستغني عن الوجه الثاني لأنه عندما يكبر الوازع الذاتي التربوي الأخلاقي تنقص الحاجة للوازع الخارجي الردعي. (إضافة: ما أحوجنا اليوم إلى الوجه التربوي أكثر من حاجتنا إلى الوجه الردعي وربما لن نحتاج لهذا الوجه الجزائي تماما).

-         بعد موت النبي المعصوم محمد صلى الله عليه وسلم, أصبحت الجماعة أي الأمة هي المسؤولة الوحيدة عن الشريعة. فالجماعة إذن - وليس الفقيه أو السلطان - هي التي تختار بحرية تطبيق الشريعة وهي التي تراقب التطبيق في نفس الوقت, بلغة حداثية هي الديمقراطية ودولة القانون والمؤسسات بالمعنى الغربي للكلمة وليس بالمعنى العربي المشوّه. لو احتكر الحاكم سلطة الدين وسلطة القانون فسيصبح لا محالة حاكم طاغية.

-         قد يسبّب اختلاف الشريعة مع الواقع نوعان من الانفصام لدى الإنسان: انفصام محمود وانفصام مذموم. الانفصام المحمود يرى أن الشريعة تمثل المثال المتعالي عن الواقع الذي نسعى دائما لتحقيقه مع العلم أن الشريعة لم تتحقق كاملة متكاملة في أي لحظة من تاريخ المسلمين منذ الرسالة حتى الآن ولن تتحقق لأنك ستجد دائما من يخالفها عن قصد أو عن عجز أو عن جهل أو عن كفر أو عن إلحاد أو عن مرض. أما الانفصام المذموم دينيا فيرى أن لا حاجة لنا لمثال نسعى لتحقيقه ولن نحققه فنكتفي إذن بواقعنا ونحاول تحسينه وهذه سياسة الرأسمالية الذي ينعتها "فوكوياما" خطأ بنهاية التاريخ.

-         البدو غير المتحضرين هم أبعد الناس عن الشريعة لأنهم أبعد الناس عن التمدّن وفهمهم للدين هو فهمٌ منافٍ للشريعة التي لا يرون منها إلا قطع اليد وإقامة الحد.

خاتمة:
أنهِي مقالي بطرح الإشكالية التالية: ماذا ستكون حصيلة تطبيق الشريعة في ظل حكم حزب حركة النهضة بعد الثورة؟ ربما ستكون أفظع من حصيلة تطبيقها في ظل النظام البائد، وذلك للأسباب التالية: بعد الثورة، عمت الفوضى وزاد الفقر وانتعش الجهل واستفحلت الرشوة وقل العمل وأصبح الكسل تعبيرا عن الرأي وزاد عدد القضاة الظالمين المرتشين وتحصن خارقو القانون من الأمنيين بالنقابة.
عمر بن الخطاب، رضي الله عنه، علق تطبيق الحد على السارق بسبب أقل مما أصابنا بعد الثورة، علقه كامل عام المجاعة (عام الرمادة). فإذا كان عمر بن الخطاب - المشهور بعدله - قد علق تطبيق الشريعة لمدة عام، فماذا سنفعل نحن في عهد حكامنا العرب المعاصرين والمشهورين بظلمهم؟ فهل نطالب نحن بتطبيقها أو نطالب بإرجائها إلى يوم يُبعَثون؟


إمضائي المختصر
لا أحد مُجبر على التماهي مع مجتمعه. لكن إذا ما قرّر أن يفعل، في أي ظرف كان، فعليه إذن أن يتكلم بلسان المجتمع، أن ينطق بمنطقه، أن يخضع لقانونه من أجل بناء أفراده الذاتي لتصورات علمية مكان تصوراتهم غير العلمية وعلى كل سلوك غير حضاري نرد بسلوك حضاري وعلى كل مقال سيء نرد بمقال جيد، لا بالعنف اللفظي أو المادي.


Aucun commentaire:

Enregistrer un commentaire